أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
إقرار نظام الصُّندوق الهندسي للتَّدريب لسنة 2024 الموافقة على مذكرتي تفاهم بين السياحة الأردنية وأثيوبيَّا وأذربيجان وزير الدفاع الإسرائيلي لنظيره الأميركي: سنواصل التحرك بحزم ضد حزب الله تعديل أسس حفر الآبار الجوفيّة المالحة في وادي الأردن اختتام منافسات الجولة السابعة من دوري الدرجة الأولى للسيدات لكرة القدم ما هي تفاصيل قرار إعفاء السيارات الكهربائية بنسبة 50% من الضريبة الخاصة؟ "غرب آسيا لكرة القدم" و"الجيل المبهر " توقعان اتفاقية تفاهم عجلون: استكمال خطط التعامل مع الظروف الجوية خلال الشتاء "الأغذية العالمي" يؤكد حاجته لتمويل بقيمة 16.9 مليار دولار مستوطنون يعتدون على فلسطينيين جنوب الخليل أمانة عمان تعلن حالة الطوارئ المتوسطة اعتبارا من صباح غد أبو صعيليك : انتقل دور (الخدمة العامة) من التعيين إلى الرقابة أكسيوس: ترمب فوجئ بوجود أسرى إسرائيليين أحياء ملامح إدارة ترامب الجديدة في البيت الأبيض البستنجي: قرار إعفاء السيارات الكهربائية حل جزء من مشكلة المركبات العالقة في المنطقة الحرة ارتفاع الشهداء الصحفيين في غزة إلى 189 بالتفاصيل .. اهم قرارات مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة اليوم الصحة اللبنانية: 24 شهيدا في غارات على البقاع الأردن .. السماح للمستثمرين في مشاريع البترول بتقديم عروض دون مذكرات تفاهم كولومبيا والنرويج يلتزمان باعتقال نتنياهو
الصفحة الرئيسية أردنيات المقاهي السياحية في جبل عمان .. الحياة على...

المقاهي السياحية في جبل عمان .. الحياة على انغام (البوب) وسكان أمام خيارين .. إما الرحيل او التكيف

09-01-2010 02:07 AM

زاد الاردن الاخباري -

محمد ابو عريضة - ما اثار الموضوع, وحرك باتجاه اعادة فتح ملف الحي القديم في جبل عمان, او ما اصطلح على تسميته بـ الحي السياسي لجهة ما ضم بين ثنايا جنباته من رموز الحركة السياسية الاردنية لمدة تزيد على ثلاثة عقود, انذارات تطالب عددا من سكان شارع عمر بن الخطاب - منكو سابقا - بازالة حواجز معدنية وضعوها امام منازلهم, لمنع اصطفاف مركبات غير مركباتهم, ومذكرات جلب للمثول امام هيئة محكمة امانة عمان, ولان هذا الامر فيه غبن بحق السكان فقد تحركوا وسعوا لشرح مظلمتهم لاكثر من جهة, وكانت العرب اليوم احدى تلك الجهات. البداية كانت بسيطة هكذا, قضية عادية تتعلق بسكان المنطقة الواقعة ما بين وسط البلد من جهة شوارع الامير محمد وبسمان وقبرطاي والدوار الاول, فقد باتوا غير قادرين على ممارسة حياتهم الطبيعية كما كانوا سابقا, او كما يحلو لهم, بسبب ما اصاب المنطقة خلال الاعوام القليلة الماضية من تحولات عميقة, طالت ادق تفاصيل حياتهم, خاصة بعد ان حولتها امانة عمان الى منطقة تراثية, وجب المحافظة على طرازها المعماري - طابعها القديم- لكن بعد الغوص في التفاصيل, تبين ان القضية تنطوي على تفاصيل اخرى اكثر اهمية, لها علاقة مباشرة بالموروث الثقافي للاردنيين, ما زاد من الضغط باتجاه الاسراع في طرح الموضوع امام الرأي العام, والتنبيه الى المخاطر التي تحملها الايام المقبلة. منطقة تراثية وفق القانون تتحول الى معول لهدم الموروث الثقافي, هذا