زاد الاردن الاخباري -
"احترق الكيبل الذي يوصل التيار الكهربائي إلى المنزل، ما أدى الى انقطاع التيار فذهبت الى مكتب الشركة في الشونة الجنوبية لإيجاد حل للمشكلة الا ان الأمور تعقدت كثيرا"، تروي ام محمد معاناتها مع شركة الكهرباء، موضحة ان موظف الشركة طالبها بدفع العشر فواتير المتراكمة عليها وثمن الكيبل وهو الامر الذي لا تستطيع الوفاء به في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها.
ام محمد تمثل شريحة كبيرة تزيد على 70 % من أهالي الأغوار ممن يتقاضون رواتب متدنية أو رواتب المعونة الوطنية والذين لا يستطيعون سداد فواتير الكهرباء الشهرية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.
وتشير ام محمد التي تعمل في احدى شركات الخدمات ان الراتب لا يكاد يكفي لتلبية حاجات العائلة الرئيسة من مأكل ومشرب وملابس للأطفال وأجور مواصلات وإثمان علاج وما الى ذلك من المتطلبات، التي لا يمكن الاستغناء عنها لأي عائلة، متسائلة كيف نستطيع مع كل ذلك ان نسدد فواتير الكهرباء او الماء؟ خاصة وان الأوضاع في فصل الصيف تنقلب الى جحيم لا يطاق مع ارتفاع درجات الحرارة .
وتوضح ان أي شخص لا يستطيع الجلوس تحت سقف المنزل دون مكيف هواء، قائلة "اذا شغلنا المراوح وأجهزة التكييف فاننا نحتاج الى ضعف الراتب لتسديد الفواتير التي ستترتب علينا"، داعية المسؤولين وصناع القرار الى قضاء احد ايام الصيف في احد منازل المواطنين بالاغوار كي يشعروا بمعاناة أهالي المنطقة.
ويشاركها الرأي احمد العدوان الذي يؤكد ان معظم المواطنين من أصحاب الدخل المحدود والمتدني لا يستطيعون دفع الفواتير المترتبة عليهم لعدم قدرتهم على ذلك، ما يدفعهم الى احد أمرين، إما أن يموت وأطفاله من شدة الحرارة، أو أن يصبح مطلوبا للجهات القضائية لعدم دفعه الفواتير، مضيفا ان معظم المواطنين لم يستطيعوا التأقلم مع هذا الوضع ما دفعهم الى اللجوء الى حل ثالث وهو سرقة التيار الكهربائي من الشبكات.
ويلفت العدوان الى ان الوضع الحالي سيئ جدا مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، حيث تبدأ معاناة المواطنين وشركة الكهرباء على حد سواء، وستزيد معاناتهما اذا ما قامت الحكومة برفع أسعار الكهرباء، مبينا ان لجوء الحكومة الى سد عجز الموازنة من خلال رفع أسعار الكهرباء سيكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير، وسيؤدي إلى مزيد من الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وتآكل دخول الطبقة الوسطى وإجبارها على تخطي خط الفقر.
مراقبون يرون ان رفع اسعار الكهرباء سيزيد من حجم الاستجرار غير المشروع للتيار الكهربائي في مناطق وادي الاردن، لافتين الى ان نسبة الفاقد التي تبلغ حاليا حوالي 70 % مرشحة للارتفاع بشكل كبير كما ان نسبة التحصيل ستنخفض بشكل أكبر مع ارتفاع الفواتير على المواطنين الامر الذي سيخلق مشاكل عديدة للشركة.
مواطنون اكدوا انهم ومنذ عشرات السنين وهم يطالبون الحكومة بتخفيض اسعار الكهرباء المنزلية في مناطق الأغوار، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، والذي يزيد فيه الطلب على التيار الكهربائي، مستهجنين التوجه الحكومي لرفع اسعار الكهرباء خاصة على هذه المنطقة بالذات، لما يواجهه سكانها من صعوبات جمة لا يمكن العيش معها دون وجود التيار الكهربائي .
ويذكر المواطنون ان تراجع القطاع الزراعي اثر بشكل كبير على مقدرة ساكني الوادي على الوفاء بالتزاماتهم المادية الضرورية كاثمان الماء والكهرباء، فضلا عن اعباء الحياة الصعبة والتي وضعتهم امام خيارات صعبة إما هجران المنطقة او اللجوء الى السرقة لمواجهة هذا الوضع المتأزم.
