في البدء مجموعة صغيرة من المواطنين طالبوا بتحقيق هامش من الحرية ، طالبوا بالحد الأدنى من إصلاحات خدمية واقتصادية ، وعلى استحياء طالبوا ببعض الاصلاحات السياسية ، وأقصى أمانيهم أن يتم التحاور معهم ومشاركتهم همومهم وأوجاعهم ، تحركو بشكل عفوي يتقاسمون ذات المأساة ويجمعهم هدف العيش بسلام .
ظن النظام أن هذه المجموعة الصغيرة خارجة على القانون وأنهم مجموعة من الجرذان والارهابيين وعصابات تعبث بأمن البلد ،
وسائل الاعلام طبلت وزمرت للنظام ورأس النظام ، وبثت على منابرها الأغاني الوطنية وأعلنت التعبئة العامة على كل من سولت له نفسة بالمطالبة بحقوقه ، أمعن النظام في سياسة القمع والاعتقال والارهاب والقتل ،
المجموعة الصغير سرعان ما أصبحت مجموعات وامتلأت القلوب سخطا وكرها وحقدا على النظام ورأس النظام .
وفي كل بدايات ثورة هناك قصة أو حادثة تكون بمثابة الشرارة ، إما أن تنطفئ وإما أن تزداد اشتعالا لتحرق كل من يقترب منها .
الشعب أعلن الثورة واحتوى جذوة شرارتها وأشعلها لتنير درب الحرية القادم ، والنظام أعلن قمع الثور بإطفاء جذوتها من دماء الشعب بالقمع والاعتقال والتعذيب والقتل ، إلا أنها تزداد توهجا وتحرق كل أعداء الشعب .
لم يترك النظام أي فرصة للشعب وأغلق عليه كل المنافذ وأجبره على اتخاذ قراره الوحيد ( الثورة ) ولم يعد الحديث عن إصلاحات خدمية أو اقتصادية أو حتى سياسية ، ولم يعد الحديث عن اسقاط محافظ أو وزير أو رئيس الوزراء ، لم يعد من حديث سوى كلمة واحدة ( الثورة ) وما تعنيه من تغيير جذري للنظام بكل أركانه ،
هتف الشعب ( فليسقط النظام ) ولا بديل عن الاسقاط ، وانتشرت قصص وحكايات عن ظلم النظام وامعانه في إذلال شعبه وعن فساده وسرقة أموال الشعب وتكشفت أسماء لعصابات ومافيات تحكم الوطن ، وأيقن الشعب ان رأس النظام ما هو إلا زعيم مافيا يمتلك الأرض وما فوقها وما تحتها وأن الشعب بنظره عبيد خلقوا ليسبحوا بحمده والدعاء له بطول العمر ودوام الصحة والسعادة ،
وانتشرت قصص وحكايات عن ملاحم البطولة والاستشهاد لاسقاط النظام ولتتحول الشهادة إلى عنوان من أجل الوطن وتحرير الوطن .
حكاية ثورة ، لم تكن في البدء ثورة ، فمن مطلب خدمي إصلاحي إلى مطلب أسقاط النظام ،
من حولها إلى ثورة ؟؟؟ ومن أوقد شعلتها المستعرة في قلوب الشعب ؟؟؟ إنه النظام بكل جبروته وقسوته وبشاعته .
الثورة بدأت ولن تنتهي إلا بتحقيق أهدافها وعلى رأسها إسقاط النظام ورأس النظام ، وإن كان النظام يستميت في إطفاء جذوتها المستعرة فلن يجدي ذلك نفعا ولم يعد للشعب ما يخسره ، رغم الإمعان في القتل والتعذيب والتشريد إلا أن وقودها ما زال محركها ،
حكاية ثورة من مطلب هامشي إلى إسقاط رأس النظام ... وما بين المطلبين عظيم . هذه حكاية ثورة ...