هو الموضوع باختصار شديد, فبعد ان اخذت المنطقة تستقطب مستثمرين في الحقل السياحي, اثر تحولها الى منطقة تراثية, رغبه من المخططين لعمان بالمحافظة على جزء من عمان القديمة كما هي لئلا تطمس الحداثة العراقة, انتشرت المقاهي الحديثة بكثرة في المنطقة محور الحديث, واخذت تستقطب مئات الرواد ولأنها - اي المقاهي - تستهوي فئة الشباب ولان التجمعات الشبابية غالبا ما تنتج صخبا وضجيجا, فقد اخذ السكان يشعرون بان حياتهم قبل تحويل حيهم الى منطقة تراثية لن تعود كما كانت قبل ذلك, وان عليهم التكيف او البحث عن ملاذ اكثر أمنا واستقرارا والرحيل, والامران احلاهما مرّ وفقا لاحد السكان. السكان الذين التقتهم العرب اليوم كانوا مترددين, ويتكلمون بلغة متحفظة, الامر الذي رفع من مستوى الفضول الصحافي, فسكان المنطقة, بعضهم ولد فيها بل ولد آباؤهم فيها, وهم متضررون, فلماذا التردد? ظل الامر مبهما الى ان تبرع احد السكان وانزوى بمندوب العرب اليوم جانبا وقال له: ان التردد مرده المسكوت عنه فزاد على الغموض غموضا, فما هو المسكوت عنه, فأجاب قائلا: المسكوت عنه يتعلق بالموضوع الاخلاقي, خاصة المشاهد غير المألوفة في المجتمع الاردني, وتحديدا ما هو شاذ منها. من دون أسماء السكان الذين تكلموا تمنوا على العرب اليوم عدم كشف اسمائهم لأنهم ماكثون في الحي لن يبرحوه, ولا يرغبون في اثارة حفيظة الآخرين, لكنهم على استعداد دائم لافراغ مكنوناتهم امام الشخص او الجهة التي ترغب, ومع ان رواج المنطقة سياحيا, وارتفاع عدد الاستثمارات والرواد باضطراد على السواء, يزيد من قيمة منازل السكان, ويرفع من اهمية منطقتهم, ولكنهم وفقا لصاحب بقالة قديمة في الحي يفضلون الاصالة والتراث على سواهما, ولعل غبطتهم لا تضاهي حينما حولت امانة عمان قبل اكثر من عامين المنطقة الى تراثية, ولكن ما استجد من متغيرات مع هذا التحول قلب مضمون المنطقة التراثية رأسا على عقب. سيدة عجوز تعيش في الحي, تقول انها تصحو في الليل على اصوات الموسيقى العالية, وصراخ الشباب والفتيات, واشياء اخرى لا تود الخوض في تفاصيلها, وحينما تمنت يوما على مجوعة من الشباب كانوا يقفون بجوار شباك الحجرة التي تنام فيها, ان يبتعدوا قليلا لتتمكن من النوم, اجاب احدهم بصوت أجش هذه حرية شخصية, وتعقب على قوله بأن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين, لذا فانها تحتسب صبرها على اذى هؤلاء الى الله, وتتمنى ان يعود بها الدهر الى سابق العهد وتنام ليلة واحدة قريرة العين من دون ازعاج. احد السكان من مواليد البيت الذي لا زال يسكنه, ولن يرحل عنه الا الى المقبرة, وفقا له, فقد بناه جده لابيه عام ,1927 وفيه ذاكرة حية لافراد اسرته بالكامل, يقول انه لم يتمكن من استقبال المعزين بوفاة والدته في بيت العائلة, بسبب عدم قدرة الشارع على استيعاب مركبات المعزين, خاصة ان الناس غالبا ما يؤمّون مجالس العزاء مساء, وهو الوقت الذي تكتظ المنطقة بمركبات رواد المقاهي السياحية, ولان اصحاب هذه المقاهي اخذوا يتعاملون مع الشارع بوصفه موقفا لمركبات روادهم, فانهم اخذوا يحذون حذو الفنادق والمطاعم التي تمتلك مواقف مركبات خاصة بها, فيعينون موظفين متخصصين, بتنظيم اصطفاف مركبات عملائهم (valet) وهؤلاء الموظفون لا تعنيهم من قريب او من بعيد مصالح السكان, وحقوقهم, ولا يبالون ان تمكن السكان من توفير ادنى متطلبات خصوصيتهم ام لم يتمكنوا, وهذا الامر لم يقتصر على مجلس العزاء الخاص هذا, بل تعداه الى مجالس عزاء اخرى, ومناسبات عديدة اخرى اخذ السكان يتفادون الاحتفال بها في منطقتهم. الشارع خارج سياق المجتمع واخلاقه شاب التقته العرب اليوم يحمل اغراضا اشتراها من احدى البقالات في شارع عمر بن الخطاب. الشاب وصف الشارع بانه مقرف. وقال: لم يعد احد قادرا على العيش بكرامة واحترام في الشارع, فالمنطقة تحولت من تراثية الى منطقة إباحية, ففي الاردن لا يجوز وفقا له ان يتصرف شاب مع فتاة بشكل غير اخلاقي وعلى مرأى من الاخرين, فكيف اذا كان التصرف بين شاب واخر بشكل شاذ وامام الملأ. المفارقة وفقا للمتحدث ان المنطقة لا زالت تحمل في داخلها لمسات رواد الاردن الاوائل, وهمسات الذين صنعوا تاريخ الاردن الحديث. سيدة محجبة حاولت العرب اليوم دفعها للافصاح عن مكنوناتها تجاه ما يجري, قالت انها تخجل حينما تتذكر ما رأته في احد ايام الصيف الماضي, لذا فانها لن تخوض فيه, وهي تتذكر كيف كان الطبيب البولندي وزوجته الاردنية يسكبان المياه على الذين ظلوا ينزوون داخل حدائق المنازل او في آبار الادراج, وفتحت يدها اليسرى وقالت :هل ترى هذه الندوب, انها جروح تسببت بها زجاجات المشروبات الكحولية التي يرميها البعض بعد ان يفرغوا ما في جوفها داخل اجوافهم, فهي غالبا ما تجد حول منزلها زجاجات فارغة رماها السكارى. الآخر يتكلم لا يفضل صاحب احد المقاهي السياحية مظهر الجزيرة اعتبار ذاته الاخر على اعتبار ان السكان هم الاولون, فهو يعتبر نفسه من ابناء المنطقة, صحيح انه لم يولد بها, ولم تعش اسرته فيها في السابق, لكنه مع افراد اسرته يفضلون العيش في المناطق ذات الصبغة التراثية, فاشتروا منزلا بالجوار ويسكنون الان فيه, لذا فان اي اذى يصيب السكان يصيبه هو شخصيا ويصيب اسرته, والجزيرة لا ينكر ان واقع المنطقة تغير بعد ان انتشرت المقاهي السياحية, ومحال الترفيه الثقافي - وفقا له - بشكل كبير, ولا يدعي ان رواد محله او رواد المحال الاخرى لا يزعجون السكان, ولكنه يبذل قصارى جهده, ويعمل هو والعاملون معه كافة لمنع اي ازعاج قد يصدر عن الرواد, ويعتقد ان اصحاب المحال الاخرى يمارسون نفس السلوك, فليس من مصلحة احد معاداة الاخرين. الجزيرة يرى ان الاصل في الاشياء هو القانون, فما دام الجميع ملتزمين بالقانون, حتى لو تضرر البعض منه, فان الحياة تمشي بشكل صحيح, وهو وشقيقه مدين - شريكه في العمل - ملتزمان باحكام القانون, ولا يسمحان لانفسهما ولا للعاملين معهما ولا لرواد محلهما بتجاوز القانون, وحينما تحولت المنطقة الى تراثية قام بتوفير المتطلبات الخاصة بهذا الامر كافة, صحيح ان اشاعات اثيرت حولهم, ولكنها مجرد اشاعات, ومحلهم الذي يعمل منذ 1997 لم يحصل على اية مخالفة او انذار من اية جهة رسمية. الاندماج الثقافي رجل في الاربعين من عمره التقته العرب اليوم في احد المقاهي السياحية, عزا حبه لارتياد المقهى الذي هو فيه الى انه يشعر بالراحة فيه, وبامكانه الالتقاء مع اصدقائه من دون منغصات تفسد عليه مزاجه, ومع ان المنطقة تراثية