زاد الاردن الاخباري -
أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أهمية العمل وبكل جدية لمواجهة التحديات الاقتصادية وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل، باعتبار ذلك مسؤولية وطنية على الجميع أن يتحملها في القطاعين العام والخاص.
وشدد جلالته، خلال ترؤسه اليوم الأربعاء، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، اجتماعا لبحث سبل تجاوز المعيقات التي تعترض قطاع الأعمال والاستثمارات في المملكة، على أن "القطاع الخاص هو أحد الأعمدة الرئيسة لاقتصادنا، ودوره جوهري في توفير فرص عمل لأبنائنا، وعلى الحكومة مواصلة دعم هذا القطاع".
ودعا جلالة الملك إلى العمل بقوة للخروج بآلية واضحة لتحسين بيئة الأعمال وتسهيل الاستثمارات ومتابعة سير عملها.
وأشار جلالته إلى الفجوة بين القوانين المتعلقة بالاستثمار وآلية التنفيذ على أرض الواقع، الأمر الذي أثر سلبا على بيئة الأعمال، وأدى، كما قال جلالته، إلى تراجع القدرة على جذب الاستثمارات، التي تعد أهم مصدر لتوفير فرص العمل للأردنيين، وتحقيق النمو الاقتصادي.
ولفت جلالته، في هذا الصدد، إلى حقيقة تراجع مؤشرات المملكة في التقارير الدولية التي ترصد بيئة الأعمال والاستثمار، مؤكدا أن هذا الأمر يتطلب من الجميع العمل على تحسين بيئة الاستثمار والاهتمام في مواجهة التحديات والمعيقات التي تواجهها.
وأشار جلالة الملك خلال اللقاء إلى عدد من المشروعات الاستثمارية التي تعطل تنفيذها خلال الأعوام الماضية بسبب المعيقات الإجرائية، ما فوت الفرصة في أحد المشروعات على توفير نحو 700 فرصة عمل للأردنيين، "ما يعني أن 700 عائلة حرمت من مصدر دخل ثابت"، لافتا جلالته إلى وجود مشروعات استثمارية أخرى معطلة توفر في حال تنفيذها الآلاف من فرص العمل للشباب الأردني.
وأكد جلالته خلال اللقاء ضرورة تفعيل النافذة الاستثمارية الموحدة، وتكثيف الجهود للتغلب على ضعف التنسيق والمتابعة بين الدوائر المعنية والازدواجية في اتخاذ القرارات.
وقال جلالة الملك إن الحكومات أنجزت نوافذ استثمارية عديدة على مدى السنوات الماضية، لكنها لم تكن مفعلة بشكل كامل، "وهذا امر غير مقبول".
ووجه جلالة الملك الحكومة إلى مساعدة القطاع الخاص لتجاوز المعيقات التي تواجهه كونه الشريك الأساس في عملية الإصلاح الاقتصادي، التي تعد المفتاح للتصدي ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة.
وأشار جلالته في مداخلة إلى ضرورة تكثيف الاهتمام لإقامة شراكات بين المستثمرين الأردنيين والأجانب، والاستفادة من المناطق التنموية وموقع العقبة كبوابة للنفاذ إلى الأسواق الإفريقية ودول الشرق الأوسط.
بدوره، قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور خلال اللقاء إن موضوع الثقة بالحكومة والوضع السياسي في المنطقة، لم يلفت انتباه الحكومة عن الموضوع الأساسي وهو الوضع الاقتصادي الذي يعد أهم مصادر القلق لدى المواطنين، مؤكدا أن الحكومة تعمل على تحسين البيئة التشريعية الداعمة للنشاط الاقتصادي.
وأضاف أن الحكومة أحالت قانون الاستثمار إلى مجلس النواب لمعالجة الاختلالات وتجاوز روتين العمل، ومنح الإعفاءات بشكل تلقائي وتوفير مظلة للنشاط الاستثماري وتفعيل النافذة الاستثمارية.
ودعا الدكتور النسور المستثمرين ورجال الأعمال إلى إبداء ملاحظاتهم حول القانون وتمكين مجلس النواب من الإسراع في مناقشته وإنجازه، وإقرار قانون الموازنة العامة لعام 2013 حتى تتمكن الحكومة من البناء عليها في إعداد موازنة العام المقبل، ومراعاة التغيرات التي حصلت فيها.
وشدد على ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية والتدريب، وإعادة النظر في المناهج المتعلقة بذلك في مراكز التدريب والكليات والجامعات على السواء.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن المملكة بدأت تشهد حركة إيجابية للسيولة "بعد أن عانينا من تراجع حجم السيولة في العام الماضي"، وهو ما أثر سلبا على الاستثمار.
