كنت وما زلت وسأبقى إن شاء الله من أشد المطالبين بحق المعلمين في نقابة لهم، وكتبت في ذلك عشرات المقالات، ولا أؤمن بحجج الحكومات بعدم دستوريتها، لأن الحكومات تتخوف من تسييس النقابة كونها ستضم 150 ألف معلم بين عامل ومغترب ومتقاعد، وهؤلاء يشكلون قوة ضغط تعادل جميع الأحزاب الأردنية وتزيد.
ومنذ بدأت حركة المعلمين قبل شهور بالاعتصامات التي بدأت في الجنوب ثم امتدت على استحياء إلى بعض المناطق الأخرى، ظهرت هنا وهناك بوادر خلاف وانشقاق، وزاد الأمر سوءاً بعد اجتماع مجمع النقابات الأخير بتاريخ 1/5/2010 إذ بدأت حرب البيانات المتضاربة المختلفة، وكل لجنة تدعي الشرعية وأنها الأحق بتمثيل المعلمين، في حالة من الفوضى والإرباك والتشتت تثير الأسى والغثيان والأسف على التشرذم والفرقة التي تضر ولا تنفع، وتذهب بكل مكتسبات المعلمين وأحلامهم إلى الجحيم.
الأمر المثير للتساؤل: من منح كل من يتحدث باسم المعلمين ويدعي تمثيلهم هذا الحق، ومن أعطاه البيعة، وهل يحمل تفويضاً من جميع المعلمين أو الأغلبية منهم بتمثيلهم والنيابة عنهم؟
صحيح أن للمبادرين فضل السبق والريادة، ولكن هذا لا يعطيهم الحق المطلق في التحدث باسم آلاف المعلمين الذين يتساءلون: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
القاعدة الأصولية تقول: ما لا يتم الواجب به فهو واجب. ووحدة المعلمين واتفاق كلمتهم ولحمة صفهم، مقدمة على نقابة ما زالت في رحم الغيب، قد تأتي وقد تبقى حلماً، ولذا فإن أخشى ما أخشاه أن ينقلب السحر على الساحر، ويعود المعلمون بعد كل العناء والجهود بخفي حنين، فلا نقابة ولا اتحاد، بل والكارثة أنهم سيعودون بصفوف ممزقة وقلوب متفرقة ونفوس مكلومة.
ومن هنا فإنَّ نقابة تفرقنا لا تلزمنا، ونقابة تمزق لحمتنا ليست ضرورية، وقد يقول قائل: لا بد من التضحيات، والاختلاف وحرب السجالات من ضرورات مرحلة المخاض. ولكن هذا كلام مردود لأنه يدمر ولا يعمر، يهدم ولا يبني، يفرق ولا يجمع، والدليل هذه البيانات التي تتطاير من هنا وهناك كزخات البرد في سابقة لا تبشر بأي خير.
إن حالة التشرذم التي تسود الآن بين صفوف المعلمين –مهما ادعينا عكس ذلك- تسهل من مهمة الحكومة للاستفراد وتمرير ما تشاء، في غياب اجتماع الكلمة وتوحد الصفوف، وهذا حق مشروع للحكومة، لن يفوتها أن تستغله جيداً استثماراً لقواعد اللعبة السياسية.
النقابة حق مشروع لا بد أن يرى النور يوماً ما، ولكن لا نريدها على أشلاء وحدتنا، وجثث كرامتنا، وشظايا ما تبقى من صورتنا الجميلة.
ملاحظة لا بد منها: أنا لا أمثل إلا نفسي، والمقالة أعلاه تعبر عن رأيي وحدي فقط لا غير.
mosa2x@yahoo.com