زاد الاردن الاخباري -
أعلن مدير البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط فريد بلحاج استعداد المؤسسة المالية الدولية لدعم الاردن مالياً بلا تحفظ اذا التزمت الحكومة في برنامج عملها الذي اعلن عنه رئيس الوزراء امام مجلس النواب (بيان الثقة).
جاء ذلك في ندوة امس للاعلان عن نتائج تقريري سياسة التنمية ودراسة خيارات السياسة المالية في الاردن الذي تم اعدادهما بالتعاون بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي مع البنك الدولي.
وترسم الدراستان سياناريوهات محددة للاردن لتعديل تعرفة الكهرباء والمياه وتوجيه دعم المواد الغذائية للمستحقين اضافة الى توصيات بشأن توجيه النمو الاقتصادي لخلق فرص عمل للمواطنين.
واشار بلحاج في كلمة له افتتح فيها الندوة النقاشية ان البنك الدولي في حوار دائم وجاد مع الاردن حول التحديات الداخلية والخارجية التي يعاني منها الاقتصاد، منوهاً الى الاثار التي تركتها الازمة السورية على الاقتصاد الاردني سواء في بنيته التحتيه او التقديمات الاجتماعية واستنزاف "ملف الطاقة" لموارد الخزينة نتيجة الانقطاع المتكرر للغاز المصري.
وحدد بلحاج المعضلة الاساسية للاقتصاد الاردني حالياً بتحفيز النمو وخلق فرص العمل وتوزيع عائدات النمو على المواطنين واعادة تأهيل المؤسسات لتمكينها من خدمة المواطنين وبناء اقتصاد متين قادر على الصمود في وجه الصدمات الخارجية.
بدوره ذكر المدير التنفيذي في مجموعة البنك الدولي ميرزا حسن، ان البنك يؤمن بتأثير الازمة السورية على الاقتصاد الاردني، في ظل ضعف الموارد الاقتصادية وكثرة الاعباء والملفات. داعياً الى الواقعية في الطروحات لمعالجة المعضلة الاقتصادية الاردنية.
وقال وزير المالية الدكتور امية طوقان في مداخلة بالندوة ان اساسيات الاقتصاد الوطني لا تزال سليمة وتكمن مشكلة الاقتصاد في التطورات الاقليمية.
واعتبر وزير المالية ان المواطن لا يزال يشعر بخيبة الامل من جراء عدم التحسن في الظروف و تزايد البطالة ونقص فرص العمل لخريجي الجامعات، متوقعاً الخروج من هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة عبر ارتفاع الانفاق الرأسمالي الحكومي والبرامج الحكومية.
ودعا الوزير طوقان المجتمع الاردني الى تفهم المصاعب التي يعانيها الاقتصاد والتي تتطلب مرحلة من الزمن لمعالجتها.
*سيف: تأثير الظروف الخارجية
بدوره ذكر وزير التخطيط والتعاون الدولي د. ابراهيم سيف ان تقريري "مراجعة سياسة التنمية في الاردن" و"خيارات السياسة المالية" يأتيان في ظل ظروف استثنائية تمر بها منطقتنا نتيجة ما تشهده من تحولات وحالة من عدم الاستقرار السياسي،إضافة إلى ما تعانيه المنطقة من متوالية ظهور التحديات المرتبطة بتداعيات الأزمة المالية العالمية وأزمة الغذاء وتحديات الأمن المائي والطاقة، وتداعيات الربيع العربي، ناهيك عن أثر أزمة منطقة اليورو على الاقتصاد العالمي، وما نتج عن هذه التحديات من انخفاض او تباطؤ لمعدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ما يدفعنا كدول ومؤسسات تنموية الى الشروع باتخاذ خطوات عملية واجراءات اصلاحية على المستويين السياسي والاقتصادي والقيام بتدابير عاجلة لمواجهة الوضع المالي، والبحث عن موارد مالية كافية لتنفيذ البرامج والمشروعات التي تساعد في احتواء الآثار السلبية لهذه الأزمات والتحديات في مختلف القطاعات.
وقال سيف ان تقرير دراسة مراجعة سياسة التنمية يُظهر أن إدامة معدلات النمو وخفض معدلات البطالة لا يعد أمراً مستحيلاً، فالأردن يمتلك قاعدة قوية لرأس المال البشري، وأعداداً وافرة من المهندسين والأطباء والمحاسبين وخبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يضاف إلى ذلك عدد كبير من المغتربين من أصحاب المهارات العالية. وأدت هذه الاصلاحات إلى ظهور قطاعات ديناميكية غير تقليدية.