وقال ان "السيولة النقدية في العام الحالي جاءت بمستوى أفضل نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة".
وأشار إلى وجود بطء في إجراءات الترخيص للمشروعات الصناعية والاستثمارية، قائلا: "هذا يجب أن لا يكون".
واكد رئيس الوزراء ان الحكومة ستعمل على تعزيز التواصل بشكل مستمر مع الموظفين التنفيذيين في الميدان لمعالجة هذا الامر.
من جانبه، أكد وزير الصناعة والتجارة والتموين، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور حاتم الحلواني، أن كثيرا من النقاط التي أثارها المستثمرون "موجودة في الواقع"، مشيرا إلى أن قانون الاستثمار السابق استنفذ أهدافه، وأن القانون الحالي الموجود لدى مجلس النواب سيعالج هذه النقاط.
وقال إن هناك الكثير من الإنجازات التي تحققت في السنوات العشرة الماضية، منها نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 22 مليار دينار مقابل 6 مليارات دينار، وارتفاع مستوى الدخل الفردي إلى 3050 دينارا مقارنه مع 1250 دينارا، وارتفاع قيمة الصادرات اكثر من خمسة أضعاف إلى حوالي 5 مليارات دينار.
وأشار إلى أن الحكومة عملت على إعداد مسودة قانون الاستثمار ورفعه إلى مجلس النواب لمعالجة كل المعوقات، راعت فيه منح الإعفاءات للمستثمرين بصورة تلقائية وتوحيد مرجعيات الاستثمار تحت مظلة هيئة الاستثمار.
ولفت إلى أن مشروع القانون اختصر إجراءات تسجيل المشروعات الاستثمارية وحددها في شهر واحد، بحيث إذا لم تصدر الرخصة في فترة الشهر يعد المشروع مرخصا تلقائيا.
وأكد وزير المالية الدكتور أمية طوقان أن المشكلات التي يعاني منها المستثمرون والمتصلة بالإعفاءات الجمركية والضريبية تمت معالجتها في مشروع قانون الاستثمار الجديد الذي لازال الباب مفتوحا لسماع ملاحظات القطاع الخاص حوله.
ولفت إلى برنامج التصحيح الاقتصادي ومدته ثلاث سنوات ودوره في تحقيق الاستقرار على المستوى الاقتصادي الكلي، وأن هناك مؤشرات إيجابية تتصل في الضمانات الأميركية لإصدار سندات اليورو بوند والدفعات المتبقية من قرض صندوق النقد الدولي والتي دعمت جميعها المؤشرات المالية في الربع الأول من العام الحالي.
وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير السياحة والآثار الدكتور إبراهيم سيف أن الحكومة تدرك تراجع الأردن في المؤشرات الدولية "وهناك بعض الإجراءات البيروقراطية التي تعيق، لكن هناك إجراءات ستتخذ لتحديد مواطن الإعاقة وتحسين البيئة الاستثمارية".
وقال ان الحكومة تتواصل بشكل مباشر مع القطاع الخاص للتعامل مع إشكالية بطء الإجراءات وتحديد المواقع التي يحدث فيها اختناقات ومتابعتها لحين إقرار قانون الاستثمار الجديد.
وأشار إلى ان برنامج الاستثمار الممول من دول الخليج العربي لمدة 3 سنوات، وأنه لأول مرة منذ عقد سترى البرامج التنموية طريقها إلى التنفيذ لأنه محصور في المشروعات الاستثمارية التي تأخذ صفة الاستراتيجية.
وشدد الدكتور سيف على أهمية عنصر الوقت والإسراع في علمية الإنفاق ضمن هذه المشروعات لضمان تحقيق أهدافها والوصول إلى النمو المنشود.
من جانبهم، عرض ممثلو القطاع الخاص الذين شاركوا في الاجتماع، أمام جلالة الملك، أبرز المشكلات والمعيقات التي تواجه الاستثمارات في المملكة، مؤكدين أهمية إيجاد حلول لها لتمكين مجتمع الأعمال من القيام بدوره كشريك فاعل في تحقيق التنمية الاقتصادية والتصدي لمشكلتي الفقر والبطالة.
وتطرقوا إلى صعوبة الإجراءات المتخذة لترخيص المشروعات الاستثمارية وعدم توفر خدمات البنية التحتية، من كهرباء ومياه وطرق، لاسيما في المناطق خارج تنظيم المدن، وتعقيد الإجراءات المتعلقة بالإعفاءات الاستثمارية، والفجوة بين القوانين وتنفيذها على أرض الواقع، وعدم توفر مصادر مستدامة للتمويل طويل الأمد والحاجة إلى إعادة النظر في مشروعات التدريب على المستوى الوطني.
