هذا النشاط السياسي المكثف في عواصم القرار العربي، ليس نشاطا عاديا بالتأكيد. فهناك توقف في عملية السلام الفلسطينية/الإسرائيلية، وهناك توقف أميركي بعد اندفاعية الرئاسة الديمقراطية في اتجاه سلام الشرق الأوسط بلغت ذروتها في خطاب الرئيس أوباما في القاهرة، والعرب اقلعوا والحمد لله عن تقديم مبادرات جديدة لتحريك وادامة طاحونة الماء التي يدخلها الماء ويخرج منها الماء. هذا التوقف، لم يعد مصلحة أميركية، ولا مصلحة إسرائيلية وإذا كان على أحد الأطراف أن يقدم مبادرة.. فإنه لا بد أن يكون الإسرائيلي أو الأميركي:. * إسرائيل قدمت عشرة أشهر توقف استيطاني في أرض الضفة المحتلة، واستثنت القدس. * والأميركيون يستعدون لتقديم ضمانات للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. على أن يتم حسم المفاوضات المباشرة خلال عامين. وهي مفاوضات الحدود واللاجئين والقدس والتواصل الجغرافي بين الضفة وغزة. الجانب الفلسطيني على وضعه المأساوي البائس يعبر عنه الرئيس عباس برفض العودة إلى طاولة المفاوضات إلا بالتوقف المعلن والتام للاستيطان في الضفة وفي القدس. وبرفض العودة إلى الضمانات الأميركية التي لم تعد تغني شيئا. وآخر هذه الضمانات خارطة الطريق، وأوراق اللجنة الرباعية، فقد كانت إسرائيل تهرب منها، بألف حجة.. وكما نبه اسحق شامير لدى مؤتمر مدريد عام 1991، انه يستطيع ان يمطوح التفاوض عشر سنوات، ويبدو أنه كان متواضعا ذلك اننا وصلنا الآن إلى العشرين!!. التحرك العربي الآن محدود على المنطقة وعلى المعنيين من القاهرة إلى الرياض إلى دمشق إلى عمان.. إلى الكويت وقطر وتركيا.. إلى السلطة وحماس. فهناك انتظار لشيء بدأ يتضح.. لكن المطلوب هو موقف عربي يتسم بالجدية والتعامل مع الأشياء بحجمها. فإدارة الظهر كليا.. لا يزعج واشنطن إلى حد توسل الحلول، ولا يردع التطرف الإسرائيلي، ولا يعطي الفلسطيني في الضفة أو غزة هواء الحياة العادي، والخبز اليومي والكرامة الإنسانية في أجواء الحصار، والجدران، والتجويع وهدم البيوت وتهويد القدس وما حولها، وتمزيق وحدة الشعب والأرض!!. صحيح أن الجلبة السياسية تسلي العرب والفلسطينيين في أجواء اليأس والاحباط.. لكن الجلبة دون طحن هي ادعى إلى اليأس والاحباط.. فالجميع وصل الان الى القناعة بأن تهديد أميركا بإيران هبل، وان تهديد المحافظين العرب بالإرهاب وابن لادن.. سخف وأن هناك بدائل للعمل السياسي الجاد هو.. مضيعة وقت!! فالجهة الوحيدة القادرة على تغيير المعادلة، وتحريك المستنقع الآسن هم العرب وحدهم.. لأن تغيير الواقع القاتل هو مصلحة عربية قبل أن يكون أي شيء آخر!.