من خلال المتابعة لتاريخ الأردن السّياسي...؛ نجد بأنّ أكثر أسودنا الذين أسندت وتُسند لهم المناصب السّياديّة...؛ لا بدّ بل ويجب أن يكونوا مُصابين بالطرم الشّديد الذي غالباً ما تصاحبه ( العنّة) السّياسيّة وأهم واجباتهم ليس فقط تخريب قعدتنا بل نزع كل عيشتنا بعد انهماكهم بترتيبها لهم وللفاسدين برّاني وجوّاني...! وأمّا الجزء الباقي (الأصلي) منهم والذي كان أقوى ومحصّن من الطّرم ولن يُصب به...؛ فإمّا فراشه أوسع له والنسيان أولى به وإمّا يتداركه القدر بالموت وما وصفي وهزّاع وشرف عنّا ببعيد (ولا اعتراض على أمر الله)...!
وإن كان هذا قدرنا...؛ فقد عبّر عنه ذلك الشّاعر (الحْسِني) الذي وصّف حاله آنذاك وحالنا الآن منذ سنين عندما قال:
الله بلاني بعريض إكتوف
.............. والزّين ما دبّره حالي
وإن كان هذا ليس قدراً بل من صنع أيدينا وهو الأغلب والأعمّ...؛ فالأسباب كثيرة ومنها:
الحب من طرف واحد والرّقص في العتمة، والأكثر إشكالاً أنه كلّما أصابنا المحبوب في مقتل..؛ كلّما زادنا ذلك حبّاً وشغفا به ونتناسى بأنّ الحب من هذا النّوع الرّديء الذّليل المُذل لا يساوي أوطاناً للشعوب بل مصانع للأشباح وأوكاراً آمنة وطقوساً متنوعة للمستبدّين والفسدة وأنّ علينا الإقلاع عنه وجوباً وفوراً.
نوقن بأنّ القيادات الحقيقيّة لا تولد إلّا من رحم الشّعب، فالشّعب هو من يختار قياداته ويصطفّ خلفها...، ومع ذلك...؛ نصرّ إصراراً ونلحّ إلحاحاً على أن نبقى نسير خلف تلك (الأشباح المصنوعة) وسُمّيت لنا بأسماء متنوّعة وكثيرة ما أنزل الله بها من سلطان، ونعلم أوّلها ولا نعلم آخرها...، واسمع يا أخي لقول الله تعالى في سورة النّجم: ({ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان...}).
نفشل حتّى بالفشل فندمن ونتفنّن في صناعة الأشباح (أكبر شبح نصنعه بنصف عام) فنسيّدها علينا ونهلل لها ونرقص ومن ثم ندأب على محاربتها سنون وسنون لإزالتها إلى أن نعجز فتصبح أخيراً واقعاً نتكيّف ونتعايش معه مُرغمين مُسحّجين..!؟
نمر وبلدنا بحالة تصعب حتّى على الكافر؛ وفقط نجلس أمام التّلفاز ونقرأ الصّحف، فلا أثر لنا لا في صنع القرار ولا في إستقباله ولا يُسمح بظهورنا والاحتفال بنا إلّا في انتخاباتهم وعند دفع فواتير فسادهم فقط...! الله أكبر...؛ شعب لا يظهر إلّا بالإنتخابات!
إنغماسنا بمطالبنا الفئويّة المباشرة وغير المباشرة...؛ فبينما كان البعض يخرج بالمظاهرات من أجل الأردن...؛ كان جماعة النّوّاب الرّاسبين يخرجون من أجل جماعة النّواب الرّاسبين، تبعين الميّة من أجل تبعين الميّة، والواجهات العشائرية من أجل الواجهات العشائريّة، والعمال من أجل العمال، والمدرسون من أجل المدرسين، والمهندسون من أجل المهندسين...
نحترم السّلطة لا حبّاً بها بل خوفاً منها لأنّه تمّ إفهامنا وتنميطنا على أنّ الإستقرار هو: الرّضا بالأمر الواقع...، وانّ الاستقرار يأتي بعد الإنتخابات لا قبلها، فالصّناديق يا ناس لا تفرز استقراراً إن لم يكن موجوداً أصلاً بل تفرز عرقاً ذا روائح كريهه...؛ أنظر بعد الإنتخابات وقبلها النتيجة واحدة (محل ما خ.. شنقوه)...
نتحايل على واقعنا لنعيش، فمثلاً...؛ عندما يعتزم أحدنا بيع سيارته أو محلّه أوشيء ما يملكه؛ يضع عليها الإعلان الآتي: (للبيع بداعي السّفر) والصّحيح هو (للبيع بداعي الطّفر) وكذلك لو لُكِمَ أحدنا على بطنه؛ فإنّه سيقول أخ يا ظهري لا يا بطني كنداء للقوة والحماية العشائرية وطلب الفزعة بعيداً عن القانون المدني الذي نتحدّث ونفتخر به نظرياً وهو غير معمول أو مُقتنع به على الأغلب عمليّاً، وعلى ذلك قِسْ....!
الأسباب كثيرة وكثيرة جدّاً فمالحل؟ (من عندي ومن عند أجاويد الله) وكون ( قلبنا طيّب للجميع)...؛ فالحل هو: متابعة قناتي طيور الجنة أوطيور بيبي كلّ حسب رغبته لحين مجيء انتخابات قادمة عشان نظهر ونطير (إنْزَقزِق):
أنا أنا الجزره
............. ذوقوني ما بتنسوني
وقت ابكون مقشّره
......... يا محلى طعمي ولوني