ودعوا إلى تفعيل "التشاركية" بين القطاعين العام والخاص في جذب الاستثمارات، والبناء على الجهود التي يبذلها جلالة الملك في إبراز الأردن كوجهة استثمارية متميزة.
وفي نهاية اللقاء، شدد جلالة الملك على ضرورة أن تعمل الحكومة ومجلس الأعيان ومجلس النواب ومؤسسات القطاع الخاص بتشاركية ومؤسسية لتطوير بيئة الاستثمار، وتحسين وضع الأردن وترتيبه في التقارير الدولية التي ترصد بيئة الأعمال والاستثمار.
وحضر الاجتماع رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة، ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري، ووزير الداخلية وزير الشؤون البلدية حسين هزاع المجالي، ووزير الصناعة والتجارة والتموين وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور حاتم الحلواني، ووزير المالية الدكتور أمية طوقان، ووزير التخطيط والتعاون الدولي وزير السياحة والآثار الدكتور إبراهيم سيف، وعضو اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأعيان ميشيل نزال، ورئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب الدكتور موفق الضمور، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور جواد العناني، ورئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، ورئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي، ورئيس غرفة صناعة الأردن المهندس أيمن حتاتت، والمستثمر في القطاع السياحي مدير مشروع روتانا العبدلي نائل حشوة والمستثمر باسم اسعد.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قال الدكتور الحلواني ان الاجتماع كان مهما جدا حظينا فيه بتوجيهات ملكية سامية بإزالة كل العوائق أمام المستثمرين، كون الاستثمار يعد حجر الأساس في دفع عجلة النمو الاقتصادي وبالتالي إيجاد وظائف لأبنائنا.
وأكد أن جلالة الملك وجه إلى الإسراع في إنجاز قانون الاستثمار الجديد الذي سيعالج المشكلات التي يعاني منها المستثمرون حاليا، ومزاياه المتمثلة في تلقائية الإعفاءات والنافذة الاستثمارية التي يجب أن تستكمل إجراءات التسجيل في شهر واحد، وتوحيد الجهات المعنية بالاستثمار تحت مظلة هيئة الاستثمار.
ونوه الحلواني إلى أن قانون الاستثمار سيكون نقلة نوعية تزيل العوائق كافة التي تواجه المستثمرين، خصوصا فيما يتعلق بالبلديات والبيئة، و"سنتعاون مع مجلس النواب لإقراره قريبا".
من جهته قال رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب الدكتور موفق الضمور إن اللقاء مع جلالة الملك كان مثمرا لتطوير بيئة استثمارية فاعلة في المملكة.
ولفت إلى دور مجلس النواب كعامل مساعد في سن القوانين الناظمة، مؤكدا أن اللجنة ستعطي مشروعي قانوني الاستثمار وضريبة الدخل أولوية وصفة استعجال في المناقشة ضمن أعمالها.
وقال ان مجلس النواب يقوم، إلى جانب دوره التشريعي، بالرقابة على كامل منظومة الاستثمار وتفعيل قوانينها ومتابعة تنفيذها، منوها إلى القوانين التي أقرها المجلس في تجفيف منابع الفساد ما يعطي حافزا وثقة للمستثمرين للاستثمار في المملكة.
وبين أن المجلس يتواصل يوميا مع المستثمرين ورجال الأعمال لمحاولة تفهم المشكلات التي يواجهونها، ويحاول تذليل الصعاب التي تعترضهم مع الأجهزة الحكومية.
وقال مدير عام الشركة الدولية لصناعة كربونات الكاليسيوم باسم اسعد "لقد طرحنا أمام جلالة الملك كل المشكلات والمعيقات التي تواجه المستثمرين في المملكة والتي تتمثل في البيروقراطية، والالتباس لدى المستثمرين في تحديد الجهة المعنية في حل المشكلات التي تواجهنا".
وأكد ان جلالة الملك كان متفهما للمشكلات كافة، ووجه أصحاب القرار لإزالة العقبات التي تواجه المستثمرين، وذلك من خلال تعديل قانون الاستثمار ليصبح واضحا للمستثمر.
ولفت إلى أن النافذة الواحدة غير فاعلة كون ممثلي الوزارات لا يتمكنون من اتخاذ قرارات إلا بالرجوع إلى مرجعياتهم المتعددة، وهو ما يؤدي إلى طول إجراءات العمل المتعلقة بالنشاط الاستثماري.
بترا