زاد الاردن الاخباري -
الـ"مشفى" في اللغة هو المكان الذي يرقد فيه المرضى ويسهر على معالجتهم أطباء وممرضون وممرضات، والجمع "مشافٍ"، ولذلك كانت حيرتي كبيرة حين أخبرني مدير عام دائرة المخطوطات العراقية، قيس حسين رشيد، بأن "هناك مشفى إيطالياً سينصب قريباً في بناية المتحف العراقي لفحص ومعالجة مخطوطاتنا".
وتشير الأخبار والتقارير التي تنشرها الدوائر الاختصاصية في السنوات الأخيرة إلى تعرض ما يقرب من ثلاثة أرباع المخزون العراقي من نفائس الكتب والمخطوطات إلى الأضرار والتلف، وهذا يشكل خسارة لا تعوض للآثار المنقولة التي خلفتها الحضارة العربية الإسلامية وعقول علمائها ومفكريها، لكن أن يستقدم من أجل صيانتها "مشفى"، فهذا هو الجديد.
يقول رشيد للعربية نت: "لا تستغرب، فالمخطوطة كائن حي، ومثل كل الكائنات الحية يصاب بأمراض تحتاج إلى تشخيص ومعالجة، وبما أن المخطوطة من الورق أو الجلد فإنها تحتاج إلى أن تتنفس، وظروف خزنها السيئة أشبه ما تكون بالسجن لها، فتعاني من الرطوبة كما تعاني من الجفاف، ولذلك اتفقنا مع الجانب الإيطالي وضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية أن يأتوا بمشفاهم التخصصي ذي التقنيات الكبيرة والطرق الفنية الحديث، ويساهموا معنا في إنعاش التالف والمتعرض للتلف بسبب ظروف الخزن غير العلمية، وبسبب تقادم الزمن، وأيضاً بسبب ما تعرضت له المخطوطات في الأحداث التي مرت بالبلاد".
عمليات إنقاذية
ويؤكد عبدالله حامد محسن، مدير عام الدراسات والبحوث في هيئة الآثار: "لدينا أكثر من 45 ألف مجلد يحوي 200 ألف عنوان، وهذه الأرقام تتجاوز قيمتها التراثية العراق وترتقي إلى مصاف الإرث الإنساني، وتكاد تكون من التسلسلات الأولى في العالم بمخزون مخطوطاتنا، حيث يوجد مصحف بخط علي بن أبي طالب، القانون في الطب لابن سينا، ديوان المتنبي، آيات قرآنية يعود بعضها إلى السنوات الهجرية الأولى، والقسم الأكبر منها بنسخة واحدة فريدة مكتوبة على جلد، وقسم على أوراق مختلفة. وهذه بسبب القدم تضعف مقاومتها، وأحبارها تتأكسد، ولذلك تلجأ-عادة- مراكز المخطوطات العالمية إلى إجراء عمليات إنقاذية كما نسعى نحن الآن".
ويضيف محسن للعربية نت: "المشافي أو مراكز الصيانة تستخدم طرقاً علمية مبتكرة تتلاءم وخاصية المطبوع، لأن كتّابه القدماء كانوا يجهلون ما الذي ستتعرض له مخطوطاتهم بعد ألف سنة".
الصيانة مقابل التنقيب
ولا يقتصر الاتفاق بين العراق والجانب الإيطالي على المجيء بمشفى وصيانة المخطوطات فقط، وإنما على إقامة دورات تدريبية لمنتسبي هيئة الآثار ودار المخطوطات على كيفية حفظ هذه النفائس وتطوير القدرات التقنية في مجال الصون الوقائي للكتب والإدارة المكتبية.
وفي مقابل هذا فإن العراق يعطي الجانب الإيطالي حق التنقيب في بعض المواقع الأثرية غير المكتشفة حتى الآن.
يذكر أن وزارة اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ واﻵﺛﺎر اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ أﻋﻠﻨﺖ ﻓﻲ 15 يونيو 2013 ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺎدﺗﮭﺎ ﻣﺨﻄﻮطﺔ أﺛﺮﯾﺔ ﻧﺎدرة ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﻌﺮوف أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺮازي ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺳﺮﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ﺑﻌﺪ أﺣﺪاث ﺳﻨﺔ 2003، ﻣﺆﻛﺪة أن ذﻟﻚ ﺗﻢ وﻓﻘﺎً ﻟﻤﺎ أﻗﺮﺗﮫ اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﺑﺸﺄن ﺿﺮورة إﻋﺎدة اﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ اﻟﻤﻨﮭﻮﺑﺔ.
العربية . نت