عندما يفتقر طرفان أو أكثر لأدبيات الحوار الواعي وأخلاقياته، يتمّ اللجوء إلى أساليب بدائية؛ بدايتها الغِلظة في القول، وأوسطها التّلويح بما تيسّر، ونهايتها التسديد باللكمات والأحذية، والطرح أرضًا، والتصويب بمنافض السّجائر، وقد يُختتم هذا المشهد المتكرر بمسدس حتى تاريخ كتابة هذه السّطور.
تلك هي بعض أسلحة الحوار الشّامل في مجتمعاتنا، ولا سيّما مجالس النواب التي انتُخبت لتكون مرآة المجتمع بأخلاقه، وهمومه، وآماله، فتحولت بين ليلة وضحاها إلى مجالس يسودها الشحناء والبغضاء والجفاء، مجالس تصرف جلّ وقتها في هوشات وطوشات أكثر مما تصرفه في سنّ تشريعات أو مراقبة مثمرة لسياسات. ولا نعرف حقًّا كيف ستكون مسوّدة تشريع ما على وقع صليل الأحذية، وقرقعة الزّنانير والأحزمة، وجلجلة الحناجر، وأزيز الرّصاص في جلسات قادمة لبعض نوائب هذا الشعب الطّيب، الذي ما إن يخرج من بلوى حتى يقع في مستنقع من البلاوي الأُخر.
إن بقي الأمر على هذه الحال- لا سمح الله تعالى ولا قدّر- فينبغي أخذ تدابير وقائية، تأخذ في الحسبان الأسلحة المتطايرة والزّاحفة، واستخدام تقنيات المراوغة والاختباء تحت المقاعد حال نشوب عراك أو صدام، عن طريق توفير ملاجئ آمنة بغرض الحدّ من خطورة الموقف الذي لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه الأحوال.
إنْ بقي الأمر على هذه الحال- لا سمح الله تعالى ولا قدّر- فينبغي استحداث شعبة للدّفاع المدنيّ، وأخرى للأمن العام المختص بالشغب وتفريق المتخاصمين. وثالثة من وزارة الصحة أو أي جهة ذات اختصاص خبيرة في إعطاء دورات مكثفة في الإسعافات الأوليّة.
في أثناء كتابة هذه السّطور، ورد خبر تناقلته المواقع الإخبارية عن قيام أحد النواب بإطلاق النار من كلاشنكوف على زميل له.
لذا، لا ضرورة لمتابعة الكتابة في هذا الشأن؛ فهذا المجلس أصبح عارًا علينا، ويجب حلّه بأسرع وقت ممكن، بعد أن صدر عنه وفيه ما يندى له الجبين، بحيث لا يُقبل بتاتًا مثل هذه السّلوكات من أولاد الشّوارع