إذا كنت يوماً في خندق والحرب من حولك دائرة، والقصف يستمر منذ ساعات، ولا تدري متى تهدأ الأمور، وفي تلك الأوقات العصيبة جاءتك الحاجة للتبول أو قضاء حاجتك فإن عليك أن تلبي نداء الطبيعة في مكانك، شاء من شاء وأبى من أبى، وعلى الواقفين حولك أن يغضوا النظر عن سوءتك إن كان لديهم شئ من الحياء، أو كانوا بالفعل في ساحة معركة.
أقول هذا وقد استوقفني كثيراً مقال دولة السيد أحمد عبيدات وطرحه لنبذ مؤامرة الوطن البديل، وما تناقلته وسائل الإعلام حول اختيار بني ارشيد أميناً عاما لحزب جبهة العمل الإسلامي. فالتلاحم الوطني من أهم ما نحتاج إليه هذه الأيام، و تفويت الفرص على المتآمرين لا يمكن تحقيقه في ظل نبرات التصعيد التي يحملها خطاب بني ارشيد، وطريقة تعامل الحكومة مع الحركة الإسلامية، فلا هذا يصفو لذاك ولا ذاك يراعي هموم هذا.
من هنا و هناك أحاول لملمة أفكاري كالمصدوم، فما تسير إليه الأمور واضح كل الوضوح، وما يحدث من تصادم وتنافر لن يأتي بخير على أحد ، بل إن الرابح الوحيد هو من يهتم ويؤلب الناس على خلافات داخلية، لكي ننسى الخلاف الرئيس والهم الأول. ولكي نغض أطرافنا عن العدو الأكبر لننشغل بعورات بعض.
لقد نجح الصهاينة في إشغال المقاومة الباسلة في فلسطين بتوافه الأمور، وأصبح الهم الكبير للشعب العظيم أن يلتقي على طاولة المصالحة والتوافق، بعد سنوات من الوقوف في خندق واحد، كما نجحوا بإشغال الأمة جمعاء في همومٍ خاصة، لا تعدوا عن طعام يوم وليلة لتغدو فلسطين وقضيتها ذكرى لا تطرى إلا بمناسبات وخلافات.
ومن هموم الوضع الراهن، فإن على عاتق الحركة الإسلامية هم كبير، يجب أن يشغلها أكثر من أي هم آخر، وذاك همّ الدعوة الأول في توحيد الأمة ولم الشمل، وهو ما يجب على الدعوة أن تبذل في سبيله الغالي والنفيس، وإن كان كي الجرح يشفي فنعم الدواء الكي.
أما عن حكوماتنا الرشيدة فعليها أن تقدم الكثير من التنازلات، وأن تستمع للجميع من أجل مصلحة الوطن الغالي، وأن تنأى عن المهاترات والفلسفات، لتقدم بذلك حلولاً عملية يلمسها الفقير قبل الغني، والضعيف قبل القوي، فلا القانون والتشريع يهم المواطن بالدرجة الأولى أكثر مما يهمه أن ينام قرير العين مرتاح البال.
وإلى الجميع رسالة مفادها: تذكّروا قصة الثيران الثلاثة ومقولة الثور المحزون \" ألا أني أكلت يوم أكل الثور الأبيض\"