أشعر بالحيرة والإستغراب حين اقرأ وأستمع لمن هاجم البيان الصادر عن المتقادعين العسكرين مثار الحديث والجدل , وتزيد الحيرة والإستغراب في النفس تأثيراً حين أقرأ ردود الأفعال وأُتابع تطورات البيان الصادر عن دولة العبيدات , وعندما يتم إسقاط بيان التيار الوطني على أنه بيان وسط بين الاثنين , تُصيبني الدهشة , فأغلبية المعلقين والمتحدثين عن البيانات السابقة , إعتمدوا لحد كبير ولدرجة الإفراط في تقيمهم للبيانات على واضعي ومصدري البيانات , وابتعدوا بشكل واضح وسافر عن محتوى البيانات , وما تحمله من أفكار ومن معطيات , ولأن البيانات تحدثت عن الوطن وخياراته , وما استجد من أمور تتعلق به , فهي قابلة للتعديل والتغير والإضافة والحذف والإلغاء , لأن المطلوب الوصول الى صيغة متوافقة مع حاجات وضروريات الوطن , الوطن ككل.
إن اعتماد سياسة مهاجمة الأشخاص الذين وراء كل بيان سياسة مُخيفة , لأنها تهمش أفكار الشعب , ومواقفه , وتركز على الأسماء متناسية حجم الوطن ومصلحته , فينسفون الأفكار في كل بيان بناءاً على تقييمهم لمن وضع البيان وأصدره , فلو افترضنا جدلا أن " مجموعة المتقاعدين " كما اسماهم الكثير ممن انتقدوه , تراجعوا عن البيان , وأعلنوا لهم ولكل السادة المعترضين التوبة , هل هذا يعني أننا من أيدنا البيان بما يحمله من أفكار سوف نتنازل ؟, أو ننسحب أو حتى نعلن الخنوع ؟ هل فعلا تظنون ذلك ؟, ما هذ العقم التفكيري , والقُصر في النظر للأمور بمنظار توحيد الصفوف لخدمة الوطن والمواطن , هل تظنون فعلا أننا قطيع من الخراف يسوقنا الأعلى صوتا ؟ والأكثر ضربا بالحجارة ؟ , نحن لم نتبع شخصيات وأسماء وإنما وجدنا في كلامهم ما كنا وكثيرا من أبناء الوطن الغيورين , نحاول أن نوصله للحكومة والشعب , وهم اختصروه وأعلنوه وأخذوا مساحة كافية من الإعلان , وهو ما نحتاجه نحن فعلا من عامة الشعب المثقف , وبالتالي عبروا عنا فالتأمنا سويا , نعمل ونجتهد في خدمة الوطن كله , فإن تراجعوا ولا أظنهم يفعلون , وتغيرت مواقفهم , فعليهم التبرير , وعلينا التقييم , دون فرضية الاتباع القصري .
ما عاد الشعب أُمياً ولا جاهلا , ولا عاد الشعب غير مكترث , وسياسة النعامة في مواجهة الخطوب في طريقها للزوال , سيأتي ألف بيان وبيان , وبغض النظر عمن يطلقه ويكتبه وينشره , فما يهمنا هو ما يحويه وما يحمله لنا , إن كان فيه خيراً نعلمه نتبع ونتبناه كما فعلنا مع بيان المتقاعدين العسكرين , وإن كان غير مجدي تركناه , لا نهاجم من يضعه إلا اذا علمنا وبالأدلة القاطعة أن لهم أجندات خاصة بعيدا عن أجندة الوطن ورفعته وإزدهاره, الأفكار هي ما تهمنا ونسعى لها وليس من يطلق الأفكار , فمن المفروض أننا في الحب الوطن كلنا سواء .
لا مانع من التحزب والتجمع , إن كانت أهدافنا واحدة , حتى ولو اختلفت وجهات النظر الأساسية في الوسائل المراد إتباعها لتحقيق الغايات المنشودة , قرأت ردودا عدية معارضة للبيان , وكذلك بيان العبيدات والتيار الوطني مستفيضا ومترويا , ولم أجد ما يعارض بيان المتقاعدين العسكرين , بل في بعض الأمور توسعوا أكثر منه , وكثيرا ممن عارضوه , أسقطوا مؤسسة العرش على مقالاتهم ووجهات نظرهم متقوين بها احتكارا لهم دون غيرهم , وعلى رأسها جلالة الملك حفظه الله ورعاه , فانطبق عليهم المثل الشعبي لا تعرج في حارة مكرسحين , ولا تبع تمراً على أهل خيبر , فليس العسكري العامل أو المتقاعدي من يشكك في عشقهم لقائدهم الأعلى , و ولائهم المفرط حد الجنون , وإفتنانهم به وإخلاصهم له , فيدخلون ساحة لا يمكن لهم أن يجدوا فيها مكان لأقدامهم .
لذلك أقول لكل من يريد إتباع نهج المعارضة أو بدأ في إتباعه , تريثوا , وتمهلوا , فهذا الوطن هو من نتحدث عنه , ولا ينقصنا تجار حروب , حتى لو كانت حروب فكرية وصراعات سرية , فلدينا ما يكفينا و زيادة , فإما تكن مع الوطن او تكن ضددنا , لانه لا يعقل باي حال من الأحوال عند مصلحة الوطن أن يكون هنالك أكثر من رأي و وجهة نظر , نعم وكما ذكرت سابقا قد تختلف الوسائل ولكن الغاية إن اختلفت اختلف كل شيء , ولا يفهم كلامي خطأ , حين قلت إن لم تكن مع الوطن أنت ضددنا , فليس هذا إشارة مني أن أتباع بيان المتقاعدين العسكرين هم فقط الوطن , لا ابدا ,لانني كذلك قصدت حملة تواقيع بيان العبيدات , والتيار الوطني , وأنت وأنا وجارنا وكل من يحب الاردن والاردنيون .
لنحترم بعضنا البعض ولا نشكك في ولائنا للوطن كله نظاما وحكومة وشعبا وفكرا ومسارا , ولا نرمي الإتهامات جزافا دون أدلة , وحتى لو كانت الأدلة موجودة فليس كل ما يعرف يقال , لان مصلحة الوطن هي الأهم الغاية المنشودة التي تهون عندها كل غاية , نشكر المتقاعدين العسكرين كلهم , ونشكر دولة العبيدات والتيار الوطني ونشكر الجميع , ونرتجي منهم مزيدا من التعاون ومن الإلتحام , لخدمتنا , وإستمرارنا , وباب خدمة الوطن مفتوح لا ينتظر أحداً أن توجه له دعوة لدخوله , ولكن يبقى المه ترسيخ الحوار وسعة الصدر وتقبل فكرة أن الانسان ليس معصوم عن الخطأ , ولكل مجتهد نصيب , ولا تأخذنا العزة بالإثم إذا ما وجه لنا غنتقاد فكري , يقصد من ورائه الفائدة , ولنتذكر دائما وأبدا , ان الحقيقة أينما وجدت مثتبة و تكن دائما وأبدا أسمى وارفع شأناً من أي عقيدة مهما رسخت وطال عمرها .
حازم عواد المجالي