في صغري اعتدت أن تقص علي والدتي قصة ما قبل النوم ، وأكثر قصة كنت اطلبها ، هي قصة : \"الفارس الملثم\" ، تدور أحداث القصة حول رجل يعيش في قرية صغيرة أغلب سكانها من الفقراء كحاله ، وقد كان جميع من في القرية يتجنبون هذا الرجل لكونه لا يخالط الناس ولا يكلمهم ولا يسمع له صوت أبدا ، فقد كان مشغولا في أمره ، يستطلع الأحداث بين الفينة والأخرى ، ويلوذ إلى صمته كلما استدعاه الحديث .
وقد كان هناك قطاع طرق يسكنون في أطراف القرية ، فيغيرون عليها بين الفينة والأخرى ، ويضيقون على أهلها ويخربون أمكنتها ويسرقون أطعمتهم وأموالهم القليلة البسيطة ويعيثون فسادا في جونبها .
وقد شكا منهم أهل القرية فلا سامع لشكواهم ولا مجيب لنداء استغاثتهم ، وطالما تمنوا الخلاص منهم لكن لا حيلة لهم فيهم ولا قوة عليهم.
الا ان سكان القرية تفاجئوا ذات صباح بأن وجدوا أحد قطاع الطرق مقتولا ومعلقا في ساحة القرية ، فأفرحهم المنظر ، وباركوا صنيعة من فعل ، فتكرر المنظر والمشهد أكثر من مرة ، مما دفع الفضول سكان القرية ، لمعرفة من هذا الذي يقوم بهذه الأفعال فانه ليستحق التكريم ، فعزموا امرهم على معرفته فتخفوا ليلا ، وبدؤوا يراقبون ، حتى اذا ما انتصف الليل ، حتى ظهر رجلا ملثم الوجه فتبعوه حتى وصل الى المنطقة التي يبيت فيها قطاع الطريق ، فتسلل اليهم وقتل منهم واحدا وجره خلفه الى القرية .
وما ان وصل الملثم الى القرية حتى تجمهر حوله الناس يحلفونه بالكشف عن وجهه ليعرفوه ويكرموه ويشكروه ، وما ان كشف عن وجهه حتى انبهر الجميع وقالوا قولة رجل واحد : أنت ؟؟!
لقد كان الفارس الملثم هو ذلك الرجل الذي يتجنبوه والذي اعتزل الحديث والتزم الصمت .
وعندها علا صوت الفارس بعبارات واثقة وصوت اشبه بأزير الأسد ، ان لا تحزنوا والا تخافوا ، ما بقي منهم الا قلة فاعينوني عليهم ، فلبا سكان القرية الفارس واعانوه حتى خشي قطاع الطريق الدخول على القرية بان يلقوا لقاء اصحابهم ، فسلمت القرية منهم ومن غيرهم وما عادوا يدخلون عليها .
انا لا اقص قصة للنوم ، انا اردت ان اقول لماذا كلما أسمع عن بيان الستين (المتقاعدين العسكريين) ، اتذكر هذه القصة .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com