اقر واعترف أنني ومنذ لحظ معرفة قرار وزارة التعليم العالي الذي أوقف من خلاله إلغاء امتيازات منح الطلبة العرب ما نسبته 10 علامات إضافية لغاية دخول الجامعات لدينا سواء منها الجامعات الخاصة او الرسمية ، قد أدركت أن وزير التعليم العالي ومنذ لحظة انشغاله بتقييم السياسات التعليمية العليا وهو جاد لتصويب وتقويم الاعوجاج منها ، كيف لا ، وهو الذي عمل أستاذا ورئيسا لأعرق جامعة أردنية ويدرك عمق التراجع الذي حل بمستوى التعليم العالي في البلاد بحكم اطلاعه وخبرته .
وكان ان اتخذ مجلس التعليم قبل عام قرارا سابقا بمنح طلبة البكالوريوس من ذوي معدل مقبول من الالتحاق ببرامج الدراسات العليا بعد أن حرم منها ألاف الطلبة منذ عام 1992 ، وكذلك تم هذا العام توزيع المنح والمساعدات المختلفة على الطلبة بشكل لم يثير أية احتجاجات كان يشهدها المجلس من قبل الطلبة وأهاليهم منذ بدء تقديم تلك المنح منذ سنوات ، وكذلك يتم ألان إعادة تقييم فعلي وتدقيق حثيث للطلبة الوافدين من مختلف جامعات العالم وخاصة تلك التي يجري تداول الحديث عن تقديمها تسهيلات واسعة لمنح الطلبة شهادات دراسية مقابل ما يقدمه من مال او هدايا للقائمين على برامج الامتحانات !
جاء قرار إلغاء امتيازات منح الطلبة العرب وأبناء منطقة الخليج خاصة من خلال قبولهم بمعدلات تقل عن معدل القبول العام بعشرة درجات القبول في الجامعات الخاصة خطوة بالاتجاه الصحيح لتحقيق جملة من الأهداف أولها : إعادة السمعة الطيبة التي كانت يتمتع بها مستوى التعليم العالي في الأردن والتي بدأت في التراجع منذ ظهر ما يسمى الاستثمار في التعليم ! باعتبار أن الربح هو الهدف الأساس وليس مايقدم من علوم وتربيه في تلك الجامعات فهناك جامعات خاصة منتشرة في دول العالم تحظى بسمعة طيبة لم يكن لها ان تتنازل عن قبول غير المتفوقين في جامعاتها مما منحها سمعة طيبة بالرغم من اعتبارها جامعات خاصة ، وثانيها \" فأن النظر إلى القرار على انه خسارة مالية وضرب للاستثمار التعليمي في الأردن ، فتلك مبررات وان كانت مقبولة في الوقت الراهن ، إلا أنها وعلى مستوى استراتيجي تضع جامعاتنا مستقبلا في مكانة طيبة حول سمعة الجامعات وصعوبة الالتحاق بها لغير المتفوقين او حتى على الأقل لمن هم اقل تحصيلا من أبناء الأردن ، وثالثا : فلا يمكن ان يستمر مجلس التعليم العالي بمنع الطلبة الأردنيين ممن تقل معدلاتهم عن ال 60 % من الالتحاق بالجامعات الأردنية الخاصة فيما يتمتع آخرون من خارج الوطن بتلك الفرصة وهنا تساوى أبناء الوطن مع إخوتهم من بقية الطلبة من مختلف دول العالم وهي تسوية كانت محرمة على طلبتنا وعانوا منها ما عانوا من حرمان الدراسة او الاضطرار للسفر إلى الخارج ينفقون أموالا تتجاوز أصلا ما تكسبه البلاد من الطلبة الوافدين ، وهي معادلة خاسرة أصلا بالنسبة لاقتصادنا الوطني ككل وليس لبعض المستثمرين الذين رفضوا القرار واستكتبوا العديد من الإعلاميين للنيل منه حفاظا على استثمارهم لا خوفا على سمعة البلاد واقتصادها !
لقد عانى الطلبة وأهالي الطلبة ما عانوه منذ سنوات ، لكن الأمل بات يحذوهم بمعالجة كل الاختلالات الموجودة في مختلف السياسات التعليمية العليا في الأردن ، وما تلك الخطوة إلا بداية صحيحة لرد الاعتبار إلى سمعة التعليم العالي في الأردن الذي حكم منذ سنوات بمزاجية واعتباطية في معظم ما اتخذ من قرارات كانت تلقى النتائج السلبية المختلفة على صعيد واقع التعليم العالي المتردي او على مستوى اقتصادنا الوطني عامة .