مقدمتي يا معالي الوزير لن تخلوا من العتاب المجبول بالأمل والتفاؤل بالرجوع عن قرارات اتخذتموها معاليكم مؤخراً بحق أطباء لهم فضلٌ وبصمات انسانية قلّ نظيرها في المكان الذي يعملون به ، فأين ما حلّوا قبل مركز صحي جامعة اليرموك كان مشهودٌ لهم بالنزاهة ، فلم يؤدوا غير ما أملى عليهم ضميرهم المهني والأخلاقي .
ولكن للأسف يا معالي الوزير أن مكافأتكم لهم كانت الترفع عن استقبالهم أو سماع همومهم وتلمس أوجاعهم ، فلمّ ينتظروا من معاليكم غير قليلاً من الإحترام والإحساس بأنهم ذوا مهنة اتصفت بالعمل الانساني ، وكان من الأجدى يا معالي الوزير وقبل اتخاذ قراركم محاولة التقرب من ضروفهم والتعرف على مشاعرهم وما يحيط بهم من فساد جعل منهم كأحجار الشطرنج ..!!
يا معالي الوزير " الطبيب " هو ذاك الإنسان الملئ بالمشاعر النبيلة .. وهو ذاك الإنسان الذي لا بد من أن تُوَفَر له جميع وسائل الراحة والأمان حتى يتمكن من أداء واجبه الإنساني خير قيام . فالتعامل الانساني الذي يؤديه الطبيب العاشق لمهنته الانسانية تجاه مرضاه يجب أن يُكافأ ويكرم حتى لو تجاوز اللوائح والتعليمات بما أن ما يقوم به هوّ عملٌ إنساني ومهنيً صرف هدفه التخفيف على موجوعٍ أعياه المرض فلجأ لمن فيهم حُسن الأداء وأكثر تحملاً لحمل الأمانة التي أقسموا عليها أمام الله أن يؤدوها خيرَ أداء .. فهل هؤلاء يغرّمون على أمانتهم وتشتت أفكارهم يا معالي الوزير ثمّ تنقل أجسادهم من مكان لآخر دون تلمس معاناتهم ومعاناة مرضاهم الذين وجدوا فيهم الأمل في الشفاء بعد الله ..!!
يا معالي الوزير .. عندما يصاب الإنسان كبيراً كان أو صغيراً بمرض حتى لو كان وجع ضرس إنه يحرمه متعة الحياة ، فيعود كالطفل الذي يتمنى لو أنه لم يفطم بعد عن ثدي أمه الذي يشعره بالدفيء والسكينة ، ويكون بأمس الحاجة لمسحة طيبة على جسده المحموم حتى تشعره بالأمان والطمأنينة .. نعم إنه اسلوب مهنة ، ولكنها عامل رئيس في تعجيل الشفاء بعد الله سبحانه وتعالى .. !!
فأنا لست من أبناء هذه المهنة الشريفة يا معالي الوزير التي تجرح الأجساد كيّ تخفف عنها الألام .. لكنني إنسان يبكي هذه المهنة على ما أصابها وما يطرأ عليها أو على كوادرها من تجاوزات بين الحين والآخر ، اثقلت فكرهم وراحة بالهم وباتوا غير قادرين على أداء عملهم الانساني بارتياح ومسؤولية ، تارة من مواطن أهوج وتارة من زميل فاسد وأخرى من مسؤول بيروقراطي ..!!
لم يتبادر لأذهاننا أبداً يا معالي الوزير أنه وفي أسوأ الأحوال أنه سيأتي يومٌ يكافأ به المسيء ويغرّم صاحب الفضل جهاراً نهاراً ، ثم نقول للسيء شكراً على ما فعلت يداك وما اعتصر ضميرك من إساءة ناقصة آذيت بها الأخرين وذلك فقط لأنه ينتمي لعشيرة مسؤول في ذات الهرم ..!!
وما حدث مؤخراً مع رئيس مركز صحي جامعة اليرموك الشامل الذي كشف عن العديد من التجاوزات ولا زال في جعبته الكثير الذي لم تتكرم يا معالي الوزير لبرهة من الوقت لسماعها منه أو جسّها على أرض الواقع هو أمرٌ واقع .. وهذا التصرف يا معالي الوزير يدعونا للشك بأن هناك مؤامرة قد حاكها أحدهم ضد هذا الطبيب الإنسان وجعل من معاليكم أتخاذ قراراً تعسفياً بنقله لمركز آخر حتى يشغر مكانه لِمَنْ لمْ يحافظ عليه قبلاً وأساء له ..!!
وعبر هذا المنبر الأغر وبصفتي " مواطن " أتوجه من معالي وزير الصحة الأكرم ، ولِما لَمَسنا وسَمعنا عن طيب شخصه وحسن تصرفه الانساني والمهني ، العودة عن قرار النقل لما فيه من أذى لمرضى الطبيب والطبيب ذاته ، والسعي لقطع دابر كل من أفسد سمعة القطاع الطبي في هذا الوطن الطيب الذي ما فتئ الهاشميون ومنذ الجد الأول يسعون لإيصاله لمصاف الدول المتقدمة في كل المجالات ..!!
م . سالم عكور