زاد الاردن الاخباري -
غادة الشيخ - عمان- رغم وضوح الخطاب السياسي لنشطاء الحراكات الشبابية والشعبية في الأردن، وعدم تجاوزه سقف الدستور، وتحت مظلة شعار "إصلاح النظام"، لم تعدم الساحة صدور أصوات وخطابات "معزولة"، لا تعبر عن السياق العام للحراك الشعبي، تقفز في شعاراتها وخطابها عن الدستور والقانون، وعن التوافق الوطني العام، وهو ما ينتقده حراكيون ومعارضون، مؤكدين أنه يبقى "خطاب أقلية" غير معبرة عن السياق العام للحراك.
خطاب الحراك الشعبي، ومنذ انطلاق إرهاصات الربيع العربي والأردني، قبل أكثر من عامين، لم يتجاوز سقف الدستور الأردني، رغم ما تعرض له الحراكيون من "استهداف رسمي، ومحاولات تشويه"، وفقا لنشطاء، أكدوا أن الشعار المركزي للحراك والمعارضة الأردنية بقي "إصلاح النظام"، متفرعا الى مطالب سياسية محددة، تتعلق بتعديل قوانين الانتخاب والأحزاب والمطبوعات وغيرها، والمطالبة بتعديلات دستورية، ومحاربة الفساد، وتعزيز الحريات العامة والإعلامية والعدالة الاجتماعية، وتطوير الحياة السياسية، وإلغاء محكمة أمن الدولة، ووقف القبضة الأمنية على الحياة السياسية.
ورغم وضوح هذا الخطاب واستقراره، باتت تظهر علامات استفهام، عن مدى التزام البعض بهذا الخطاب، وبأحكام الدستور والقانون، خصوصا مع تسجيل عبارات وشعارات "استفزازية"، يرى حراكيون أنها "تنفر" الكثيرين، لعدم انسجامها مع الخط والتوافق الوطني العام، ويمكن أن تستخدم كذريعة لاستهداف الحراك والحراكيين.
ويقرأ المحلل السياسي الدكتور لبيب قمحاوي، في وجود مثل هذه الأصوات والشعارات، بأنها "تعكس ردة فعل أحيانا لعدم وجود رحابة صدر من قبل الحكومة"، لبعض التجاوزات التي تمارس من قبل بعض الحراكيين، الذين "يعبرون عن غضبهم بطرق مرفوضة من آخرين".
ويعزو قمحاوي الخروج عن سياق خطاب الحراك والمعارضة الى "رد فعل غاضب، تنتجه حالة الاحتقان، يعيشها الشباب جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة، المعاشة"، لكنه اعتبر أن هذه التجاوزات "تصدر عن البعض، وهي لا تمثل التيار العام الذي يطالب بالإصلاح".
ويرى "ضرورة اتساع صدر الحكومة لهذه التجاوزات"، مشيرا الى أن هذا "لا يعني دعوة للفوضى"، وإنما ضرورة التفهم من قبل الحكومة لشعارات تصدر من فئة تعتبر تجاوزها طريقة لـ"فشة الخلق"، لا أكثر.
بدوره، يرى الباحث محمد فرج أن الأطراف، التي تعمل على إنتاج الخطاب السياسي المعارض في الأردن "لم تدرس وتحلل الواقع بشكل جيد قبل إنتاج خطاباتها السياسية".
والدليل على ذلك، بحسب فرج، أنه في بداية ولادة الحراك "تم انتهاج خطابات لا تمس الحس المباشر للناس، ولا حاجاتهم الحقيقية، حيث إن الأطراف السياسية اختصرت مطالبها بتعديل بنود في الدستور، وقانون الانتخاب والأحزاب والاجتماعات العامة، بعيدا عن المطالبات التي تتعلق بالهم الاقتصادي الذي يهم الناس أساسا".
وقال: "عندما تشكلت لجنة الحوار الوطني، وقعت الأحزاب في المشكلة نفسها؛ حيث احتجت على التعديلات المتعلقة بالجانب السياسي، ولم تنتبه لمخرجات لجنة الحوار الاقتصادية".
وأضاف فرج أن العجز عن إنتاج الخطاب المتنوع والقريب من الواقع "أربك" الكثيرين، مؤكدا أن الأردن بحاجة لتنظيم سياسي متماسك، قادر على إنتاج خطاب قريب من الشارع، و"غيابه هو الذي يشعر المواطن بوجود شعارات تستفز الناس".
بدوره، يرى الناشط وعضو الاتحاد الشبابي الأردني الديمقراطي مهدي السعافين "داخل الحراك، توجد عناصر متوترة، لا تحمل مشروعا سياسيا، وهي أشبه بالنزعات الفردية، التي تعبر عن حالة غضبها، وتحمل شعارات غير مرتبطة بالواقع، ما يخسرنا جمهورا للحراك"، بحسب قوله.
وفي سياق حديثه عن الخطاب السياسي للحراك، يبين السعافين، أن الخطاب قسمان؛ الأول يركز على الخطاب الطبقي والاجتماعي، المرتبط بالفئات الاجتماعية المتضررة من الواقع الاجتماعي والاقتصادي، مثل حركة عمال المياومة والمتقاعدين العسكريين وعمال الموانئ.
والثاني مرتبط بخطاب الأحزاب الكلاسيكية، التي تقدم الفهم السياسي كمدخل للحل على حساب الاشتباك مع القضايا الاجتماعية، فتذهب للتركيز على قانون الانتخاب والتعديلات الدستورية.
فيما يعزو الناشط الشبابي تيسير كلوب، وجود ما يستفز المراقب من بعض الشعارات من قبل بعض الحراكيين الى ثقافة "النسخ واللصق" لخطابات الحراكات في دول عربية، هي بعيدة في واقعها وظرفها عن الواقع الأردني.
ويرى أن الخطاب السياسي للحراكات "يجب أن يكون نابعا من الواقع الأردني ومشاكله، حتى يعطي تطمينات للناس"، مستنكرا وجود حالة استنساخ من قبل البعض لشعارات تخرج في دول عربية، مثل مصر وسورية.
بحسب الناشطة في الحراك الشبابي الأردني آية الموسى، ثمة عوامل تؤدي الى استفزاز الناس، وتخوفهم من الحراك، فـ"ارتفاع معدل الاعتقالات لنشطاء الرأي بات واضحا"، وهو أمر ينفر الناس من المشاركة في العمل العام، الذي هو أمر مشروع وحق دستوري.
وتعزو أسباب وجود أصوات تتحدث عن شعارات الحراك الاستفزازية الى "تخوف الناس من أن يحدث في الأردن كما حدث في سورية ومصر من تبعات".
وتؤكد الموسى أهمية شعارات الحراك، ودفاعها عن المواطن، خصوصا فيما يتعلق بمحاربة الفساد، واسترجاع ثروات الدولة، ووقف القبضة الأمنية، واحترام حقوق الإنسان، ورفض التغول على جيوب المواطنين وسياسة الإفقار.
فيما يرى الناشط في حراك حي الطفايلة محمد الحراسيس، أن التطاول والتجاوزات، التي تصدر من قبل البعض، "لا تصدر من حراكيين مسيسين"، فالحراكيون، بحسب قوله، "يدركون أن هذه التجاوزات ليست من ضمن العمل السياسي والعمل العام"...... عن الغد
Ghada.alsheikh@alghad.jo