ان عنوان المقال يوحي للقارىء بأنني اتحدث عن الموت الطبيعي اي موت النفس ورجوعها الى خالقها ولكني قصدت موت الضمير الانساني الذي يصيب البعض ويجعله شخصا بلا احساس هدفه الوحيد مصلحته الشخصية حتى لو ادى ذلك الى الحاق الاذى بالاخرين لا يهمه اخا ولا صديقا ولا جارا ولا يسلم منه حتى وطنه الذي احتضنه ووفر له كل سبل الحياة الكريمة حين يموت ضمير الانسان يصبح كل شيء مباح كلام الزور الخيانه القتل والسكوت عن القتل ويصبح طعم الدم لذيذ كعصير البرتقال وتهون الاوطان والاعراض ويزيف التاريخ, يصبح الأنين ألادمي كمعزوفة رومانسية من قيثارة فريده واصوات المدافع كقرع الطبول وتدمير المنازل على رؤوس اصحابها كمشاهدة فيلم مثير, وتنزع الذاكره من جذورها ويصبح كل شيء ابيض .
عندما يموت ضمير الانسان يصبح الجلاد بريء والضحية متهم وتهاجر الحمامات البيضاء ولا يبقى في الجو الا الغربان تنعق صباحا مساءعندما يموت الضمير الانساني ينظر للاوطان كمزارع عائلية والشعب قطيع من غنم وتغفو العقول وتثور الاحقاد وتتعطل انسانية الانسان وتفقد حواسه قيمتها ويصبح صاحب عقل لا يفقه وصاحب عين لا تبصر وصاحب اذن لا تسمع الا ما تريد ان تسمع وصاحب قلب لا يدرك ما معنى الوطن وحب الوطن وما معنى ان يتنكر الانسان الى وطنه من اجل مصلحة زائله ودراهم قليلة .
لا اقصد من مقدمتي هذه الا الاشخاص الذين باعوا اوطانهم وتنكروا لها واخذوا يكيلون التهم جزافا بعبارات ثقيلة ومسميات في غير مكانها والوطن بالنسبة لهم مثل ام انجبت اولادا وضحت من اجلهم بالغالي والنفيس وسهرت عليهم الليالي الطوال ووفرت لهم كل سبل الحياة الكريمة من مأكل وملبس وتعليم ورعاية صحية وعندما كبر هؤلاء الصغار واشتد عودهم اخذوا ينظرون الى امهم نظرت حاقد عاق بوالديه مخالفا كل التعاليم السماوية ومن ثم يرسلونها الى اقرب ملجأ للعجزه للخلاص منها متناسين كل ما قدمت وضحت من اجلهم لان ضميرهم غائب ميت لا حياة فيه .
اقول لجميع من دخل ضميره في سبات عميق يصل حد الموت ان يفيق ضميره ويرجع الى رشده والى حضن وطنه الدافىء لانه ليس هناك من مكان يحتضنك بحراره الا الوطن وما عداه الا سراب ووهم .
اقول الى الذين ينظرون الى الوطن بعينين سوداويين وقلب مظلم وينظرون الى النصف الفارغ من الكأس ويكيلون التهم والالفاظ المسيئه ويجتمعون مع العدو لطعن الوطن في خاصرته وهم واهمون ان هذا العدو هو من يستطيع ان يحقق له امانيه ولا يدري ان تحقيق الاماني بهذه الطريقة تكلف الانسان الكثير تفقده كرامته وشرفه واهله ووطنه ويصبح لا حياة فيه مرذولا ومكروها من الناس حتى من اقرب الناس اليه.
إن مبدأ حب الوطن لا ينكره عقل ولا يرفضه لبيب، إنه انتماء فريد وإحساس راقي وتضحية شريفة ووفاء كريم انه حب سامي يمكن غرسه في نفوس ابنائنا وتأصيل حب الوطن والانتماء له في وقت مبكر، وذلك بتعزيز الشعور بشرف الانتماء للوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للعمل من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته.