الأردن كيان باقٍ رغم الرياح والأعاصير والأمواج العاتية التي أخذت تلوح في أفق الأحداث نحو إثارة الإشاعة لمجتمع خصب في تلقفها ليُطيِّرَ بالونات الاختبار التي تطلقها الماكنة الإعلامية الإسرائيلية لكي تُحرف بوصلة الجهد الدولي المتعب أصلاً من الاستيطان وسياسات التهجير القسري والحفريات التي تجري على قدم وساق تحت الأقصى . .
من هنا يجب على السياسيين الأردنيين وأصحاب القرار أن يعوا خطورة المرحلة القادمة بتكاتف الجهود بجميع العناوين والمضامين نحو بناء سد من الوحدة الوطنية في وجه الإعصار القادم نحو التمادي والتهجير لخدمة المشروع السياسي الإسرائيلي الذي ينظر إلى الأردن كموطئ قدم لصالح جملة من الأوهام الإسرائيلية التاريخية التي لا يمكن أن تتحقق بحكم منطق التاريخ . . وهذا ما تأكد لدينا بعد حديث جلالة الملك المفدّى الذي رفع حرارة الجسم الإسرائيلي إبّان التلويح بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن والرفض القاطع لكل مشاريعهم التوسعية . .
فالوحدة الوطنية بين الأردنيون والفلسطينيون المتواجدون على الأرض الأردنية نحن أول من يقبل بها بل وينادي بتحقيقها ولكن على أساس وحدة النضال والعداء التام للمشروع الصهيوني وعملائه بحيث تكون وحدة مقاتلين لا وحدة مستسلمين وبغير الاتفاق التام على عداء المشروع الصهيوني والوطن البديل فلا مكان على أرض الأردن لأي كان يعترف بالكيان الصهيوني ويدعو للتطبيع معه على حساب الأردن . . الأرض والإنسان والهوية . .
إن الوحدة الوطنية التي نفهمها ونطالب بها يجب أن تكون بين مجتمع مضيف ومجتمع لجأ بحكم الاحتلال لينذر نفسه مقاومة هذا الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان من هذا الطغيان والعودة إلى أرضه وعلى أساس احترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية والسياسية لكلا المجتمعين وإلا فالوحدة الوطنية هي دعوة لإقامة الوطن البديل في الأردن وبالتالي فإن الحديث الآن على الوحدة الوطنية يجب أن يكون حديثاً عن وحدة نضالية في وجه المشروع الصهيوني ليقود حواراتها أردنيين وفلسطينيين مناوئين للخندق الإسرائيلي . .
فالأمة العربية تمر الآن في أسوأ حالاتها من انفراد وتبعية وأنا هنا مع أن تكون الشعوب هي من تحطم الأوهام بتراصها ووحدتها البنّاءة لتشكل بذلك سداً منيعاً في وجه قطعان اليهود الذين عاثوا في الأرض فساداً وما زالوا يحرقون الأخضر واليابس بل ويدوسون بأحذيتهم ذات الرائحة النتنة صفحات معاهدات السلام بكافة بنودها . !
فالأردنيون جدار يصعب اختراقه من مجرد تفاهات تنعق بسوادها وسمّها الدفين كما أن الأردن سيبقى الراية والثورة ووحدة الشعب على أرضه هي نواة وحدة الأمة بوجه الخطر القادم من الغرب . . نعم سيقف كل الأردنيون على اختلاف أصولهم ومنابتهم ضد الطغاة وسيسطر التاريخ أن الأردن ذو الرسالة التوافقية قولاً وفعلاً على لم الشمل وهو البيت الذي يستوعب القاصي والداني من أبناء العروبة الواحدة وهذا ليس بغريب عمن حملوا رايةً ورصاصةً انطلقت ودوّت فُوّهات بنادقها بثورة الأحرار الميامين الذي رسموا الأرض بدمائهم الزكية لتكون الكوفية الحمراء رمز شهادة ووفاء ومدخل وإشارة لرجالات الأردن . . والأردنيون هم من غزلوا أشعة الشمس التي ألهبت حناجر البواسل الذين سطّروا مشاعل ورايات لا زالت ترفرف خفاقة فوق جبال الخليل واللطرون ومآذن وكنائس القدس . .
فنحن أردنيون أحرار ثابتون على أرضنا كثبات قلعة الكرك وأعمدة جرش . . ثابتون كالبتراء التي تعانق الغمام لتعكس حُمرتها عليه فيتورّد . . ثابتون كقُرانا التي لا زالت على عهدها مع مواسم القمح تنتظر الحصاد الذي بحلوله تطير الرؤوس المدبّبة لتصبح طحيناً فخبزاً يحمل رائحة الطوابين وعطرها غذاءً للأردنيين . . ثابتون كمادبا التي تشرق عليها شموس الحضارات فتسقيها رحيق الروح لتبقى قامة المدن الذي يعانق نجم سمائها طلع الزهور . .
وبعد . . ما معنى الأخوّة والجوار والقومية والدين والعروبة إذا تهاوت كلها على مذبح الكراهية والعمى والسياسات الغير مجدية . . ففلسطين ليست وحدها المستهدفة وإنما الأمة بكاملها . . حاضراً ومستقبلاً . . تاريخاً وحضارة . . فمن هنا ندعو إلى وئامٍ وسلام ووحدة صف ننفذ منها إلى تحقيق كل أهدافنا ونوطّد سيادتنا لنقف بشراسة أمام خصومنا \" وما أكثرهم \" وإلا فالسلام عليكم . . وعليكم السلام . !
MOQEEM98@YAHOO.COM