زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - إنطباعات معاكسة ومضطربة ظهرت في الأردن بعد إنهاء برنامج مناورات الأسد المتأهب في الأردن بالتوازي مع تكثيف التصريحات الرسمية عن رفض أي محاولة للتدخل بالأزمة السورية ولهجة الإعتدال التي أظهرها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد قمة الثماني.
بسرعة غريبة بدأت المؤسسة الدبلوماسية الأردنية تستعد لتنشيط حلقات إتصال قديمة مع موسكو في ظل الموقف الأمريكي الجديد الذي يشك البعض بأنه قد يكون مقدمة لتضليل الرأي العام العربي مقابل عمليات إستخبارية في الميدان هدفها إطالة الأزمة ومنع الحسم.
وهذا التنشيط يتزامن مع وقفة ملكية مهمة مع رئيس الوزراء البريطاني ستعيد مناقشة وقراءة المشهد برمته في ظل مستجدات تبرز على مدار اللحظة في مسار الأحداث حيث شكلت الحلقة الثانية من مناورات الأسد المتأهب أساسا مفصليا للتحدث عن وجود عسكري أمريكي دائم في الأردن لأغراض الملف السوري.
طي ملف هذه المناورات سياسيا وأمام الإعلام وبسرعة ظهر الأربعاء في عمان يمكن قراءته على انه إستجابة تكتيكية سريعة من الجانبين الأمريكي والأردني للواقع الموضوعي، كما برز بعد قمة الثماني حيث تتهيأ المجموعة الدولية لجولة جنيف الثانية وحيث تبخرت أو إستبعدت مرحليا خيارات التصعيد العسكري التي لم تكن عمان أصلا تتحمس لها.
وعمان في هذا السياق تبدو مهتمة جدا بإيجاد موطىء قدم لها في إطار مفاوضات تسوية شاملة في سورية بناء على مصالحها الحيوية المتعلقة بقضايا الحدود والأمن وتحديات اللاجئين الإقتصادية.
وزير الإعلام السوري عدنان الزعبي ساهم في تغذية التشويش عندما طالب الأردن عبر محطة الميادين مساء الأربعاء بعدم السماح بعبور المسلحين إلى الأرض السورية.
لكن الأجواء لا زالت إعلاميا على الأقل مرتبكة ويتخللها الكثير من التشويش فقد توترت نقاط التماس على الحدود الأردنية السورية مجددا عبر حادثة الأربعاء التي تضمنت وفقا للمؤسسة العسكرية السورية محاولة عبور مسلحة غير شرعية لأربعة أشخاص وإشتباك بالنار مع وحدة عسكرية إنتهى بقتيل وجريحين من الطرف المتسلل.
حيثيات هذه الحادثة لا زالت غامضة نسبيا لان السلطات الأردنية لم تعلن هوية المتسللين وهدفهم في حالة تسلل مسلحة هي الثانية تقريبا التي تعلن عنها السلطات الأردنية مما يترك الأمر متاحا للتكهنات عمليا. مركز إعلامي تابع للجيش السوري الحر صرح بأن المسألة لا تتعلق بمتسللين مسلحين ولكن بلاجئين حاولوا كالعادة العبور عبر الحد الفاصل إلى الأردن.
وبصرف النظر عن أصل الحكاية والرواية يظهر هذا الحادث ومن الناحية السياسية أن السلطات الأردنية رفعت فعلا لافتة ‘ممنوع العبور’ بعدما تسبب توافد اللاجئين بعبء غير مسبوق على الإقتصاد الوطني الأردني وسط تجاهل واضح للجانب المالي من قبل المجموعات العربية والدولية التي طلبت من عمان أصلا فتح أبوابها.
قبل ذلك نشرت فصائل في المعارضة السورية أشرطة فيديو تظهر تكدسا للاجئين السوريين الذين ترفض السلطات الأردنية عبورهم في منطقة تل شهاب التي تعتبر نقطة الجذب الأهم التي عبر منها عشرات آلاف اللاجئين إلى الأردن بعدما كانت نقطة تواصل بصرية وجغرافية وتكتيكية بين الأردن والجيش الحر بغرض ‘تأمين’ عبور اللاجئين.
الإختلاف في الروايتين يكرس عمليا القناعة بأن المعادلة الأردنية تغيرت وتبدلت عندما يتعلق الأمر باللاجئين فالحدود لم تعد مفتوحة دوما وبصرف النظر عن الإعلان سياسيا عن إغلاقها في وجه اللجوء من الواضح أن السلطات الأردنية بدأت فعلا تنفذ سياسة منع العبور.
وهي رسالة يفترض الأردنيون أن جهات متعددة داخل سورية ينبغي أن تفهمها وتنسجم عمليا مع الواقع الجديد للملف برمته حيث أقصى الخيار العسكري وتجد إستراتيجية إسعاف المعارضة السورية ولادة متعسرة في الوقت الذي بدأ يزيد فيه عدد السوريين في الأردن عن مليون شخص على الأقل بينهم 570 ألف لاجىء سوري لا يوجد مأوى او طعام او مياه لهم.
وكان العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني قد صرح الأحد الماضي علنا بأن بلاده لديها إجراءات لحماية مصالحها إذا لم يقدم العالم المساعدة.
يبدو لوجستيا أن حادثة التسلل الأربعاء الماضي إشارة قوية على حزمة إجراءات أردنية ستمنع او تقنن بأفضل الأحوال وبدون إعلان في هذه المرحلة العبور عبر الحدود.
القدس العربي