زاد الاردن الاخباري -
قبل أسابيع، وخوفاً من تكرار الهجوم القاتل على القنصلية الأميركية في بنغازي، ذُكِر أن واشنطن وضعت مئات من جنود البحرية الأميركية في صقلية في حال لزموا لحماية السفارة الأميركية في القاهرة. لكن هؤلاء الجنود ليسوا الأصول الأميركية الوحيدة في المنطقة تحوطاً للطوارئ.
في أواخر حزيران (يونيو)، شارك آلاف من عناصر الجيش الأميركي في تمرين عسكري سنوي متعدد الأطراف لمدة 14 يوماً في الأردن، والذي يعرف باسم "الأسد المتأهب". وبناء على طلب من الاردن، بقي في الأردن 900 من هؤلاء الجنود الأميركيين، وسرب من طائرات (إف-16) وبطارية صواريخ باتريوت.
وقد تخلف هؤلاء -وفقاً للرئيس أوباما- لدعم "أمن الأردن"، الدولة التي تصبح باطراد تحت المزيد من تهديد اتساع نطاق الحرب وتسربها من سورية المجاورة. وفي حال لزمت تعزيزات، فإن سفينة البحرية الأميركية الهجومية البرمائية "يو. أس. أس. كيرسارج" تبحر قريباً من شاطئ العقبة.
في حين أن الاردن مسرور بلا شك بهذا العرض لالتزام الولايات المتحدة باستقرار الأردن، فإنه ليس الجميع يرحبون بهذا الانتشار للقوات الأميركية. وعلى نحو غير مستغرب، قالت موسكو -التي تدعم نظام الأسد في سورية- إن وجود جنود أميركيين في المملكة "لا يساعد.
ومع ذلك، فإن الأكثر مدعاة للقلق هو أن العديد من الأردنيين أنفسهم يعارضون فيما يبدو وجود قوات أميركية على التراب الأردني. وفي الحقيقة، يوم 22 نيسان (أبريل)، قام 87 اردنيا من اصول عشائرية بكتابة رسالة مفتوحة الى الملك بهذا الخصوص.
اليوم، يعيش في الأردن قرابة 600.000 لاجئ سوري –حوالي 10 % من سكان المملكة- ويواجه الأردن أزمة اقتصادية حادة دفعت إلى تخفيضات في دعم مجموعة واسعة من المواد الغذائية والطاقة. وعلى مدى العامين الأخيرين، شهدت المملكة احتجاجات مستمرة، والتي ركزت على الاقتصاد الراكد.
في الوقت الراهن، يبقى من غير الواضح مدى انتشار العاطفة المناهضة لوجود القوات الأميركية، لكنها إذا تعمقت وتوسعت، فإن نشر الجنود الأميركيين في الأردن يمكن أن يصبح مشكلة.
ولا تقتصر المعارضة للوجود الأميركي ولتدخل عسكري أردني محتمل في سورية على إسلاميي الأردن فقط. فهناك واحد من أبرز الأحزاب الأردنية العلمانية، الجبهة الوطنية للإصلاح، على سبيل المثال، والذي تدخل ضد نشر القوات ودعا إلى عدم التدخل في الصراع.
لكن المجموعة الأكثر مصداقية والتي هاجمت تواجد القوات الأميركية ربما كانت اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، وهي منظمة تتشكل من زعماء القبائل والضباط السابقين رفيعي المستوى.
وتبدو عمان وأنها تأخذ هذه الشكاوى على محمل الجد. ففي 20 تموز (يوليو)، عقد رئيس هيئة الأركان العسكرية المشتركة الفريق أول الركن مشعل الزبن مؤتمراً صحفياً لتطمين الأردنيين إلى أن الجنود الأميركيين والأصول العسكرية توجد هنا ببساطة من أجل "مساعدة الأردن على الدفاع عن نفسه" وأن وجودهم لا يمس سيادة المملكة.
وفي الأثناء، ينكر رئيس الوزراء عبد الله النسور التقارير القائلة بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كانت تدرب الثوار السوريين في الأردن منذ العام 2012.
على الرغم من الجهود التي تبذلها عمان للحد من المعارضة الشعبية للوجود العسكري الأميركي على الأرض، فإنه يرجح أن تستمر رسائل المعارضة والاحتجاجات الشعبية على الانتشار الأميركي.
ويعود ذلك إلى أن الأردنيين يدعمون الثوار السوريين إلى حد كبير ويأملون في نهاية سريعة للحرب الدائرة في الجوار، وهناك أقلية صغيرة من سكان المملكة -12 % وفقاً لاستطلاع بيو للعام 2012- هي التي تنظر إلى الولايات المتحدة بشكل إيجابي. وللأسف، وعلى أساس هذه اللاشعبية المستمرة والنشر غير محدد النهاية للقوات الأميركية، فإن هذه القوات سبقى مصدر إزعاج مستمر للسكان المحليين.
تشكل الآثار الناجمة عن تدهور الأوضاع في سورية تهديداً متزايداً للمملكة. ومن المؤكد أن الطبيعة رفيعة المستوى لنشر القوات الأميركية كان يقصد منها إرسال رسالة إلى نظام الأسد. وفي حالة تحقق أسوأ السيناريوهات، فإن الجنود الأميركيين في الأردن يمكن أن يساعدوا المملكة في التعامل مع إدارة تداعيات الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، فإن تواجد الجنود الأميركيين في الأردن ليس بلا كلفة.
بالنظر إلى المخاطر، كان إيفاد أفراد الجيش والأصول العسكرية الأميركية إلى المملكة هو القرار الصائب. لكن بضع مئات من الجنود الأميركيين لن يعزلوا الأردن عن أكثر التهديدات التي يتعرض لها خطورة. إن الاستقرار الأردني هو إحدى ضحايا تردد إدارة أوباما في الشأن السوري. وإذا ما أرادت واشنطن دعم الملك عبد الله وتأمين المملكة، فإنها ستفعل كل ما هو ممكن لتسريع مغادرة نظام الأسد في سورية.
ديفيد شينكر - CNN
ترجمة: علاء الدين أبو زينة - الغد