عبر السنوات القليله الماضيه ساد الاوساط الشعبيه لدينا اجماع على تراجع وظيفة الدوله وانحسارها في معاقل تقليديه لا تدخل في تماس حيوي مع معيشة المواطن وهمومه الوطنيه , ومع استمرار حالات التجاهل التي اصرت الحكومات المتعاقبه على ممارستها تجاه قضايا الوطن الكبرى من الفقر والبطاله والفساد وتردي الحياه السياسيه وجد الاردنيون انفسهم محاطون بواقع مغلق وحكومات ( خداج ) لا تمثلهم تعاملت معهم كدافعي ضرائب عبر قوانين الجبايه وتمسكت بتلك الوظيفه بالاضافه للملف الامني كأدوار وحيده مفضله جنبتها دور الرعايه ودعم التعليم والغذاء والنفط والتصدي لمشاكل الوطن الكبرى التي تتفاقم بازدياد .
نحن على يقين تام بان خروج الدوله عن مسار ( دولة الرعايه ) لتصبح دولة جبايه ما كان ليحدث لولا الخطط والدراسات التي جاءت من الخارج مع اشخاص نعرفهم جميعاً عملوا على تفكيك مؤسسات الدوله وخصخصت المال العام والنيل من هيبة الوطن باسم برامج التحول الاقتصادي وتعليمات صندوق النقد الدولي وجعلوا من الوطن شاشة اسهم ومن ابناءه فئران تجارب لافكارهم الفاشله التي قادت البلاد نحو تعميق مشاكل الفقر وفقدان الهويه الوطنيه التي لا يختلف عليها اثنان , الأمر الذي عمم شعور الاحباط وانعدام الامل بعين ابناء البلد الذين يذكرون جيداً جهود الآباء المخلصين في بناء مداميك الوطن والتاريخ المشترك وانتشاله من واقعه المؤلم ليجدوا انفسهم اخيراً تحت الوصاية والخضوع لسياسات الصلعان والطارئين وممارسات الاقصاء والتهميش الموجهه بعنايه نحو ابناء الوطن .
برامج التحول الاقتصادي أسست لنوع جديد من قادة القرار جعلتهم يتكاثرون بالمواقع الحساسه والمفصليه واصبحنا نشاهد وزراء لهم تاريخ عريض في الفشل في القطاع الخاص والعام ورصيد لا بأس به في الفساد اصبحوا يمتطون صهوة الوطن ويتحكمون بمجريات الامور قاسمهم المشترك ( الصلع ) والايمان بان الحل يكمن ببيع مقدرات الوطن واصوله الثابته حتى صارت الوزاره الواحده تحتوي على خمس وزراء او اكثر زملاء في مجلس ادارة شركه واحده ونادي واحد , ومع احتدام السجال بين اصحاب المدرسه التقليديه التي تؤمن بدور الدوله التقليدي والتطوير الذي يراعي تركيبة الوطن وبين اصحاب مدرسة الخصخصه والرأسماليه كان منظري المدرسه الاخيره يُمَّنون ابناء الوطن بالوعود والغد المشرق وباننا سوف ننثر الرمال ذهباً ابتداءاً من ( سويمه في الاغوار الجنوبيه ) وانتهاءاً بالعقبه وسوف نتحول لاقتصاد الدول الكبرى والنمور الاقتصاديه نتيجة التدفق اللامحدود للاستثمارات التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن , يضاف لذلك سيل التصريحات واللقاءات والسفر للاطلاع على التجارب المحيطه وغيرها من الاكاذيب والتزييف والاستخفاف الموجه لعقول المواطنين بهدف السيطره على مجريات القرار وزمام الامور حتى وقعنا بالخديعه الكبرى وذاب الثلج وبان ما تحته وأفقنا على واقع مليء بالفقر والبطاله والشلليه وانعدام الامل وتضخم الدين الخارجي والمديونيه افتى فيه الشيوخ بجواز التصدق على الشعب الاردني و خسرنا بموجب ذلك جزء كبير من هويتنا الوطنيه وانتماءنا الحقيقي وشركات الوطن الكبرى واتخذ الفساد طابع المؤسسيه وعاش الوطن وما يزال اسوء حالاته التي جعلت من ابناء الوطن لا يثقون بمؤسسات الدوله .
ابناء الوطن المخلصين يجدون انفسهم اليوم خارج المعادله الوطنيه نتيجة التمادي في اقصاءهم عن مجريات الامور واحساسهم بالغربه داخل اوطانهم بوصفهم دافعي ضرائب وعمال منقوصي الحقوق في شركات اصحاب القرار والبزنس السياسي وليس لديهم القابليه للولوج في عملية الاصلاح لاحساسهم بفقدان الوزن وبان جميع مقترحاتهم وآراؤهم كانت وما زالت تعامل بنوع من الاستخفاف من ( عرابي ) الخطط الاقتصاديه لدينا كونها تتعارض مع الالهام الموجود بعقولهم ونظرتهم الثاقبه للواقع الذي اوصلنا لما نحن فيه من تردي واقتصاد متهاوي ووطن غير متماسك اجتماعياً .
الواقع المؤلم الذي ابتدعه التيار الليبرالي عبر الحكومات العديده مسؤول بشكل مباشر عن الاوضاع الصعبه والازمات الاقتصاديه التي نعاني منها والانعكاسات المباشره على الحياه الاجتماعيه للاردنيين وازدياد حالات العنف المجتمعي , ومع وضوح النتائج السلبيه لخططهم على اوضاعنا الداخليه والخارجيه فانه ما يزال لدينا بعض الاسماء المتداوله على صعيد الحكومه والمؤسسات الرسميه ويتم تكريمهم سنوياً بالمناصب العليا على الرغم مما جنوه بحق الوطن وابناؤه في وقت ما زال المواطن يبحث عن سبيل الخلاص .