زاد الاردن الاخباري -
يفضل الكثير من الازواج استمرار علاقتهما الزوجية بالرغم من الخلافات والاختلافات التي قد يكتشفونها في بداية زواجهما ، وعلى الرغم من انهما على يقين بان الحياة الزوجية بينهما قد فقدت خصوصيتها الا انهما يصران على الاستمرار بها خوفا من نظرة المجتمع لهما بانهما "مطلقان" ، وقد ينتج عن استمرار الحياة بينهما اطفال يتحملون عبء ومعاناة هذا الكره الذي يشاهدونه يكبر يوما بعد يوم بين والديهما وهما يعتقدان بان بقاءهما لمصلحة اولادهما .
الكثير من الحالات اتخذت قرار الطلاق كحل نهائي بعد ان توصل كل من الطرفين الى يقين بان استمرار الحياة الزوجية بينهما مستحيل وان من شانه ان ينعكس بشكل غير صحي على نفسية ابنائهما وعلى سير حياتهما كازواج.
الطلاق
تحدث "مروان" 33 عاما عن لجوئه للطلاق كحل جذري لانهاء الخلافات التي كانت تنشأ بينه وبين زوجته في بداية زواجهما واكتشافهما الكثير من الاختلافات في شخصيتهما وفي طباعهما.
وذكر مروان ان ارتباطه بطليقته كان بالطريقة التقليدية ولم تستمر فترة خطوبتهما الا ثلاثة اشهر لم تكن كافية لكي يكتشف كل منها طبيعة الاخر..وأضاف : بعد الزواج بدأت الخلافات بيننا تزداد يوما بعد يوم ومنذ الشهر الاول حيث صممت هي ان تترك البيت وتبقى عند اهلها ..الامر الذي اضطرني الى الاستعانة بأهلي في حل هذه المشاكل وقد قامت والدتي بزيارتها في بيت اهلها لمعرفة سبب الخلاف بيننا الا ان الاسباب التي كانت تذكرها لم تكن مقنعة للجميع.
وذكر انه فكر جيدا قبل أن يتخذ قرار الطلاق وذلك لكي لا يظلم شريكة حياته وقتها ، الا انه وفي النهاية اقدم على هذه الخطوة بعد ان وصل لقرار نهائي وبموافقة جميع الاطراف من العائلتين.
ويجد "مروان" ان الطلاق هو حل لكثير من المشاكل الزوجية ، مؤكدا بان استمرار الحياة بين اي زوجين في اجواء نفسية غير صحية ستنعكس بشكل سلبي على نفسيتهما وصحتهما وكذلك على الحالة النفسية والتربوية لابنائهما الذين يشاهدون الكره الذي يحمله كل من ابويهم للاخر.
وجود ابناء
ونفس القرار اتخذته "سناء" 41 عاما قبل ثلاث سنوات بعد ان تأكدت بان استمرار الحياة الزوجية بينها وبين زوجها مستحيلة فقد كان يعذبها ويعذب اولادها الثلاثة بالضرب والاهانة والطرد من المنزل وبطريقة وحشية وذلك بسبب تعاطيه الكحول بشكل كبير.
وذكرت سناء ان زواجها الذي استمر ثلاثة عشر عاما كان عبارة عن جحيم يومي ولم تشعر ولو ليوم واحد بأنها زوجة حتى بعد ان انجبت اولادها الثلاثة اعتقدت بان مجيء الاولاد في حياتهما سيغير من طبيعة حياتهما الا ان تصرفاته معها ومع اولاده كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم.
واكدت سناء انها كانت تتحمل كل هذه الضغوطات والاهانات بسبب اولادها فقد كانت تخشى عليهم من ان يعيشوا حياة مشتتة مع ام واب مطلقين .الا انها عدلت عن هذه الفكرة بعد ان تاكدت بان الطلاق هو الحل الامثل لجميع الاطراف وتحديدا لاطفالها الذين يشاهدون امهم وهي تهان وتذل امام اعينهم وقد صممت وقتها على الانفصال بعد ان اجبرها زوجها وقتها على التنازل على جميع حقوقها الزوجية وكذلك توقيعها على عدم الالتزام باي مصاريف خاصة بالاولاد .
تقول سناء: كنت اتوقع بان تكون حياتي بعد الطلاق سيئة الا انني الان اندم على كل لحظة تحملت فيها هذا الظلم وهذه الاهانة بسبب خوفي من ان احمل لقب مطلقة فقد اكرمني الله عز وجل بوظيفة مجدية في احدى المؤسسات التابعة لوزارة التنمية والتي تعني بتطوير مهارات السيدات واستطيع من خلال دخلي وعملي في "التطريز" ان ادر دخلا جيدا يكفيني ويكفي مصروف واحتياجات ابنائي الثلاثة.