ويجب المحافظة عليها وفقا له, الا انه يرى ان المشهد العام داخل المقاهي السياحية لا يمت بالتراث او بالعراقة بصلة, ويستدرك قائلا: الا اذا اعتبرنا الارجيله من التراث, فالمكان كما يقول يشعر زائره بانه في بلد غربي, ويكتشف المرء انه في الاردن بمجرد الخروج من الباب الى الشارع, فيعود الى الحياة في الاردن. محامية شابة تتردد على احد المقاهي السياحية في المنطقة محور الحديث تقول: انها تنسى التراث داخل المحل, وهي ترى ان الصبغة التراثية للمنطقة اخذت تختفي منذ اعلانها منطقة تراثية, وكأن الاعلان قام بعكس مضمونه. وتبرر ارتيادها المكان بانها تجد ذاتها في مكان أليف, ترتاح فيه, تنسى كل ما يتعلق بالحياة خارجه, وهذا الامر بالنسبة لها مطلبا, فهي تحب حياتها وتحب عملها, ولكنها تحتاج من حين الى اخر الى ان ترتاح من تفاصيل الحياة اليومية. فتاة المانية الجنسية تعمل في احدى الملحقيات الالمانية وصفت المقهى الذي ترتاده بانه جميل وفيه يمكن ان تتلاقح الثقافات المختلفة, فالرواد من بلدان مختلفة ومن طبقات وفئات اجتماعية مختلفة, لذلك فهي لا ترى في وجود المقاهي السياحية في المنطقة محور الحديث شرا او خيرا, بقدر ما تجد فيها اماكن يمكن للناس التواصل بشكل غير مألوف, وهي تتفق مع آخرين بخصوص عدم انسجام هذه المقاهي مع المعالم التراثية للمنطقة, مع انها لا ترى في التراث مجرد صيغة فلكلورية جامدة لا تتعاطى مع الحداثة الا من خارج السياق, خاصة ان الاردنيين اصحاب عقول متفتحة وعلاقاتهم مع العالم ممتازة. فتاة روسية تعمل في احد المقاهي السياحية, تقول انها ترى في المقهى مكانا مختلفا, صحيح انها تشعر بان المكان يمت الى الطبيعة الغربية لمثل هكذا محال, ولكنه محل موجود في الاردن, وهذا شيء عظيم وفقا لها والتقت العرب اليوم عددا آخر من الرواد, معظمهم اتفقوا على ان المنطقة تحظى باعجاب روادها, خاصة من الشباب, لكنهم لا يرون صلة وثيقة بين المقاهي السياحية والتراث, وعن سلوكيات رواد هذه المقاهي ردد عدد منهم كلاما عاما عن الحريات الشخصية. ليست النهاية مدين الجزيرة احد اصحاب مقهى يحب اضافة صفة ثقافي الى المقهى المملوك له, فإضافة الى ان المحل مقسّم الى ثلاثة فروع, مكتبة فيها مئات الكتب معظمها باللغة الانجليزية, ومقهى انترنت ومقهى سياحي, فان رواد المقهى يشكلون لون الطيف الثقافي الاردني, وألوانا ثقافية اخرى غير اردنية, وهذه اضافة نوعية يمكن ان تثري الناس, وهو مثل شقيقه مظهر يكنّ كل التقدير والاحترام للسكان, ومع انهما دفعا عشرات آلاف الدنانير بدل مصفات كراجات للمركبات, الا انهما اضطرا للاستعانة بنظام الـ valet, وهذا الامر كما يبدو لم يزعج عددا من السكان فقط, بل آخرين من مناطق مجاورة. الحي السياسي في جبل عمان يفقد طابعه التراثي بعدما اقرت الامانة إدراجه ضمن المناطق التراثية, والتراث وفقا لكثيرين ليس مجرد ترميم احجار وتنظيف وطلاء, بل يتعداه الى ضرورة المحافظة على روح المكان, وروح المكان تكمن في ذاكرته, وذاكرته تتحدث عن عشرات بل مئات الشخصيات السياسية التي عاشت وماتت في الحي, وقدمت الغالي والنفيس من اجل مستقبل الاردن والاردنيين. العرب اليوم





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع