طبعا التاريخ لايمكن أن يعيد نفسه كما أنك لاتضع قدمك في نفس النهر مرتين ، وفي الحديث عن "مرة أخرى " هو مجرد محاولة لتوجيه السهم إلى قلب حقيقة أن الموقف الحكومي من الشعب كما هو وأن الحكومة هي الشيء الثابت فكريا وسلوكيا بينما الشعب هو المتغير الدائم وفي تلك الحالة تصبح " مرة أخرى " كدلالة للشلل والعجز الفكري لدى هذه الحكومة في قراءة التاريخ مما يجعلها تضطر لكتابته بكل أخطائه هي دون أن تتعلم منها ومن باب أنها تعمل فقط .
والمرة الأخرى التي نتحدث عنها هنا هي حكاية الحكومة مع دعم المحروقات وإرفاقها لدعم الخبز معه في بطاقة واحدة لتحقيق التوفير في المصروف والتخفيف على المواطنين نفسيا من الوقوف طوابير أمام مداخل بنك " الإسكان " وحفظ كرامة هذا المواطن ، فهل أوقعت الحكومة نفسها " مرة أخرى " في فخ الارقام التي تتعلق بنسب المواطنيين الخاضعين لدعم المحروقات والمواطنيين الذين تم إستثنائهم منه بناء على نسب وضعت على اراقام تتعلق بمستوى الدخل وخط الفقر الذي إلى الأن يوجد فيه فارق كبير ما بين كلام الحكومة وكلام الدراسات الواقعية من قبل مراكز البحث والجهات الدولية التي تضع معايير لخط الفقر لاتؤمن بها الحكومة .
هل سنجد أنفسنا كمواطنين قد وقعنا في فخ الارقام تلك وجزء منا يحصل على بطاقة الدعم يكتب عليها للخبز فقط وأخرى يكتب عليها للخبز والمحروقات ، لأن الحكومة لن تستيطع أن تعلن أن هناك من يستحق دعم الخبز ومن لايستحقه لأن في ذلك تمييز بين أفراد الشعب لايمكن وضعه سوى في خانة واحدة تقول أن الخبز والحكومة قد قسما الشعب قسمين .
و"مرة أخرى " سيجد المواطن نفسه في طابور ولكن هذه المرة أمام أبواب الحكومة وليس بنك الاسكان لأنه سيكتشف أن دعم محروقاته قد دخل بدعم خبزه ، ومواطن أخر خرج من دعم خبزه لأنه كان خارج أصلا من دعم محروقاته وإختلط الحابل بالنابل عند هذا المواطن وأصبح يبحث عن مقاييس تحدد له هو فقط أين يمكن أن يوضع في " المرة الأخرى " التي أوقعت الحكومة نفسها فيها .