زاد الاردن الاخباري -
نادُوا الناس بأسمائِها وليس بأسماء أحسابها وأنسابها وغير ذلك!
في ظاهرة متفشية في مجتمعنا يَعْمَد فيها كثرة من الأشخاص المناداة على غيرهم ليس حسب الأسماء المستقلة الفردية التي أطلِقت عليهم بعد مولدهم وإبصارهم النور للتعريف بهم ، بل حَسبَ أنسابهِم وأحسابِهم، أي حسب أسماء عائلات الأشخاص أو آلِهِم أو عشائِرهم. وهناك من ينادي على أساس الكِنية أو ينادي على لقبٍ من ألقاب العمومة أو الخؤولة. كما أن هناك شريحة تستهويها المناداة على الأشخاص حسب طوائفهم أو طبقاتهم أو توجُّههم الفكري. وهناك شريحة تستهويها المناداة على الأشخاص ليس حَسب أسمائهم الأصلية، بل بأسماء قراهم ومدنهم ومحافظاتهم أو دولهم.
فعندما يُنَادى على شخص بحرف النداء " يا " الذي ينبَّهُ فيه المُنادى عليه، العَلَم الفَرد، من خلال اسمه المحدَّد المُستَقِل، هُنا تلقائياً يرُدُّ النداء ويلبيه دون سِواه . لكن عندما يُنادى على الشخص بحرف النداء" يا" ثم يُحذف اسمه ويستبدل بمُسمَّى عائلته أو آلِهِ أو عشيرته، مع الاحترام لسائر الأنساب والأحساب وبمكارم أصحابها وجهودهم في البناء وتعزيز عُرى الاتحاد والتضامن بين الناس، أو يُصار إلى المُناداة كما جاء في الفقرة الأولى، فإن هذا الأمر يحمل في طياته بواعث وخلفيات ومقاصد، مِن الحقِّ كشف ملامحها التي تبدَّت لي بعد أن قمت بتتبعها ورصدها لشهور كثيرة مضت، من صميم الشارع وفي المجالس وأثناء مخالطة الناس ضمن تجمعات أو في المكاتب وقاعات المحاضرات وساحات الجامعات وغيرها . تلك الملامح وإن حملت طابعاً إيجابياً في جانب بنظر البعض ،غير أنَّها تحمل طابعاً سلبياً في جوانب أخرى .
فإن كان هناك من يُنادي على الشخص باسم عائلته أو آلِه أو عشيرته لتكريمه واحترامه، أو بهدف رفع شان المُنادى عليه أمام عيون المحيطين به ولتبيان أرُومَته أي أصلِ حَسَبه الشريف ونسَبه الكريم، فإن هناك من ينادي بالأسلوب عينه لإفهام السامعين مِن حولِه أنَّ له شوكة وقوة، وأن المُنادى عليه - وقد يكون صديقه أو يعمل لديه - وراءه نسب وحسب، وأن هناك من سَيَنْصُرُه عندما تستدعي الحاجة ! وهناك من يُنادي على الطريقة عينها بقصد التباهي أو قُلْ الاستعلاء الذي ينمُّ عن خلفيات ومقاصد بأن من يعمل لديه وتحت إمرتِه من نسب كذا وحَسَب كذا!
وهناك من يتعمد المناداة على الأشخاص حسب أسماء قراهم أو مدنهم أو محافظاتهم أو ربما دولهم ، هذا التعاطي مع المنادى عليه، كثيراً مَا أجَّج نار المشاجرات والمشاحنات وعلى وجه الخصوص بين الشباب وأخص منهم طلبة الجامعات، الذين مع غمرة الجدال وَفَوْرَة الغضب،ينساقون لتكتلات وتعصُّبات أساسها لُحْمةُ النَّسَب أو المناطق التي ينتمون إليها .ولست بحاجة إلى وضع أدلة لأحداث مؤسفة وقعت، تنادى فيها الطلبة وغيرهم لمشكلات فردية صغيرة دون تفهم لأساسها فكَبُرت وتعاظمت وامتد لظاها!
تأسيساً على ما سبق، فمن الأهمية أن يصار إلى حملة توعية لردِّ الأسماء إلى أصحابها عند المناداة عليهم.وان يُستهل بالدوائر الرسمية والمؤسسات العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني والنوادي الرياضية كذلك الجامعات والمعاهد حيث من المستغرب قيام هيئات إدارية وتدريسية بالمناداة على الطلبة على الطريقة السالفة الذكر أي على حَامَّةِ النَّسَب - أي لُحْمَةِ النَّسَب والقرابة!
ومع تشابه الأسماء ووجود نظير الاسم الواحد عشرات أو مئات الأسماء في العائلة أو العشيرة الواحدة، فمن الضرورة بمكان كبير أن يصار إلى التعميم بضرورة كتابة اسم الوالد بجانب اسم الشخص في كافة المخاطبات الرسمية وعند التوقيع على المعاملات، يجيء هذا منعاً لِلَّبَس ودفعاً للغلط ولتحديد مسؤولية الشخص عينه دون سواه في حال التقاعد أو النقل.
حنا ميخائيل سلامة
Hanna_salameh@yahoo.com