زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - التعليقات والتصريحات الإيجابية التي صدرت مؤخرا في الأردن عن قيادات في صف الاخوان المسلمين توحي بأن بعض مساحات الأجواء الإيجابية يمكن إنتاجها بدلا من استسلام جميع الأطراف للوضع الراهن الملبد بالقلق.
المراقب العام الأسبق لجماعة الاخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحات أطلق تصريحا مفاجئا قبل يومين وصف فيه مؤسسة القصر الملكي بأنها الوحيدة التي تدعم الإصلاح السياسي الشامل فيما لا تتخذ بقية المؤسسات الرسمية والبيروقراطية مثل هذا الموقف.
هذه المجاملة من مطبخ الاخوان المسلمين للقصر الملكي عبارة عن ‘رسالة سياسية’ بامتياز تحاول فيما يبدو اختراق المنطق الذي تفرضه حكومة الرئيس عبد الله النسور وهي ترفض تقديم تسهيلات خاصة للإسلاميين تحت لافتة الحوار.
النسور كان قد وضع محددات أمام الحوار مع الاخوان المسلمين على الملفات المختلف عليها عندما أعلن عبر ‘القدس العربي’ ترحيبه بانضمامهم لحوار تنفذه وزارة التنمية السياسية مع المؤسسات الحزبية قائلا: اهلا وسهلا بهم ضمن هذا الحوار لكن دون قناة مستقلة أو تسهيلات او دلال.
لاحقا عاد النسور وأوضح لـ’القدس العربي’ بأن الإسلاميين جزء محترم من الحياة العامة والمجتمع لكن ذلك لا يعني بأن على الحكومة الاسترسال في تقديم تسهيلات خاصة تدلل الاخوان المسلمين دون غيرهم او تمنحهم أي إستثناءات.
بالنسبة للأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور فالحركة الإسلامية مستعدة للحوار لكنها تطلب قناة حوارية مع القصر الملكي وعلى هذا الأساس جاء امتداح الشيخ فلاحات للقصر الملكي فيما يرجح على خلفية رسائل إيجابية بالتحضير لحالة انفتاح مع التيار الإسلامي.
قبل ذلك كان الرجل الثاني في التنظيم الاخواني الشيخ زكي بني إرشيد قد طالب مثقفين وصحافيين في لقاء حضرته ‘القدس العربي’ بالعمل على مبادرات حوار تنهي حالة الإستعصاء الحالية في العلاقة مع الإسلاميين.
في تقدير الكاتب والمحلل السياسي حلمي الأسمر لابد من مغادرة هذا الاستعصاء في ملف العلاقة الرسمية مع الإسلاميين ولابد من خطوات ثقة وحوار منتجة وطنيا بعيدا عن الإيقاع المصري الذي فرض قواعد جديدة للعبة في الأسابيع الأخيرة.
لكن ذلك ينبغي أن يفعله الجميع كما يلمح بني إرشيد، فمغادرة منطقة التأزيم ليست شرطا على الاخوان المسلمين فقط ولكن على السلطة أيضا.
على هذا الأساس يقترح الرجل الثاني في مجلس النواب خليل عطية أمام ‘القدس العربي’ على الإسلاميين مراجعة ذاتية لبعض مواقفهم التي كانت متشجنة مقرا بأن العودة الوطنية للحوار المنتج ممكنة والظروف يمكن أن تتهيأ لأجواء مصالحة تعيد الإسلاميين لواقع المشاركة السياسية والانتخابية.
وجهة نظر عطية تقول بضرورة وجود مبادرات إيجابية من طرف الإسلاميين الذين طرحوا في الماضي إشتراطات إصلاحية صعبة ولا يمكن الموافقة عليها ولا تتميز بالمرونة دون وجود مبرر لبقاء الإسلاميين خارج سياق المشاركة الوطنية.
تكتيك الحكومة القطعي والنهائي بخصوص آلية الحوار مع الإسلاميين لم يتضح بعد لكن وزير التنمية السياسية الدكتور خالد كلالدة يصر بدوره على شمول الإسلاميين والجميع في سلسلة الحوارات التي تجريها وزارته.
يمكن بالتوازي ملاحظة كشف حسن النوايا الذي قدمه الإسلاميون في الاونة الأخيرة فقد أوقفوا نشاطاتهم الحراكية وتقدموا برسائل انفتاح علنية مع القصر الملكي وتجاوبوا مع منهجية إطلاق مبادرات لمعالجة حالة الاستعصاء الحالية.
يبدو ان جهة ما في مؤسسة القصر منحت الاخوان المسلمين حربة المناورة والمبادرة في هذا الاتجاه بعد ظهور مؤشرات على أنهم مستعدون للتنازل عن شرطهم العلني المرهق المتعلق بتعديلات دستورية تقلص من صلاحيات الملك فيما يريد المسيسون في الجبهة الاخوانية عدم تقديم هذا التنازل مجانا في وضع يحاول بعض صناع القرار معاكسته أو إعاقته.
القدس العربي