أتاح اتحاد الجامعات العربية من خلال مجلس تدريب طلبة الجامعات العربية لممثلي حوالي تسع وثمانين جامعة من أربع عشرة دولة عربية أن يلتئم شملهم في ثغر الأردن الباسم المرابط وفي رحاب الجامعة الأردنية في العقبة.
مثّل هذا اللقاء فرصة ليقف الأشقاء على التجربة الأردنية في مواجهة تحديات الأردن التنموية والجيوسياسية، وكان للقاء في رحاب الجامعة الأم في العقبة مذاقه الخاص، في حضرة الفارس الأردني العروبي الأستاذ الدكتور خالد الكركي، سفير الأردن الدائم لدى الأمة ، فقد قدّم الدكتور الكركي لممثلي الجامعات العربية خطاباً أردنياً عروبياً إنسانياً مشتعلاً بالوعي والصدق ، توقف الأكاديميون العرب عند كل كلمة فيه إعجاباً وإكباراً وإجلالاً للأردن الكبير بقيادته وشعبه ورجالاته،حيث تحدث الكركي عن قصة الجامعة الأردنية مع العقبة، وعن الدلالات والغايات والأهداف والتطلعات، وتحدث عن العقبة \" الثغر\" الأهم من ثغور الأمة الذي لا يجوز أن يترك \" باسماً\" وفقط باسماً، وإنما فليكن صامداً قوياً يأتيه رزقه آمناً مصاناً بقيادة هاشمية فذة ومحمياً بقواتنا الباسلة المتغلغلة في حبات بره وحبيبات بحره .كعادته ألهب الكركي العقول قبل المشاعر، وأثار الوجد القومي، وترقرق الدمع تأثراًً وإعجاباً واحتراماً في عيون أبناء العروبة، حينما قدّم للأكاديميين العرب قراءة متفائلة لمستقبل الأمة ، ولمستقبل التعليم العالي في العالم العربي، وعندما توقف عند -العلل والأوجاع والمثبطات، لكنه استنهض الهمم ونادى بالاستعلاء على الواقع ومرارته، واستشرف النصر القادم لامحالة.
في الحقيقة رفعنا الرؤوس عالياً وحمدنا الله كثيراً أن قيض لنا رجالاً يحسنون تقديم هذا البلد المصابر المثابر للأمة من طراز خالد الكركي، لمسنا لدى الأشقاء احتراماً للأردن ولقيادته الهاشمية التي قادت نهضة العرب الأولى وثورتهم الكبرى، وقد شهدت العقبة فصلاً هاماً من فصول النهضة العربية الحديثة ونجاحها في مقاومة الظلم والاستبداد ونشدان الوحدة والحرية والاستقلال.
وكانت استضافة حماة العقبة والأردن رجال الجيش العربي، للوفود المشاركة في منتهى الحميمية والأريحية والثقة، فقد التئم شمل الوفود العربية في مقر قيادة القوة البحرية الملكية واستمع الأكاديميون العرب لإيجاز عن الجيش العربي السيرة والمسيرة قدمه قائد المنطقة الجنوبية العسكرية، كما استمعوا لإيجاز عن القوة البحرية الملكية قدمه قائدها فكان من الرائع أن أكدوا للأشقاء دلالات أن تحمل القوات المسلحة الأردنية اسم \" الجيش العربي \"، وقدموا صورة رائعة للمؤسسة العسكرية الأردنية بمهنيتها واحترافها وحضورها ومكانتها ودورها في صناعة المعجزة التنموية الأردنية ،وكان من الجميل التأكيد على العلاقات الاستراتيجية التي تربط جيشنا العربي بعدد كبير من الجيوش العربية الشقيقة مع انفتاحه الواثق على العالم وتحمّله لأعباء الدور الإنساني ضمن قوات حفظ السلام عبر العالم.
في الحقيقة كان يوماً أردنياً بهيّاً أطل فيه الأشقاء على المنجز الأردني في التعليم العالي والتنمية الشاملة، وشكلت هذه المناسبة فرصة لي للوقوف إجلالاً لفكرة إنشاء الجامعة الأردنية في العقبة، بوصفها قصة نجاح حقيقية تجسد الأرادة الأردنية الصلبة في مجابهة التحديات وتحقيق المنجزات، وأذكر حديث د. خالد الكركي في افتتاحه مهرجان الاتحاد الثقافي للجامعات الأردنية في نيسان من العام الماضي عن الجامعة الأردنية في العقبة بوصفها حقيقة قائمة لا محالة وأن الطلبة سيجلسون على مقاعد الدراسة فيها في مطلع العام الجامعي في نهاية أيلول، وهذا ما تحقق فعلاً بفضل الإسناد الملكي السامي لهذه الفكرة الرائدة التي ستضع العقبة ليس فقط على خارطة السياحة ولكن على خارطة الإبداع، وستساهم في صياغة نهضة حقيقية للعقبة وللجنوب ، وإعطاء بعد تنموي جديد للعقبة ومحيطها لا يجوز إغفاله أو التغافل عنه ونحن نتحدث عن العقبة كمنطقة اقتصادية خاصة ، فالاقتصاد العالمي اليوم هو اقتصاد معرفي ، للعلم والمعرفة الدور الأساسي في تشييده وحيويته وتقدمه، ولشد ما كانت دهشتنا لفخامة وعبقرية الأداء في الحرم الجامعي في العقبة، فحدثت النفس بأن الحلم يصبح بعزم الرجال حقيقة وحقيقة رائعة أيضاً، وهذا هو قدر الأردن القبض على جمر الأمل ومواصلة العمل والبناء والانجاز؛فهنيئاً للعقبة أن أصبحت على موعد مع الحياة، وأن رمالها ستنثر معرفة وعلماً وإبداعاً وصموداً في وجه كل الأفاعي وهذا أهم بكثير من الذهب!!
Bassam_btoush@yahoo.com