وأكد الوزير ان هذه المرحلة للعمل على بناء القدرات، وتشجيع روح المبادرة والابتكار، وخلق بيئة تنظيمية عصرية جاذبة للأعمال والاستثمارات ضمن إطار مؤسسي كاف ومستقر، مع اعتماد سياسات مالية جيدة لإدارة الصدمات الخارجية والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي، إضافة الى تطبيق مبادرات إنمائية غير تقليدية لمكافحة الفقر والبطالة، وتقليل الفجوة بين المحافظات والشرائح المختلفة.
واشار سيف الى اهمية تبني الاصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى تعزيز آليات السوق وتشجيع روح المبادرة والابتكار، وتوفير إطار مؤسسي كاف ومستقر لرسم السياسات وتطوير الأعمال على المدى المتوسط والطويل، والتوزيع العادل لمكتسبات التنمية لتشمل كافة شرائح المجتمع ومختلف المناطق على حد سواء، قامت الحكومة الاردنية بانشاء صندوق تنمية المحافظات، والذي يعمل على دعم الأفكار الاستثمارية الريادية، وتنشيط وتحفيز الحركة الاقتصادية في مختلف مناطق المملكة من خلال بناء قواعد انتاجية توفر المزيد من فرص العمل. إضافة إلى إنشاء صناديق رأس المال المبادر للمشروعات المبتدئة في عدد من القطاعات.
واما على مستوى الحد من الفقر وتنفيذ العديد من البرامج الهادفة الى تحسين مستوى حياة المواطنين في مختلف القطاعات وعلى مستوى المحافظات وكذلك الاطراف، فالعمل جار حالياً على الانتهاء من اعداد البرنامج التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للحد من الفقر.
واضاف الوزير سيف: نتيجة التحديات المالية والاقتصادية المختلفة التي نواجهها، والتي تراكمت في السنوات الأخيرة، بضرورة إعداد موازنة متوسطة المدى تأخذ في الاعتبار مستلزمات تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، الذي تم إعداده وبتأييد ودعم من المؤسسات المالية الدولية، وبما يؤدي إلى إزالة الاختلالات الاقتصادية والمالية، وزيادة الاستثمارات لاستعادة زخم النمو الاقتصادي، وبمسار مؤسسي واضح يعيد التوازن للمالية العامة ولميزان المدفوعات، وبما يحمي الاستقرار المالي والنقدي وصولا إلى الأهداف المرجوة. ومنها استمرار ثقة المجتمع الدولي بالاقتصاد الأردني ورفع كفاءة الاعتماد على الذات. وذلك بالتوازي مع تنفيذ سياسات الضبط المالي، وتوخي الحكومة وكافة مؤسسات القطاع العام أعلى درجات الانضباط والحصافة والمسؤولية في تقويم أوجه الإنفاق وتنفيذ بنوده. مع تعزيز منظومة النزاهة الوطنية والمساءلة والشفافية ومأسسة عملها، وآليات التعاون بينها لمعالجة مواطن الخلل، والتصدي بكل حزم وشفافية لكل شبهات وحالات فساد. الى جانب ايلاء اهمية بالغة بتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، وبما يضمن حياة كريمة للمواطن الاردني، ويقوي الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام الأمان في المجتمع والرافعة الحقيقية لإنجاح عملية الإصلاح الشامل.
وذكر سيف، ان الاردن مرشح خلال العام الحالي لتلقي مساعدات ومنح مالية تؤهله لتحقيق قفزة في حجم التدفقات النقدية تشكل رافعة للنمو.
*تغيير مستمر للحكومات
واوضح مسؤولو البنك الدولي في العرض الذي قدم حول الدراسة ان ازمة نهاية الثمانينيات كان لها اثر سلبي على الاقتصاد الاردني طوال السنوات التالية حيث ان حصة الفرد من الدخل القومي بسبب العودة بها لمستويات 1988 بعد 18 عاماً وتحديداً في 2006.
وانتقدوا ان النمو لم يكن مستداماً في الاردن وكان في بعض الاحيان بسبب قطاع العقارات، واصفين تغير الحكومات في الاردن بـ"عنق الزجاجة" المؤثر في السياسات والخطط والبرامج.
واشاروا الى ان الاقتصاد نما في بعض السنوات بنسبة 7.5 بالمئة لكن التوظيف والتشغيل كان نصف هذا المعدل. حيث ازداد عدد طلبات التوظيف لدى الحكومة الى 220 الف طلب ما يشير الى مأزق سوق العمل واقبال الاردنيين على العمل بالحكومة والابتعاد عن القطاع الخاص.
واوصوا بأن يُجرى التركيز على قطاعي الصحة والتعليم كرافعتين للتوظيف، اذ ان خبرة السنوات الماضية اكدت ان التركيز على قطاعات اقتصاد المعرفة وتكنولوجيا المعلومات والابتعاد عن القطاعات الحقيقية اسهم في تفاقم مشكلة البطالة.
*سياسات لنمو مستدام من أجل خلق فرص العمل
وجاء في تقرير "سياسات لنمو مستدام من أجل خلق فرص العمل" أن الصعوبات المتعلقة في المحافظة على معدلات نمو جيدة اعاقت سعي الاردن لاستحداث الوظائف للأردنيين بأعداد كافية، الأمر الذي ساهم بالتالي في إبقاء معدلات البطالة مرتفعةً، وخصوصاً في صفوف الشباب والنساء. حيث يعاني نحو ثلث الشباب في الفئة العمرية 15 – 24 عاماً من البطالة، كما أن نحو ثلاثة أرباع العاطلين من العمل هم من الشباب، بينما يعد 20 بالمئة تقريباً من النساء عاطلات من العمل. رغم ذلك، فإن 15 بالمئة فقط منهم يشاركون في القوى العاملة مقارنةً مع 70 بالمئة في شرق آسيا. علاوةً على ذلك، تؤثر البطالة بشكل غير تناسبي على الأشخاص المتعلمين: حيث يبلغ معدل البطالة 25 بالمئة لدى النساء من حملة الشهادات الجامعية، مقارنةً مع 15 بالمئة فقط بالنسبة للنساء اللواتي يحملن شهادة تقل عن الدبلوم.
وورد في التقرير "لا يوجد للأسف أمام الأردن خيار سوى القيام بتدابير عاجلة لمواجهة الوضع المالي. وفي الواقع، وفي ظل انخفاض معدلات النمو وارتفاع تكلفة الاقتراض علاوة الخطورة في المنطقة، فإن الأمر يستوجب القيام بخفض العجز الاولي من أجل تجنب ارتفاع الدين العام إلى مستويات خطيرة للغاية".
ويؤدي الاعتماد على المنح الخارجية إلى خلق مخاطر دائمة على السياسة المالية، حيث أن المنح الخارجية تتقلب مع أسعار النفط والتحسن الاقتصادي لدى شركاء الأردن.. وخلال الأعوام 2000 – 2008 . ولّد النمو تشغيلا صافيا قدره 2.9 بالمئة سنوياً. ومن الناحية المطلقة، تم استحداث 457 الف وظيفة. رغم ذلك، لم تنخفض معدلات البطالة سوى بشكل طفيف، من 14.9 بالمئة إلى 13.6 بالمئة. وتشير القراءة الدقيقة لهذه البيانات أن 42 بالمئة من الوظائف المستحدثة كانت في القطاع العام مقابل 58 بالمئة في القطاع الخاص. ومن بين الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص، ذهب أكثر من نصفها للعاملين الوافدين. ولم يمثل استحداث الوظائف للأردنيين في القطاع الخاص سوى 28 بالمئة من بين جميع الوظائف المستحدثة خلال الأعوام 2000 – 2008 .
*الخيارات المتاحة لإجراء تصحيح مالي فوري
وورد في الدراسة الثانية حول الخيارات المتاحة لإجراء تصحيح مالي فوري وتعزيز الوضع المالي على المدى الطويل ان التدهور الحاصل مؤخراً في المالية العامة في الأردن إجراء تصحيحات مالية عاجلة بغرض تجنب وقوع أزمة مالية اذ ان تعرفة الكهرباء على المستهلك النهائي تكلفة المحروقات البديلة عن الغاز.
وقدرت الدراسة مجموع المتأخرات الضريبية وفجوة الإيرادات، والإيرادات المهدورة، بحوالي 3.1 مليار دينار، أو نحو 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وورد في الدراسة السيناريوهات المتعلقة بإصلاح نظام تعرفة الكهرباء مع التركيز على فئة الإستهلاك المنزليّ والأسريّ اضافة لسيناريو توفير 75 بالمئة من دعم أسعار المواد الغذائية، مع إستهداف الفقراء بشكل أكثر كفاءة وفاعليّة وسيناريوهات محتملة لإصلاح قطاع المياه وتعرفات المياه.
العرب اليوم