تنظم وزارة التربية والتعليم سنوياً مسابقات ثقافية لطلبة المدارس في الفنون الإبداعية المختلفة (قصة، شعر، مقالة) وباللغتين، وتتم هذه المسابقات على ثلاث مراحل: على مستوى المديرية والإقليم والمملكة، ويتم فرز ما لا يقل عن 300 مبدع سنوياً على مستوى المديريات، ومع تقديرنا لكل الجهود التي تبذل في هذه المسابقات وأهميتها إلا إنها للأسف تنتهي عند حد منح شهادة تقدير في الغالب، ونادراً ما تتجاوزها إلى جوائز تقديرية.
هذا الجهد المبتور، وهذه الخطوة اليتيمة لا تؤدي غرضها، وقد تكون سبباً في إحباط الطلبة المبدعين، وابتعادهم عن طريق الأدب والإبداع. وحتى هذه الجهود مع أهميتها إلا أنها تفتقر إلى التخطيط والتأسيس والعمل المبرمج المنظم.
يتم إسناد المسابقات الثقافية في الغالب إلى موظفين لا علاقة لهم بالإبداع، مما ينعكس سلباً على المسابقات برمتها، فلا تعطى الأهمية التي تستحقها، وفي المدارس يكلف بمتابعة المسابقات الثقافية معلمون لا يمكن أن يعطوها حقها من المتابعة والتدقيق لما يحملونه من أنصبة وأعمال كثيرة، فيترك الطلبة لجهودهم الشخصية وخبراتهم الخاصة، ولا نعدم بالطبع معلمين متميزين يبذلون جهوداً كبيرة في تشجيع طلبتهم ومتابعتهم.
الوزارة لا دور لها إلا بإعلان الفائزين وأحياناً يتم تكريمهم، وهنا ينقطع الحبل، ويترك الطلبة المبدعون لمصيرهم، دون أية خطوات لاحقة يمكن أن تصنع منهم أدباء عظام ومبدعين لا يشق لهم غبار.
إنَّ هذه الطاقات الإبداعية التي تبرز كل عام، تستحق من وزارة التربية أن توليها عنايتها واهتمامها بتكريم متميز يليق بهم وبإنجازهم، وبنشر النصوص الفائزة سنوياً على مستوى المديريات في مجموعات بالتعاون مع وزارة الثقافة، وعقد ورش إبداعية لترتقي بهم وتمنحهم دافعية للاستمرار وبذل مزيد من الجهد للخروج بنصوص أجمل وأكثر قوة وتميزاً.
وعلى مستوى المديريات يفترض أن يكرم الطلبة الفائزون، وأن يعقد للمعلمين المكلفين بالمتابعة ورش إرشادية في كيفية اكتشاف المبدعين والخطوات اللازمة لمتابعتهم أولاً بأول. ومن الضرورة بمكان عقد مشاغل تدريبية للطلبة الراغبين بالمشاركة على يد مبدعين معروفين لإكسابهم الحد الأدنى المعقول من فنون الأدب والإبداع، وصقل مهاراتهم، وتدريبهم على الكتابة الفنية وحُسن الإلقاء.
وعلى رابطة الكتاب والمؤسسات الثقافية المختلفة يقع عبء كبير بضرورة تبني الطلبة المبدعين واحتضانهم ومساعدتهم وترشيد خطواتهم الإبداعية ليكونوا نواة لمبدعي المستقبل، وعلى الرابطة أن تفكر جدياً بضمهم إلى الرابطة ضمن ناد خاص بهم أو رابطة موازية للناشئين.
كما أن على الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية ضرورة أن تنشر إبداع هؤلاء الطلبة والتعريف بهم وتشجيعهم على الاستمرار والمتابعة.
إن الإجراءات السالفة ذكر حق لهؤلاء الطلبة المبدعين، وواجب على وزارة التربية والثقافة والمؤسسات الثقافية والصحف والمواقع الإلكترونية، لأن هؤلاء هم مشاريع لأدباء وشعراء وكتاب، قد نلعب دوراً مؤثراً في ظهورهم، وقد نكون سبب صمتهم وتوقفهم وعزوفهم عن السير في طريق الأدب والكتابة.
وما ينطبق على المسابقات الإبداعية يمكن تعميمه على بقية المسابقات في البحث العلمي والتحقيق الصحفي وحفظ القرآن الكريم والحديث الشريف والشطرنج والمسرح وغيرها.
mosa2x@yahoo.com