زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تصمت دوائر القرار الأردنية العميقة بارتياب وهي تراقب التطورات الدراماتيكية على ملف التسوية السياسية للأزمة في سورية خصوصا وأن عمان تبنت طوال الوقت خيار المعالجة السياسية.
هذا الصمت لا يرتبط حصريا بتفصيلات وحيثيات الموضوع السوري المرهقة بقدر ما يرتبط باحتمال الإنتقال وفورا بعد تسوية الصفقة الكبرى في دمشق الى خط الانتاج الثاني الذي يتبناه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وحصريا تحت عنوان العلاقة الأردنية الفلسطينية كمدخل لحل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي.
المحلل السياسي الأردني وهو الوزير الأسبق وجيه العزايزة يشارك الآراء التي تعتقد بوجود تشابك عضوي بين الملفين السوري والفلسطيني.
يعني ذلك تلقائيا بالنسبة للخبير الإستراتيجي الدكتور عامر السبايلة أن الأردن عالق مجددا في ثنايا المساحات المتداخلة مع ثلاثة سيناريوهات فقط تتعلق بترجيح انتقال اللاعبين الكبار بعد تسوية ورقة الكيماوي السوري الى مسار عملية السلام.
الخيارات الثلاثة هي الخضوع مرة اخرى لما يمكن ان يقرره اللاعبون الكبار بصرف النظر عن مصالح وحسابات الأردن والأردنيين، أو الإضطرار للقبول بالجلوس في موقع تفاوضي متأخر بعد اللاعب السوري اذا ما قررت دمشق سواء بنظامها الحالي او بنظام التسوية البديل مستقبلا دخول حلبة عملية السلام.
السيناريو الثالث يتعلق بان تزاحم عمان قدر الإمكان للحصول على حصة ودور في سياق خطة ترتيب الأوراق الاقليمية، الأمر الذي يبرر عمليا انشغال وهوس وزير الخارجية ناصر جودة بقصة جلوس الأردن الى طاولة مفاوضات جنيف 2 على اعتبار أنه يستضيف كتلة عملاقة من اللاجئين السوريين وان مصالحه الحدودية والمائية والأمنية تحتم وجوده على الطاولة تلك.
الحراك الدبلوماسي الأردني في هوامش الملف السوري يستند الى فكرة تقول بان من يجلس على طاولة جنيف الثانية سيجلس بالضرورة على طاولة القضية الفلسطينية الجديدة ومن يشارك بالصفقة الكبرى في سورية سيحصل على حصته من الأدوار عند ترتيب الصفقة الثانية. الخطوط متلازمة بهذا المعنى وعمان تتصرف بوضوح على هذا الأساس ومن الطبيعي أن تتحرك ضمن حقل من الهواجس والمخاوف قوامه حصتها ودورها ومقعدها وما سيحصل عندما يتعلق الأمر حصريا بملف العلاقة الأردنية الفلسطينية خصوصا وأن الوزير كيري يربط بين المسارين وقد وضع اطارا عاما لخطة انطلاق المفاوضات سبق وان نشرت ‘القدس العربي’ وثيقته.
هذا الإطار يتضمن بوضوح وبالنص تسوية نهائية على روافع اردنية لكن المطبخ السياسي الأردني يسعى لأن يشارك في صناعة الحدث لا ان يتلقى تعليمات نتائجه فقط فقد سبق لوزير البلاط الأسبق مروان المعشر أن حذر من أن ترك التفكير ذاتيا ووطنيا باصلاحات جذرية وحقيقية سيعني ترك الآخرين يحددون أدوار الأردن.
لا تبدو أوضاع الأردنيين مطمئنة عندما يتعلق الأمر بحصتهم من النفوذ على المستوى الاقليمي والدولي فأوضاعهم الإقتصادية مقلقة ومشروعهم الاصلاحي الديمقراطي متعثر والوضع الداخلي مستقر وآمن لكن بالأجندة الأمنية وليس السياسية.
إضافة لذلك يبدو ان موسكو لم تظهر تجاوبا حقيقيا مع مبادرة العاهل الأردني الذي طالبها في الماضي بالتدخل أكثر في عملية السلام حتى لا تفرض على بلاده شروطا من اي نوع في عملية التسوية للقضية الفلسطينية.
موسكو بدلا من ذلك ركزت على الإنتصار السياسي والدبلوماسي في معركة سورية وبدا ان دورها المؤثر في هذا السياق يعزز تلقائيا نفوذها المتوقع في عملية السلام بصرف النظر عن النصيحة الأردنية الأمر الذي يعني بأن عمان تخوض الاستحقاقات وتستعد للتداعيات بدون صديق وحليف قوي يحميها من الرهانات والمجازفات.
فوق ذلك امتهنت الدبلوماسية الأردنية طوال ثلاث سنوات من أزمة سورية لعبة ارضاء الجميع وهي لعبة كاتت مناسبة في تحقيق الصلابة والاستقرار داخليا لكنها لا تعود بثمار حقيقية عندما يتعلق الأمر بالجلوس الى الطاولة الكبيرة برفقة الكبار خصوصا وان القناعة باتت راسخة حتى داخل دوائر القرار الأردنية بأن صفقة سورية الكبيرة اللاحقة ستقود تلقائيا لصفقة القضية الفلسطينية.. هنا حصريا يكمن الشيطان بلنسبة للأردنيين في التفاصيل.
القدس العربي