من جانبه، اكد مدير مكتب كهرباء الشونة الجنوبية المهندس محمد الريالات ان الذمم المترتبة على المواطنين لغاية شهر كانون الأول (يناير) من العام 2012 بلغت حوالي 2.330 مليون دينار في حين بلغ عدد الفواتير غير المسددة 36.5 الف فاتورة، موضحا ان نسبة الفاقد في المنطقة بلغت حدودا غير معقولة حيث وصل الفاقد في بعض المناطق الى 80 % من كمية التيار المزود للمشتركين الذين يبلغ عددهم 8500 مشترك .
ويشير الريالات إلى أن هذا الفاقد الهائل يعود لاسباب عدة منها عدم تمكن المواطنين في بعض المناطق من الحصول على اذونات اشغال كون منازلهم مبنية على أراضي الخزينة، والسبب الاهم يبقى الاعتداء على الشبكات لسرقة التيار الكهربائي بطرق غير مشروعة، لافتا ان هذه الاعتداءات التي غالبا ما تتم بطرق غير سليمة سواء باستخدام الملاعق والوصلات التي لا تراعي شروط السلامة العامة تتسبب بزيادة الاحمال على الشبكات والحمولات وبالتالي الضعف والانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي عن المواطنين، عدا عن حوادث الصعق الكهربائي التي اودت بحياة العديد من المواطنين.
وفي ظل غياب الاجراءات الرادعة بحق المعتدين طالب الريالات المواطنين بالمحافظة على ممتلكات الشركة وعدم العبث بالمحولات والشبكات من اجل المحافظة على سلامتهم وسلامة ممتلكاتهم وضمان استمرارية تزويدهم بالتيار الكهربائي دون انقطاع، مبينا ان عدد القضايا المسجلة لدى المحاكم بحق مواطنين بلغت 778 قضية يبلغ مجموع مطالباتها حوالي 1.5 مليون دينار.
ويقر مصدر مسؤول في شركة الكهرباء انه وبالنظر لطبيعة منطقة وادي الاردن الجغرافية والاقتصادية فان اثمان الكهرباء تعتبر مرتفعة ومكلفة جدا للمواطنين، مشيرا الى ان المواطنين لا يستطيعون العيش دون استخدام المكيفات في فصل الصيف، واذا اراد أي مواطن استخدام هذه المكيفات فانه سيضطر الى دفع كامل دخله الشهري ثمنا للكهرباء، ما يضطرهم الى اللجوء الى سرقة التيار الكهربائي من الشبكات .
وبين المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، ان قرار رفع الاسعار اذا ما اتخذ فانه سيزيد من معاناة المواطنين في المنطقة وسيضاعف من مشاكل الشركة، من خلال ارتفاع نسب الاعتداء على الشبكات، ونسبة الفاقد وبالتالي سيحد من قدرة الشركة على تقديم الخدمات للمواطنين، مشددا على ضرورة توجه الحكومة للبحث عن بدائل فعالة لاستخدام الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية، خاصة وانه يمكن الاستفادة من اشعة الشمس في مناطق وادي الاردن طوال ايام العام ما سيوفر على المواطن وعلى خزينة الدولة في آن واحد.
ولفت المصدر الى ان مشروع فلس الريف الذي يقوم بايصال التيار الكهربائي للمناطق الواقعة خارج حدود التنظيم يكلف خزينة الدولة مبالغ طائلة ويزيد من عبء شركات الكهرباء، واذا ما تم استثمار هذه المبالغ في اقامة مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فان ذلك سيوفر على الخزينة وسيزود المواطنين بالكهرباء باسعار مناسبة، مبينا انه يمكن الان اقامة مشاريع طاقة بديلة للمنازل بكلفة تتراوح ما بين 2500 الى 4 الاف دينار كافية لتزويد المنزل بحوالي 90 % من حاجته للطاقة وسيتمكن المواطن من تغطية الكلف خلال اربع سنوات فقط.
وتختم أم محمد حديثها متسائلة "اذا لم أتمكن من دفع المبلغ المطلوب لشركة الكهرباء فماذا سيحصل لي ولأطفالي تحت سقف ملتهب ونحن لا نجد حتى الماء البارد لنشربه".
الغد