جاء هذا المقال مكملا ً للمقال السابق \"تعثر التنمية في البادية الأردنية\"، والذي تطرقت فيه إلى أنه ينبغي على الحكومة أن تعلن مبادرة للتنمية يتم توجيهها للبادية، بحيث تتوخى رد الاعتبار لهذا الوسط المهمش، لأن تعدد الجهات المسؤولة عن البادية خلقت اختلافا ً وتضاربا ً في الرؤى وفي المقاربات التنموية، فلكل جهة من تلك الجهات لها محدداتها ومنطلقاتها الخاصة بها حسب الزاوية التي تتواجد بها، مما ساهم في استنزاف موازنات الحكومات المتعاقبة، وبهذا أصبح تأهيل وتنمية البادية الأردنية رهين هذا المنطق، والأصح أن تدمج تلك الجهات تحت مظلة واحدة بسبب تداخل أعمالها في نفس اختصاص المنطقة، ولا بد من إشراك أبناء البادية في صنع القرار، لأن دورهم في الوقت الحالي مغيب ومهمش وبشكل مقصود في المشاريع التنموية.
وأود أن أشير إلى الجهات المعنية أن تتبنى البرامج التنموية التي ستساهم في النهوض بالبادية وتقدمها:
أ- برنامج محاربة الفقر
هذا البرنامج يهدف إلى تحسين مؤشر التنمية البشرية في البادية الأردنية، خاصة تقليص نسبة الفقر داخل السكان الأكثر فقرا ً، مع موازاة خلق الانسجام بين البرامج القطاعية وبرامج تنمية البادية المندمجة(تتميز برامج التنمية المندمجة بكونها لا تقتصر على تحديث القطاع الزراعي، بل تعالج في نفس الوقت مختلف جوانب الحياة في البادية: فك العزلة، وتحسين ظروف السكن (التزود بماء الشرب والكهرباء)، وإقامة التجهيزات الاجتماعية والثقافية والصحية، وحماية الموارد الطبيعية)، وهذا يكون من خلال:
1- الأنشطة المدرة للدخل، مثل:
•دعم بعض التعاونيات المحلية للإنتاج الزراعي، وتربية المواشي، والصناعة التقليدية...الخ.
•تشجيع المشاريع المحلية: تربية النحل، والصناعة التقليدية، والسياحة القروية... الخ.
•تشجيع القروض القروية الصغيرة...الخ.
•تشجيع عمليات المحافظة على البيئة.
2- دعم الاستفادة من التجهيزات الاجتماعية والصحية والتربوية الأساسية،مثل:
•تحسين الاستفادة من الخدمات الصحية الأساسية، كالتقليل من نسبة وفاة الأم عند الولادة ووفاة الطفل...الخ.
•محاربة ظاهرة التسرب من المدرسة، ومحو الأمية...الخ.
•دعم المشاريع الصغرى للولوج إلى الخدمات الأساسية : كالاستفادة من الماء والكهرباء...الخ.
3- دعم عملية التنشيط الاجتماعي، الثقافي والرياضي، مثل:
•دعم ممارسة الرياضة: تكوين فرق، دعم التجهيزات...الخ.
•دعم الأنشطة الفنية والثقافية: مطالعة، ورسم، ومسرح...الخ.
•تفعيل دور المراكز الشبابية، وتفعيل دور المرأة (الجندرة)...الخ.
•مبادرات التضامن: كالقوافل الطبية والمعونات الاجتماعية...الخ.
4- تقوية الحكامة والقدرات المحلية، وهذا يكون عبر لقاءات إعلامية لفائدة الشباب... الخ.
وتقوية قدرات الفاعلين المحليين، ودعم الجمعيات المحلية الناشطة في مجال التنمية البشرية...الخ.
ب- برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي
يهدف هذا البرنامج للادماج والتلاحم الاجتماعي وتحسين ظروف المعيشة للسكان في المناطق الأقل حظا ً في البادية الأردنية، مع موازاة خلق الانسجام بين البرامج القطاعية، وهذا يكون عبر:
1- إنعاش النسيج الاقتصادي المحلي من خلال أنشطة مدرة للدخل، مثل:
•دعم المبادرات التجمعية، وتجارة القرب، وخدمات القرب، والتكنولوجيا الحديثة...الخ.
•إنعاش الحرف المرتبطة بالتعليم الأولي، وبالسياحة...الخ.
2- دعم الاستفادة من التجهيزات والخدمات الاجتماعية الأساسية.
3- دعم التنشيط الاجتماعي، الثقافي والرياضي.
4- تعزيز الحكامة والقدرات المحلية.
ج- برنامج محاربة التهميش
يهدف إلى دعم السكان الذين يعيشون في ظروف صعبة(المتسولون والمشردون، وسجناء سابقون بدون مورد، والمختلون عقليا ً بدون مأوى، والمعاقون بدون مورد...الخ)، مع التكفل بهم في مراكز متخصصة مع السعي إلى الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لهم. وهذا يكون من خلال:
•توفير ظروف إعادة الإدماج العائلي والاجتماعي.
•مواكبة الإدماج السوسيو اقتصادي(التعليم وتلقين الحرف الأساسية، والمساعدة على الاندماج المهني).
•الإستقبال وتقديم الخدمات الخاصة لمختلف الفئات في مراكز الإيواء (الإيواء لفترات معينة، والتكفل الصحي، والدعم المعنوي والتوجيه والإعلام).
•إعادة تأهيل المراكز الاجتماعية الموجودة وإحداث قدرات جديدة (مراكز متعددة الاختصاصات للمعاقين والأشخاص المسنين بدون مورد، ومراكز للأطفال المتخلى عنهم والنساء التي تعيش وضعية صعبة، ومراكز للمتسولين والمشردين.ومراكز متخصصة للأطفال القاصرين بدون مأوى، ومراكز للمختلين عقليا ً بدون مأوى).
د- البرنامج الأفقي
وهو يكون بمثابة برنامج لدعم العمليات ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية على صعيد السكان غير المستهدفين، وذلك من خلال اقتراح مشاريع على مستوى مناطق البادية. وهذا يتم عبر: إحداث مرصد للتنمية البشرية، والخبرة والتجربة، ونظام للمعلومات والاتصال. وهنا لا بد من انتقاء أشخاص مهتمين بهذا البرنامج لتقديم الخبرة والمساعدة التقنية لفائدة العاملين الاجتماعيين والجمعيات المنخرطة في التنمية البشرية.
وبناء على ما سبق، يمكن القول إن تطبيق مثل هذه البرامج على باديتنا الأردنية خلال مدة معينة سيكون موسوم بصبغة تنموية، محققا ً الأهداف والطموحات المرجوة.
الدكتور فيصل المعيوف السرحان/
دكتوراه في التخطيط الإقليمي والتنمية/
المفرق- سما السرحان/
faisal_mayouf@yahoo.com