زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - يبدو أن سعي أعضاء مجلس النواب الأردني لاستثمار حالة الرضا الجزئية عنهم في المستوى السياسي دفعهم لتجاوز خط أحمر من الناحية العملية عندما قرروا لأنفسهم امتيازات خاصة وغير مسبوقة مالية الطابع.
النواب وبعد مناقشتهم مساء الثلاثاء لقانون التقاعد المدني أثاروا عاصفة من الجدل عندما قاموا بتحصين أنفسهم ماليا بثلاثة امتيازات هي راتب تقاعدي يساوي رواتب الوزراء وحسابات زمنية لصالح الرواتب التقاعدية مع أحقيتهم بالجمع بين راتبين.
هذه الامتيازات وفقا لتعديلات النواب على القانون يفترض ان تدفعها الخزينة في الوقت الذي تتعرض فيه البلاد لأزمة اقتصادية خانقة،وهي امتيازات لا يحصل عليها عمليا أي طرف في الإدارة الأردنية، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل في المستوى الشعبي والحراكي والسياسي.
وبدا واضحا أن احتمالات التجاذب وحتى الصدام بين البرلمان وبقية السلطات باتت وشيكة بعد هذه القرارات المالية التي تظهر سعي النواب لتحصين أنفسهم ماليا حتى في حال استخدام الملك لصلاحياته بحل البرلمان.
الاستياء من المؤسسات المرجعية ومن الحكومة في هذا الاتجاه لم يكن من الممكن التستر عليه وكذلك من الشارع، ففي اليوم الذي تقررت فيه هذه الامتيازات بعدما خص النواب أنفسهم بها صدرت ارادة ملكية بفض الدورة الاستثنائية مما يعني تلقائيا ترحيل ملف قانون التقاعد المدني الى مجلس الاعيان وهو بمثابة غرفة ثانية للتشريع.
مجلس الأعيان بدوره كان قد رفض خيارات نيابية من هذا النوع في السابق مما يعني ولادة صدام مرجح في الاتجاهات التشريعية للمجلسين، وهو وضع معقد يتطلب دستوريا لحسم الامر عقد جلسة مشتركة الكفة فيها تميل بوضوح بحكم العدد الى النواب البالغ عددهم 150 نائبا.
رئيس الوزراء عبد الله النسور عبر مبكرا عن الانزعاج عندما كشف بان رواتب التقاعد تكلف الخزينة مليارا من الدنانير سنويا.
لكن الموقف الأبرز في السياق صدر عن الوزير السابق والرئيس الحالي لديوان التشريع في رئاسة الوزراء الدكتور نوفان العجارمة الذي سارع للتصريح حسب وكالة عمون الالكترونية بان البلاد في مسألة تقاعد النواب عادت الى المربع الأول، وهي اشارة واضحة الى وجود خلاف قوي داخل الدولة يتعلق بسعي النواب لمراكمة الامتيازات المالية في أحضانهم وجيوبهم.
العجارمة استخدم في ردة فعله اشارة ملكية واضحة عند تكليف حكومة الدكتور عبد الله النسور تضمنت العمل مع البرلمان على تعديل قانون التقاعد ضمن رؤيا وطنية مسؤولة مع تذكير النواب بان قواعدهم الانتخابية تراقب اتجاهاتهم وقراراتهم .
تلك اشارة ملكية واضحة تظهر عدم الرضا عن طموحات النواب المالية مع ان هذه الطموحات حاولت استغلال رافعة سياسية عندما بادرت فورا الى تحصين النواب ماليا بعد اظهار الرضا المرجعي عليهم في حادثة الكلاشينكوف الشهيرة.
لكن خيارات مؤسسة القصر متعددة في هذا السياق ومن بينها عدم المصادقة على القانون الجديد حتى بعد عبوره من مجلس الأعيان، فيما يصر المراقبون على أن الفرصة باتت متاحة أكثر اليوم لتقريب المسافة امام خيار من طراز حل البرلمان.
القدس العربي