زاد الاردن الاخباري -
مع إسدال الستارة على مجريات الانتخابات البلدية مساء أمس على وقع تسجيل نسب مشاركة "متدنية" وأحداث شغب محدودة، بدا غياب الحركة الإسلامية عن المشهد الانتخابي "اعتياديا، لم تحدث فيه خسائر سياسية"، لكن ذلك لم يمنع من ارتكاب سلسلة أخطاء فنية، سبقت يوم الاقتراع، وفقا لمراقبين.
ولم يشهد أمس، ولا حتى قبل أسابيع من موعد الانتخابات، سخونة سياسية، على غرار ما شهدته انتخابات المجالس البلدية في 2007، حيث انسحبت الحركة الإسلامية فجأة وفي وقت متأخر من يوم الاقتراع، احتجاجا على تجاوزات وعمليات تزوير واسعة.
ووصفت الحركة ذاك الانسحاب بـ"السياسي وليس القانوني"، معتبرة أنه أحدث حالة إرباك في المشهد الانتخابي، لكن ذلك لم تتوافر معطياته في الانتخابات الحالية، جراء مقاطعة الإسلاميين للانتخابات، وهم من قاطعوا أيضا انتخابات العام 2011 التي انتهت بحل المجالس البلدية إثر أحداث شغب واسعة، عمت البلاد.
من هنا، يحمّل مراقبون مسؤولية الفتور الشعبي تجاه الانتخابات البلدية للجهات المسؤولة أولا، بينما يرى البعض أن غياب الإسلاميين عن الانتخابات أمس، لم يكن ملحوظا لاعتياد الأوساط الشعبية والسياسية على مواقف المقاطعة السياسية بالمجمل.
لكن المحدد الأبرز الذي رسم ملامح المشهد الانتخابي، كما يرى الوزير الأسبق سميح المعايطة، سلسلة أخطاء ارتكبتها الحكومة بالترويج والتحضير للانتخابات، مبينا أن تأثير غياب الإسلاميين "تراجع كثيرا" في المشهد السياسي.
ويعدد المعايطة سلسلة الأخطاء تلك، ابتداء من عدم تحديد موعد الانتخابات مبكرا، والتعديل الوزاري الذي سبقها بأيام، ثم التخبط في تحديد الجهة المسؤولة عن إدارة الانتخابات، بالإضافة للجدل الدستوري بشأن قانون الانتخابات البلدية.
ويعتقد المعايطة، الذي شغل موقع الناطق الرسمي باسم الانتخابات النيابية مطلع العام، بأن "الانتخابات البلدية ظلمت ولم تستدرك الحكومة أخطاءها".
وبشأن الإسلاميين الذي يحظون بقواعد انتخابية في الشارع، لا يرى المعايطة في حديثه إلى "الغد" ما أسماه بـ"تسجيل فروق جوهرية" ناجمة عن مقاطعتهم، وقال "تأثيرهم قل كثيرا. تعوّد الشارع على غيابهم".
وكان الإسلاميون انسحبوا العام 2007 من الانتخابات، بعد ترشيحهم لخمسة مرشحين لرئاسة خمس بلديات كبرى، وكالوا الاتهامات للحكومة بالتدخل ضدهم، لكن الحكومة رفضت اتهاماتهم، وأكدت نزاهة الانتخابات.
القيادي في جماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات، سخر من الحديث عن أي خسارة تترتب على الحركة الإسلامية، نتيجة مقاطعة الانتخابات البلدية، قائلا إن "المتجول في شوارع عمان الثلاثاء، لا يجد أي مظاهر انتخابية".
وقال الفلاحات إن "غيابنا أثر على نسبة الاقتراع التي سجلت. لا أحد يشعر بوجود انتخابات. أصوات الناخبين لا قيمة لها".
أما نائب المراقب العام للجماعة القيادي زكي بني ارشيد، فاكتفى بالتعليق أمس بالقول لـ"الغد" "الانتخابات لا تقدم ولا تؤخر".
وكان رئيس الحكومة السابق معروف البخيت، وصف انسحاب الإسلاميين العام 2007 من الانتخابات البلدية، بـ"المخطط المسبق لتفجير العملية الانتخابية".
في المقابل، لم تشهد انتخابات هذا العام، سوى تراشقات إعلامية محدودة، أكدت فيها الحركة الإسلامية مقاطعتها للانتخابات دون تبني حملة للدعوة إلى المقاطعة، وفق تصريحات سابقة لقيادات إسلامية.
إذن، لم يشهد التحضير للانتخابات البلدية "تصاعدا متسارعا" بالترويج لها، ما انعكس أيضا على تحركات الأحزاب السياسية الأخرى التي كانت مشاركتها متواضعة وأقرب للرمزية، لأسباب وصفوها، بـ"الاستنزاف" الذي تكبدته في الانتخابات النيابية، ذات الصبغة السياسية، بخلاف البلديات الخدمية.
وفي قراءة ميدانية، أعرب القيادي في حزب الوسط الإسلامي المهندس مروان الفاعوري لـ"الغد" عن أسفه، لتدني نسب المشاركة بالانتخابات، قائلا إن ذلك "ناجم عن أعوام طويلة من السياسات الحكومية المتخبطة".
الفاعوري الذي شارك حزبه بقائمة مرشحين، قال إن "قطاع البلديات على أهميته اليوم "مدمر، ينهشه الفساد"، على الرغم من أن العمل البلدي في بلدان العالم المتقدم، هو من يفرز القيادات السياسية البارزة.
وكانت أحزاب ائتلاف القوميين واليساريين، أعلنت مشاركتها في الانتخابات رسميا، بينما شاركت بقية الأحزاب الأخرى دون إعلانات رسمية، وبمشاركة محدودة وسط مقاطعة حزب جبهة العمل الإسلامي.
الغد