حل سريع
ولم يجد "محمود" اي مشكلة من مصارحة زوجته بعدم رغبته باستمرار الحياة الزوجية بينهما بعد زواج استمر سنة ونصف فقد فاجاته بانها اتخذت نفس القرار وبانها لا ترغب باستمرار العيش معه كزوجة.
يقول محمود ان قرارهما جاء بشكل واضح وحازم وذلك بعد ان وصلت الخلافات بينهما لدرجة اصابته بالانهيار العصبي وارتفاع الضغط وغيرها من الامراض النفسية والعصبية.
ولم يرغب محمود ذكر الاسباب التفصيلية التي كانت سبب خلافه بطليقته الا انه اكتفى بان يقول ان الحياة بينهما كانت مستحيلة وقد اكتشف كل منهما هذا الامر منذ الشهر الاول من زواجهما الا ان استمرارهما لمدة سنة كان نتيجة حملها وانجابها طفلة ولم يكن وقتها يمتلك الجرأة لكي يطلب منها التخلص من جنينها وكان يعتقد بان مع وجود طفل ستتحسن الاوضاع النفسية والاجتماعية بينهما الا انها وللاسف كانت تزداد سوءا يوما بعد يوم.
الصحة النفسية
الدكتور عامر المصري اختصاصي الصحة النفسية والاستشارات الاسرية علق على هذا الموضوع قائلا: ان الطلاق هو وسيلة من وسائل الشرع التي اباحها الله سبحانه وتعالي عند انعدام فرص التعايش مع الاخر وبالتالي هناك مجموعة من الاسباب الشرعية التي تبيح الطلاق.
وأضاف: يعتبر الطلاق هو احدى وسائل انهاء المعاناة عند استحالة القدرة على التكيف على الظروف النفسية لدى الزوجين وبالتالي يعتبر وسيلة مشروعة خاصة اذا كان البقاء في نفس البيئة "غير الصحية" بين الزوجين يؤدى الى خطورة اجتماعية ونفسية لكل منهما حيث يكون هنا الحل الوحيد هو الانفصال السريع .
ودعا د.المصري كل زوجين يفكران بالانفصال الى التفكير والتروي قبل الاقدام عليه وان يحاولا ايجاد حلول مشتركة من شأنها التقليل من حجم المشاكل بينهما وفي حال كانت كل الحلول غير مجدية وقتها يكون الطلاق هو الحل الامثل لانهاء علاقتهما الزوجية.
وكذلك دعا د.عامر الى عدم الاكتراث الى النظرة الاجتماعية للمطلقين والتي قد يخاف منها أي من الزوجين والتي قد تكون سببا رئيسا في استمرار حياتهما الزوجية بطريقة غير صحية .
رأي الشرع
وذكر الدكتور ابراهيم زيد الكيلاني وزير الاوقاف الاسبق ان الله شرع الطلاق لحكمة وهذه الحكمة هي الخشية بأن تصبح الحياة الزوجية جحيما لا يطاق وبعد ان تستنفذ كل وسائل الاصلاح ويتبين ان الحياة لا تستمر مع هذه الخصومة والمشاكل المتفاقمة .
واضاف ان القرآن الكريم بين ان الطلاق مرتان امساك بمعروف او تسريح بإحسان وهذا يعني بان الطلاق على مراحل الطلقة الاولى تقع طلقة رجعية يمكن للزوج ان يرجع زوجته خلال الثلاثة اشهر وهي مدة العدة ويجب على المرأة ان تبقى في بيت زوجها خلال هذه الفترة لان العقد لم يفصل بينهما بشكل نهائي ، وانما حدث هذا الطلاق للتفكير ومراجعة كل منهما لاسباب الطلاق وعليه يمكنهما مراجعة انفسهما في اسباب الخلاف عسى ان تكون هذه الفترة عاملا لاصلاح خلافاتهما.
فاذا استمرت الاشهر الثلاثة ولم يجد الزوجان حلا لانهاء خلافاتهما تصبح الطلقة بائنة بينونة صغرى.وعندها لا ترجع المرأة الا بعقد جديد .واشار د.الكيلاني ان القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة حثا على ان يتروى كل من الزوجين قبل ان يقدما على قرار الطلاق وان يحكما اهلهما في امورهما لعل وعسى ان يتراجعا عن هذا القرار.
الدستور - جمانة سليم