من أشهر الألقاب التي حازها صديقي خلال حياته العملية الحافلة لقب "أبوالعريف" بضم العين المهملة و كسر الراء المرسلة مع تشديدها ، و هو لقب يشاركه فيه الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الأردني الطيب المحب جدا للمساعدة حتى لو أفضت إلى الموت متمثلين بالمثل الأجنبي المترجم "و من الحب ما قتل" .
لقب "أبوالعريف" يطلق على الشخص الذي يدعي المعرفة و الدراية بكل الأمور ، أو هو باختصار الإنسان الذي لا يوجد في قاموسه عبارة "لا أعلم" ، و بالتالي فهو ليس متمذهبا على أي من المذاهب الأربعة لأن جميع أئمة المذاهب كانوا يقولون "لا أدري .. نصف العلم" و كانوا يسألون عن عشرات المسائل فيجيبون على معظمها بـ "لا أدري" .
أما "أبوالعريف" فهو شيخ المشايخ في الدين و مسائله ، و هو مفتي من الطراز الرفيع في جميع المسائل الشرعية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأحوال الشخصية ، أما عن السياسة فحدث و لا حرج فعنده أخبار الأحزاب جميعا ما علمنا منه و ما لم نعلم ، و عنده أنباء المرشحين للانتخابات النيابية و التحركات العشائرية ، و لديه استعداد أن يطلق لقب "مرشح الإجماع" على كل من يذيقه من الحلاوة ريقا و من الطلاوة رشفة و من الطراوة نسمة ، كما أنه ضليع في التحليلات السياسية و الصراعات الإقليمية و ربما يقسم لك بأنه تعشى بالزمنات مع إنديرا غاندي و تغدى مع عيدي أمين بل و صب فنجان القهوة و سقى أبا عمّار بيده ، و إذا تحدثنا عن الاقتصاد فأبوالعريف الأول في هذا الميدان يا حميدان ، فمعلوماته تتقدم على توقعات فهد الفانك ، و أخبار البورصة لديه قبل وقوعها ، و كم خسر رفاقه المعجبون بحديثه الأخاذ عشرات الآلاف من وراء نصائحه و إشاعاته الأكيدة و الموثوقة ، أما في عالم الرياضة فهو الشخص الفريد ربما الذي يجمع بين تشجيع كل المتنافسين فتارة نراه في هذا المدرج أخرى على المدرج الآخر مع تغيير لون الفانيلا طبعا ، ودقة معلوماته التفصيلية عن الحياة الاجتماعية الخاصة لكل لاعبي العالم في كل الرياضات بدءا من لاعبي كرة القدم البرازيلية و انتهاء بلاعبي السكواش في بوركينا فاسو أدق و أصدق من أن يشكك فيها نظمي السعيد ، و في عالم العلاقات الاجتماعية فهو الذي يستطيع نبش ماضي و حاضر أي شاب متقدم لخطبة أية فتاة أيا كان أصله و فصله و منبته – الله يحيي نباه – و توثيقه و تزكيته تفوق مصداقيتها ختم المختار ، أما في مجال النجارة و الكهرباء و التمديدات الصحية و البناء و الكهرباء و العطارة فهو مستعد باستشاراته أن يهدم أكبر برج في العالم لو أخذ الفنيون بما يقول رغم أنه متأكد تماما و مجرب و له مصادره ، و في عالم الطب البديل - و آباء العريف أكثر من أن تعدهم في هذا المجال فهو منبر من لا منبر له – فحدث و لا حرج فلديه وصفات للشفاء من جميع الأمراض التي وجدت على وجه البسيطة أو التي لم توجد بعد من السرطان إلى الإيدز حتى إنفلونزا الخنازير، و كذلك الحمل و زيادة القدرات الجنسية و الصلع طبعا و حب الشباب إلى آخر تلك القائمة التي لا تخلو منها صحيفة إعلانية "محترمة" .
صديقي هو "أبو عريف" بامتياز ، و هو بذلك لا يشذ بل يتوافق مع البيئة التي عشناها و نشأنا فيها و نربي أبناءنا عليها و التي تجعلنا جميعا مثل "أبوالعريف" .
المهندس هشام خريسات