خلدون مدالله المجالي
حين تأسست شركة البوتاس العربية كأول مشروع عربي مشترك وناجح وحازت على قانون الامتياز في خمسينيات القرن الفائت كانت الارادة الوطنية لاصحاب القرار الاردني تتجه نحو تأسيس مرحلة من الصناعات الاستخراجية والتعدينية تسهم بشكل فعّال في تخفيف واقع الفقر ورفد خزينة الدولة وتهيئة المناخ الداخلي لمرحلة الصناعات المتعددة والاعتماد على النفس للخروج من متلازمة شح الامكانيات والفقر , كانت ولادة شركة البوتاس وما رافقها من ظروف مالية صعبة وتحديات جسام أحد اهم النقاط المضيئة في تاريخ المملكة الاقتصادي والاجتماعي سواء ورغم جميع المعوقات التي رافقت تأسيسها الا ان ارادة الله اولاً وجهود الخيرين من ابناء الوطن من اصحاب قرار وعمال ذللت كافة الصعاب وصيّرت المستحيل للممكن ليشهد الاردن نهوض أولى الشركات الناجحة في رحم المناطق الأكثر فقراً وتهميشاً .
منذ الانتاج الأول عام 1984 وشركة البوتاس العربية تنهض بواجبها الوطني باقتدار وتحمل رسالة انسانية في ذات الوقت ميزتها عن باقي الشركات في المملكة من مسؤولية اخلاقية واجتماعية تجاه المجتمع المحلي ومن تأهيل وتنمية العمالة الفنية الاردنية وتذويب الفقر في جيوب المملكة ضمن منظومة الأمن الاجتماعي التي حرصت عليها مثلما حرصت على تحقيق النجاحات المتتالية وزيادة الارباح السنوية بشكل تصاعدي في سوق عالمي تسوده المنافسة الشديدة ولا يعترف بالرحمة ضمن ابجدياته المالية والتسويقية , وهكذا تسارعت عجلة الانتاج بالبوتاس وتوسعت بمشاريعها وفق خططها المرسومة بعناية لتحافظ الشركة على مستوى متقدم كثامن منتج لمادة البوتاس في العالم وتجني الارباح المجبولة باخلاص ابناء الوطن لتعود بالنفع على الدولة والمواطنين ومناطق المملكة الفقيرة .
ساهمت كثير من الحكومات الاردنية في التأثير الكبير على حجم تنافسية الشركة عالمياً وتراجع قيمة ارباحها السنوية بشكل ملحوظ حيث تعتبر كلفة انتاج الطن الواحد للبوتاس الاردني هي الاعلى عالمياً نظراً للارتفاعات المتتالية في مدخلات الانتاج الحيوية من كهرباء بنسبة وصلت الى 45 % ومحروقات بنسبة 20 % وزيادة اسعار المياه 9 % بالاضافة الى العديد من الرسوم والضرائب حيث تتقاضى الحكومة نسبة ( 125 ) دينار اردني على الطن الواحد بما يعادل ربع صافي الارباح السنوية للشركة , فمن خلال نمط الجباية المرهق للحكومات تجاه البوتاس وباقي الصناعات التعدينية وصلت كلفة انتاج الطن الواحد لاعلى المستويات عالمياً مع رفض الحكومة مؤخراً لتقديم الاعفاءات المطلوبة لمشروع عمليات التوسعة التي تُمّكن الشركة من تخفيض كلفة انتاج الطن الواحد رغم ما يوفره المشروع الجديد من استحداث فرص عمل جديدة تستهدف البطالة والفقر , ومع تسليمنا بان التحديات المذكورة مسؤولة بشكل اساسي عن تراجع وضع الشركة المالي والاقتصادي الا ان هناك تحديات عالمية تلوح بالأفق ويمكن ان تساهم بتراجع قيمة الارباح بشكل صارخ عبر التأثير على سعر الطن المباع عالمياً .
الحكومة الحالية مدعوة بشكل عاجل لانقاذ شركة البوتاس العربية والحفاظ على مقدرات الوطن والاجيال الذي يأتي عبر تخفيض كلف الانتاج ورفع مستوى تنافسية الشركة عالمياً عبر منحها مزايا استثمارية مطلوبة لعمليات التوسع ونسب مقبولة لكلا الطرفين تتعلق باسعار الكهرباء والمياه وضريبة الدخل على الأقل حتى لا نسهم في تدمير الصناعات الوطنية ونتبادل اتهامات المسؤولية والتقصير فيما بعد ,,, فهل وصلت الرسالة
Majali78@hotmail.com