زاد الاردن الاخباري -
في ليلة زفافها ، وحينما اختلى بها في شقته اشهر مسدسه في وجهها كي تسلمه بطاقة الصراف الالي ،ليتمكن من الاستحواذ على راتبها نهاية كل شهر، حاولت الامتناع ، غير انها وجدت انه من غير المناسب مقاومة طلبه طويلا، فمن الواضح انه فقد صوابه تماما ، وقد يدوس على الزناد منهيا حياتها في ليلة "العمر".
كانت تلك الفاجعة الاولى التي واجهتها " لينا علي" في حياتها الزوجية، ولم يكتف "عريسها" بذلك فعقب انتهاء اسبوع العسل الذي ذاقت اصنافا من المرار فيه ، خصص لها نصف دينار فقط كمصروف يومي تذهب به الى عملها في المدرسة بمحافظة الزرقاء، وتشتري منه فطورها ، بل وغداءها ايضا..!!
ماهي الا ايام حتى اكتشفت انه عليها بذل جهدها كي توفر بضع قروش من النصف دينار كي تشتري علبة لبن صغيرة تتناولها في وجبة غدائها ، فالعريس ،كان يصعد الى شقة والدته ، مقفلا باب شقتها بالمفتاح .
لفت نظر " لينا" تقارير طبية تشير الى اصابة زوجها بمرض نفسي ، كانت تلك الفاجعة الثانية، فلم يذكر ذووه لها ذلك ،وتحفظوا على مرضه، واسترجعت حينها اصرار اهله على اتمام الخطبة والزواج خلال اسبوع واحد فقط كي لا تتمكن من اكتشاف الحقيقة .
وسرعان ما بدأ الهزال يظهر على جسدها الممتلئ ، لكن "لينا" احتفظت بوجعها دون ان تطلع احدا من ذويها على ما تتعرض له من امتهان لانسانيتها ، غير ان نقلها للمستشفى عقب اصابتها بحالة اغماء فضحت الامر امام اهلها ، اذ صرح الطبيب انها تعاني فقرا في الدم ، وسوء تغذية قد يشكل خطرا على الحمل الجديد..!!
حينها اقسم ذووها على عدم عودتها الى منزله ، عقب افصاحها عما كان يفعله بها، ورغم ذلك بقي محتفظا ببطاقة الصراف الالي ، حارما اياها من تحصيل اي قيمة من راتبها الشهري، ما دفعها الى تبليغ ادارة المدرسة ، كي يبدلوا لها رقم الحساب بالتنسيق مع الوزارة .
ووضعت "لينا " حملها ، انجبت طفلا اسمته "محمد" تعهدت هي و جدته بتربيته، وراحت هي تكمل دراساتها العلمية ، الى ان حصلت على شهادة الدكتوراه، التي مكنتها من الخروج في اعارة للعمل في احد الجامعات بالسعودية ، وارتفع دخلها الى ما يزيد على الالف ونصف الالف دينار اردني ،و بدأت بارسال مبالغ مالية لوالدتها ولأبنها .
استمرت عناية الجدة بحفيدها " محمد" ، الى انهى الصف الثالث، كان يراوح في المبيت بين منزل والده في العاصمة عمان وجدته في محافظة الزرقاء ، وتنقلت " لينا" بين عدد من الدولة الاوروبية والعربية لاجراء الدراسات و الابحاث على نفقة الجامعة التي تدرس فيها .
وتقدم لخطبتها قبل نحو اربعة شهور موظف في وزارة العمل ، توفيت زوجته ، ولديه طفلة ووافقت على ان يتم الزفاف مؤخرا .
وكأن "لينا" على موعد دائم مع الحزن والاسى ، رغم انها حاولت على الدوام اثبات انها اقوى من كل الاوجاع وقد نجحت ، الا انها في هذه المرة تلقت نبأ وفاة طفلها "محمد" عقب تعرضه لحادث سير ، استدعى نزولها الفوري الى الاردن .
لم تبك "لينا " مطولا، كانت اكثر تماسكا ، وراحت تفتش عما يمكن ان يوفر لفقيدها المنزل الافضل ، فنسقت مع مخبز لتخصيص رف تهب من خلاله الخبز للمحتاجين عن روحه .
ولم تقف عند هذا الحد ، بل تبرعت بقرنيتيه ، كي تهبه النور في قبره، ويودع الظلام عيون الطفل المحتاج لتلك القرنية .
بمجرد اعتراض العقبات لطريق احداهن ، تستسلم لها ، وتقف مطولا على عبتات الفشل الى ان يصبح جزء من حياتها ، على عكس ما كانت عليه عزيمة وهمة " لينا".
وقبل ايام عقدت لينا قرانها على ذات الشخص الذي تقدم لخطبتها ، وانتقلت واياه للعيش في السعودية، متابعة قصة تحديها لكافة الصعاب ، لتصنع النجاح مجددا.