** شعرت بالملل والإحباط , فخشيت أن أتوارى خلف ( التيّارات ) مرّة أخرى ... تراخيت كثيرا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في الكتابة بعدما اكتسحت لعبة ( القوائم ) معظم المواقع الإخبارية الأردنيّة , فتوجسّت من أن ( يزجّ ) بإسمي عنوة أو ( إعتباطا ) في إحدى هذه القوائم الّتي لا تعبّر عن واقع ( الحال ) مهما كانت النّوايا والأهداف ما ظهر منها وما بطن ... حاولت أن ( أقفز ) فوق كلّ الأحداث وأكتب عن أشياء لا تخطر ببال أحد , ولكنّني فوجئت أنّ معظم الأردنيّين أصبحوا ( مولعين ) جدّا بالمساجلات , ومعرفة ( تقلّبات ) الجوّ ,وتصفّح البيانات الناريّة , وقراءة ( الطّالع ) السياسيّ الّذي غالبا ما تعصف به ( الإشاعات ) سواء كانت من صنع الإنتهازيّين أو من صنع الملثّمين الّذين يعيثون فسادا في جنح الّليل ... حاولت أن ( أركب ) رأسي وأتغزّل جنونا في إمرأة لا أعرفها , ولكنّي لم أعثر على ذاك ( الخبز ) الّذي يجيز لي أن أعشق مثلما كنّا نفعل ذلك قبل ثلاثين عاما بالتّمام والكمال .
حينما تصبح الكتابة ضربا من ضروب ( النّميمة ) أو الرّدح السياسيّ , فإنّ الرّأي سينقلب إلى ( جريمة ) نكراء يرتكبها بعض المتهوّرين بحقّ الوطن , وعندما تتحوّل لغة الحوار إلى ( إستعداءات ) ومزايدات وتكفير واتهامات , فإنّ الوصول إلى الحقيقة سيكون أكثر صعوبة وإخفاقا من التوصّل إلى نقطة الحوار , ولا يجوز لأحد سواء من هذا التيّار أو ذاك أو من غيرهما أن يترجم آراء الآخرين حسب أهوائه ومصالحه الشخصيّة وتقلّباته ( النفسيّة ) , ولا يحقّ لأحد أن يقسّم الأردنيّين إلى أقوام وقوائم وأشياع وأتباع , ولا يمكن أن يختزل ستّة ملايين أردنيّ في مئة أو ألف أو ألفي شخص لا يمثّلون إلاّ أنفسهم أحيانا .
لا أنكر أنّ هناك هفوات وأخطاء تستدعي التحرّك بكلّ الإتجاهات , ولا أنكر أنّ الفساد بكلّ أحجامه وأشكاله وأنواعه إستشرى في كلّ مؤسّساتنا وتسبّب في استفحال الجّوع والبطالة والجريمة والبلبلة , ولا أستبعد كذلك أن الوطن يتعرّض لمؤامرات خطيرة تستهدف أمنه واستقراره , وأنّ ثمّة مؤامرة تحيكها إسرائيل وتيّارات أخرى لتكريس الوطن البديل ... ولكنّ الأخطر من كلّ ذلك هو ( العبث ) بالثّوابت الوطنيّة , وإشعال بؤر التوتّر هنا وهناك , وإقحام الوطن بمشاكل تصنعها الأهواء .
ولكيّ نتخلّص من ظاهرة سوء الظّنّ , ونمحق ( الغبن ) الّذي بات يفتّت أكبادنا , ونتجنّب عواقب الأمور , فإنّه لا بدّ من الّلجوء إلى الحكمة والحوار الهادف البنّاء والدعّوة إلى عقد مؤتمر وطنيّ تشارك فيه كلّ الأطياف والتيّارات والشخصيّات الوطنيّة لمناقشة كلّ المشاكل الّتي يعاني منها الوطن وإنقاذه من كلّ ( العواصف ) والأخطار .
سامحوني إن كنت قد ( تألّمت ) , ولكنني لن أقبل أن أكون ( مسمارا ) يغرز في خاصرة الوطن , ولن أكون في يوم ما ( شاهد ) زور يتجنّب الحقيقة وإن كانت مرّة ومؤلمة .
adnan_rawashdh@yahoo.com