اللّغة في أي مجتمع هي وعاء ثقافته ؛فهي أداة التفكير،ووسيلة للتعبير والإتصال والتفاهم ،ونقل التراث من جيل إلى جيل،وفهم البيئة والسيطرة عليها من خلال تبادل المعارف والنظريات والخبرات.ولقد كانت اللّغة العربية في قرون عدّة خلت لغة العلم والفكر والحضارة،فقد نقلت إليها أنواع العلوم والثقافات المختلفة منذ القرن الثاني للهجرة،فاستطاعت أن تستوعبها وهضمها وتضيف إليها،فكانت حلقة مهمّة في سلسلة التطوّر الحضاري الإنساني،وتتسم اللّغة العربيّة بسمات متعدّدة ،أبرزها أنّها لغة متطوّرة وحيّة وليست متغيّرة ،إذ لم نزل نرى أن دارس القرآن اليوم سواء أكان من الناطقين بها أم بغيرها يقرؤه تماماً كما كان عند نزوله وحياً قبل أكثر من أربعة عشر قرناً،إلاّ أنّها تتعرّض حاليّاً لخطر عظيم،وتواجه مشكلات وصعوبات في تعلّمها وتعليمها فطرائق تدريسها تقليديّة،إذ لم تركّز على أسلوب حلّ المشكلة والتفكير الناقد عند الطلبة ومدرّسيها غير قادرين على التعبير السليم،وغير ملمّين بأساليب القياس والتقويم،والطلبة ضعفاء،إضافة إلى تعالي الصيحات من أولياء أمور الطلبة الّذين يشكون ضعف أبنائهم في اللّغة العربيّة تحدّثاً وكتابة.
\"لغتي هي هويتي\"
للأسف الشديد من واقع ما نـراه ، نجـد جهــلاً كبيـراً باللغة العربية الفصحـى في جيل شبـابنا المُعـاصر ، واستصعاباً شديدا لمفرداتها و معاني كلماتها ، فكيــف بالله يمكن لهؤلاء - إن أستمر حالهم في الإنحدار - قراءة القـرآن الكريم بالطريقة الصحـيحة ، وفهم الأحاديــث الشـريفة ، وقراءة الكُتب المهمة كـ كتب الأئمة على سبيل المثال ، وهم ضعفــاء لغــويــا !!
وفي المقـابل ، تجدهـم يتحدثون اللغة الإنجليزية - أو أي لغة أخرى - ويتحمسـون بشدة لإتقانها ، والحديث بها فيما بينهم والكتابة بها !!
هذا بالنســبة لجانب إنعدام الثقة بالنفــس ..
أما من جانب ضحـالة الثقافة ، فعندما تسأل أحدهم عن مبرراته ، يجيبك بأن الإنجليزية هي لغة العصـــر !! وما إن تبـدأ بسؤاله عن ما يقصده بذلك وتتعمق معه في الحديــث ، حتى تجد قطـرات العرق تنزلق على جبيــنه ويتخلل صوتــه الإرتبــاك ، لأنه - ببســاطة - لا يعلم !
وإلى جميع معارضي اللغة العربية الفصحى ..
وإلى جميع من يعتبرها لغة ناقصة ، أو خالية من بعض المعاني ، أو ذات قصـور بشكل عام ..
هل يمكن لأحدكم إحضــار قصيدة تفوق قصيدة باللغة العربية من ناحية المعاني والقوة والجمال ؟
أو يمكنك ترجمة قصيدة بالعربية إلى أي لغة أخرى ، وشاهدوا الفرق ..
على ضوء ما تقدّم يمكن القول إنّ محاولة العلاج جوانب القصور والثغرات في تعليم اللّغة العربيّة أو تعلّمها في الأردن لا يتم بمعزل عن إجراء العديد من الدراسات التربويّة أو البحوث.