مع إطلالة فصل الصيف ، وقلّة الحركة في فصل الشتاء وما يرافق ذلك من توتّرات ، تحلو السفرات إلى الأماكن الجبلية الخضراء الجميلة( ومن أهمّها عجلون على المستوييْن المحلّي والعربي) ، وأعتقد أننّي ما أخطأت المكان حينما أشرت إلى عجلون بأنّها رئة المملكة ومُتنفّسها ، لما تمتاز به جغرافيتها من تنوّع مثير وصحّي ، وخاصّة بعد الموسم المطري الخيّر لهذا العام الذي فجّر بعض الينابيع ( أبو الجود مثلاً) ، وغذّى العديد منها ( في أحواض أودية راجب وكفرنجة والريان) ، وساهم في ازدهار الغابات والأعشاب والعديد من النباتات البرية .
وتمتاز عجلون بتنوّع وغنى التربة وارتفاع مناسيب التضاريس فيها ( مثل جبل أم الدرج 1247م، وراس منيف 1198م، وجبل عوف حيث تتربّع قلعة عجلون 1023م) ، وارتفاع كمية أمطارها ( وخاصّة هذا العام) لذا اشتهرت المحافظة بغطائها النباتي المتنوّع الكثيف وجمالها الطبيعي وهوائها العليل، وتبلغ مساحة المحافظة حوالي 422ألف دونم منها 142 ألف دونم نباتات وغابات طبيعية ، أي ما نسبته 33,6% ( ثُلث المحافظة) ، ولذا فهي من أكثف المحافظات الأردنية في غطائها النباتي ، وتشكّل غاباتها ثُلث مساحة الحراج الطبيعي في المملكة ( رغم أنّ المحافظة هي من أصغر محافظات المملكة مساحة بشكل عام ) .
ونظراً لذلك سيُلقي هذا المقال الضوء على الأنواع النباتية الطبيعية في عجلون والتي تتمثّل بالأصناف التالية :
- الأعشاب الرعويّة : وتنمو في فصل الربيع وتزداد كثافاتها وتتّسع مساحاتها في المنطقة الشّفاغورية من المحافظة ( الأجزاء الغربية في مغاريب راجب وكفرنجة والوهادنة والهاشمية وحلاوة ) ، وتبلغ مساحة الأراضي الرعوي في المحافظة 4576دونم ، ومع ذلك فإنّ هذه المراعي لا تكفي حاجة مّربّي الحيوانات في المنطقة طوال العام ، ممّا يضطرهم لشراء الأعلاف لمواجهة فصل الجفاف، كما أنّ بعض المحميات الرعوية لا تُفتح للرعي إلاّ شهريْن من كل عام ، لهذا يزداد حجم الإعتداءات الحرجية الناتجة عن الرعي .
- البقوليات البرية : وتنمو وتزدهر في فصل الربيع ويستعملها السّكان كغذاء موسمي لهم ، مثل العِلْت والخُبّيزة والعكّوب والحُمّيْض والضبح والخس البري والحليان والدريهمة وكريشة الجدي والقصيصة والجلتون والكزبرة البرية واللسينة وغيرها ، وقد ذكر الرحّالة المتخصّص بعلم النبات ( بوست ) الذي زار المنطقة عام 1866م أكثر من 30 نوعاً من هذه البقوليّات ، وتختلف هذه الانواع في نكهاتها واشكالها واحجامها وطريقة تناول الانسان لها .
- النباتات العطريّة والطبية : واستعملها السّكان منذ القِدَم كعلاج للكثير من الأمراض ، ومن أنواعها : البابونج والزعتر البري والفيجن والشومر والخروع وجعيدة الصبيان والكمون والشبث والختمة وعرق السوس والسنمكة والحنظل والعفص والخويخا ( تصغير خوخ) وغيرها ، ويبدو أنّ الإهتمام بالنبات العطري الطبّي بدأ يزداد وعلى المستوى العالمي ( الطب البديل) وكردّ فعل لما تُخلّفة العقاقير الطبية الكيميائة من آثار جانبية .
- الغابات والأشجار الحرجية الدائمة الخُضرة والنفظية : وتعتبر محافظة عجلون من أغنى محافظات المملكة بالثروة الحرجية من الأنواع :-
* السنديانية : كالبلوط والملّول الذي يُغطّي نصف المساحة الحرجية في المحافظة .
* الصّنوبريّة : كالسّرو واللزّاب .
* الأشجار المائية : وتنمو على أطراف وبطون الأودية حيث الينابع الرقراقة الصافية ، ومن أنواعها الحور والطرفا والصُفصاف والدّفلى والسُعيد والورد والنعناع البرّي وغيرها .
* أشجار حرجية أخرى : كالخروب والبطم والسّماق والقيْقب والرتم والزقوم والعبهر والسدر والدوم والزعرور وغيرها .
**** الأخوة القُرّاء : هذا جانب بسيط من الجوانب البيئية التي تمتاز وتنفرد به عجلون ، فأهلاً وسهلاً بك في ربوعها وروابيها ، وحين تزورها ستتجدّد نفسك ويطيب خاطرك وعندها ستُردّد معي :
حبيبتي .....
ما اخضرّت الجبال في عجلون،
أو أينع الشّجر
إلاّ لنا ،
نعم لنا
فلنطرد الآهات والشّقاء ،
ونترك البلوط واللزّاب يُمرّغ الوجوه والشّفاه .
\"\"\" وللحديث بقيّة إن شاء الله .