يعتبر اشهار زمزم حدثا اصلاحيا وطنيا كبيرا في تاريخ الحركة الاسلامية في الاردن حيث جاءت هذه المبادرة التي اطلقتها شخصيات اسلامية سبق ان تولت العديد من المواقع القيادية في حركة الاخوان وحزب جبهة العمل الاسلامي في زمن ما يسمى بالربيع العربي الذي حصد الاسلاميون منه في الوطن العربي مكاسب مؤقتة فيما خسر نظراؤهم في الاردن كل المكتسبات التي منحت لهم على مدار العقود الماضية في مسيرتهم التائهة .
فقد اعلنت زمزم عن نفسها عند الاشهار انها مبادرة للانتقال من حالة الاستبداد الى الديمقراطية وهي تعتبر نفسها حالة وطنية أصيلة تهدف الى تشكيل الدولة المدنية وتقدم نموذجا ومفهموما اصيلا عبر الهوية الاردنية .. لكن خارج نطاق الجدل وتحت شعار الوطن للجميع .. مقدمة مصلحة الوطن فوق أية مصلحة أخرى وأن المواطنة درجة واحدة مبنية على الحب والانتماء قبل ان تكون مكتسبات وغنائم كما أن الحزبية برأيها ليست عقائدية مغلقة ولكنها متطورة تبعا لظروف الوطن ومصلحته .
وتؤكد الحركة الانشقاقية الجديدة التي تمثل كافة الوان الطيف الاردني أنها جزء لا يتجزأ من العمل الشعبي والحراك الوطني الاصلاحي الراشد الذي يهدف إلى تحقيق الاصلاح الشامل بطرق حضارية سلمية وعلنية بعيداً عن العنف والتطرف والتعصب الديني أو المذهبي أو الإقليمي وهي تشكل بمحورها جبهة فكرية بعيدة عن المذهبية والطائفية كما انها وطنية جامعة تتسع لكل الطاقات والكفاءات الأردنية المخلصة لهذا الوطن وتحمل الهمّ الوطني وتنهض بمشروع الإصلاح الوطني الشامل بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو توجهاتهم الفكرية اضافة الى التعاون والمشاركة مع أهل الخبرة في بناء الاقتصاد الوطني المنتج وتصحيح مواطن الخلل فيه ومحاربة الفساد كما تدعو إلى الإسهام بإعادة بناء الدولة الأردنية الحديثة والقوية المزدهرة التي تستمد مرجعيتها القيميّة من الإسلام العظيم .. هذا الدين الذي يرفض كل اشكال الغلو والتشدد والتكفير والتطرف .
ان هذه المرحلة تقتضي منهجية سياسية مختلفة تقوم على أساس خطاب الوحدة والتسامح والمحبة ولقد حملت المبادرة تعبيرا حقيقيا عن الاصلاح الوطني مؤملا ان نصل الى مفهوم أن الحزب يتمثل بالمواطنة الحقيقية الصادقة وأن اساس ترخيص الحزب وحقه بالعمل هو انتماؤه للوطن .. كما تركز اهداف المبادرة على البناء الداخلي الاردني والانشغال بالهمّ الوطني وحث المواطنين على الانخراط بالعمل السياسي والمشاركة في الانتخابات سواء النيابية أو البلدية .
وخلاصة القول فان مبادرة زمزم التي تعد ثورة تاريخية مجيدة جاءت في زمن نحن بأمس الحاجة اليها لما احتوت من مضامين نعتبرها اختراقا خلاقا لحالة الجمود الفكري والعقائدي الذي يسيطر على مسيرتنا الفكرية الظلامية ومن شأنها ايضا ان تزيل كافه التفاصيل الهامشية التي نقف عندها منذ قرن من الزمان .. ولا بأس بنا معشر الأردنيين أبناء الوطن المخلصين أن ننهض منذ الآن الى جانب زمزم وندعمها في توجهاتها الصادقة المخلصة لتكون بعد اليوم حزب الوطن وحزب الشعب وحزب الاسلام الأقرب الى التقوى والاعتدال والوسطية ونبذ العنف والتفرقة والطائفية والله المستعان .