زاد الاردن الاخباري -
كشفت مصادر سياسية أردنية أن البرلمان الأردني تجنب خيارا بحله يوم الثلاثاء الماضي باتخاذه قرار فصل النائب طلال الشريف الذي أطلق النار من سلاح كلاشينكوف داخل البرلمان، وهو الحادث الذي كاد يودي بالمجلس بعد ثمانية أشهر فقط على انتخابه.
وقرر مجلس النواب مساء الثلاثاء الماضي فصل الشريف الذي أمر النائب العام حبسه 14 يوما على ذمة خمس تهم، كما قرر المجلس تجميد عضوية النائب قصي الدميسي لمدة عام بعد إدانته بإثارة مشكلة مع الشريف.
ووفق سياسيين وبرلمانيين فإن الملك عبد الله الثاني استدعى رئيس مجلس النواب سعد هايل السرور على عجل بعد حادثة إطلاق النار، وإنه التقاه بحضور مرجعيات عليا بالدولة طالبت جميعها السرور بضرورة العمل سريعا على اتخاذ إجراء حاسم قبل أن تتفاقم تداعيات الحادث.
وعلمت الجزيرة نت أن الملك كان واضحا في طلبه بأن يتم اتخاذ إجراء حاسم.
حشد النواب
وكشفت المصادر عن أن أجهزة الدولة المختلفة لاسيما جهاز المخابرات والحكومة والديوان الملكي عملت جميعها على تأمين حضور أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب للجلسة التي عقدت مساء ذات اليوم، وتصويتهم لصالح فصل الشريف الذي يحتاج لتصويت ثلثي أعضاء البرلمان (مائة من أصل 150) وفقا لنصوص الدستور الأردني.
وقال مصدر سياسي بارز إن تقديرا سياسيا وضع أمام الملك في نفس اليوم كان يشير إلى أن عدم اتخاذ إجراء حاسم من قبل مجلس النواب سيصعب من مهمة استمراره في ضوء الغضب الشعبي من مشهد العنف القادم من المؤسسة التشريعية، التي ينتظر الشارع مساهمتها في حل ظاهرة العنف الاجتماعي.
وقد أثرت ظاهرة العنف الاجتماعي على صورة المملكة وهيبة الدولة، بعد أحداث العنف التي شهدتها الجامعات والشارع بعد أن أوقعت قتلى وجرحى هذا العام وفي الأعوام التي سبقتها.
تحصين المجلس
وكشف النائب الأول لرئيس النواب خليل عطية عن أنه طلب من رئيس المجلس أن يبادر بالاتصال بالديوان الملكي لطلب إرادة ملكية بإضافة بند النظر بحادثة إطلاق الرصاص داخل البرلمان على جدول الدورة الاستثنائية، حيث يحظر الدستور مناقشة أي بنود خارج الجدول الوارد بالإرادة الملكية لانعقاد المجلس.
ولا يخفي عطية بأنه وبالرغم من وجود توجه برلماني لاتخاذ قرار حاسم بحق النائب مطلق النار، فإن قرار الملك بإصدار الإرادة الملكية سرع من اتخاذ القرار في نفس اليوم.
وأضاف عطية للجزيرة نت "قرار فصل النائب الشريف حصن المجلس من كافة سيناريوهات كانت من الممكن أن تودي به وبسمعته".
وتابع "القرار قوى المجلس وحصنه أكثر وانتصر لكرامته، ومنحه دفعة أمام محاولات النيل منه، وربما الدفع بحله من قبل أعدائه السياسيين".
وكان البرلمان اعتمد مساء الأحد اقتراحا من النائب عطية بأغلبية كبيرة قضت بتجميد عضوية أو فصل أي عضو من أعضاء المجلس يسيء له بتصرف أو حمل السلاح داخل أروقته، بعد حادث إطلاق النار وحوادث أخرى، من بينها حمل نائب للسلاح تحت قبة البرلمان، وحوادث عنف بين النواب في أكثر من مناسبة.
انهيار خطة الإصلاح
وبرأي المحلل السياسي فهد الخيطان فإن الخطوة الحاسمة باتجاه فصل النائب جاءت من الملك، الذي استدعى رئيس النواب بعد حادثة إطلاق النار، كما ساهمت مؤسسات الدولة بحضور العدد الكبير من النواب للجلسة (136 نائبا صوتوا جميعا لصالح فصل الشريف باستثناء يحيى السعود).
ولفت الخيطان للجزيرة نت إلى أن الملك نظر لحادث إطلاق النار باعتباره "خرقا لا يمكن تجاوزه بدون إجراء حاسم.
وشرح "بالنسبة للملك كان اتخاذ إجراء حاسم أمرا ضروريا جدا، لأن عدم اتخاذ مثل هذا الإجراء كان سيؤدي لانهيار خطة الإصلاح التي راهن عليها، عوضا عن مكافحة ظاهرة العنف التي انتقلت للبرلمان، بعد أن مأمولا منه المساهمة في الحد من انتشارها في الشارع والجامعات".
ولا يخفي المحلل السياسي استفادة البرلمان أيضا من القرار، كونه حصنه من الحل، وقال "عدم اتخاذ القرار الحاسم أو تأجيله لليوم التالي كان سينزع الشرعية الشعبية عن البرلمان، وهو ما كان سيدفع الملك ربما لحله".
وزاد "الملك لم يكن سيحتمل بقاء مجلس تحول لساحة صراع مسلح، ولم تتم معاقبة من حولوه إلى ذلك. عوضا عن أن ذلك سيرفع من مستوى الاحتقان الشعبي ضد البرلمان الذي يعاني من اهتزاز صورته شعبيا في السنوات الأخيرة".
وأشار الخيطان إلى أن ما جرى منح البرلمان قوة في مكافحة ظاهرة العنف بداخله، عبر النص على إجراءات قاسية ضد أي نائب يقوم بأي حالات عنف بالمستقبل.
الجزيرة نت.