زاد الاردن الاخباري -
ذكرت صحيفة «الحياة» اليومية الصادرة في لندن أن فريقاً يتبع القصر الملكي الأردني يسعى إلى اختبار وضع الحكومة داخل الأوساط الرسمية ومؤسسات القرار المختلفة، خصوصاً البرلمان، مع تصاعد الغضب الشعبي ضدها.
وعلم أن هذا الفريق الذي يعمل في شكل سرّي وجه خلال الأيام القليلة الماضية أسئلة مهمة استهدفت شخصيات وأسماء تم اختيارها بدقة شديدة من داخل أوساط القرار ورجالات الدولة الحاليين والسابقين، لتقويم أداء الحكومة ورئيسها عبد الله النسور داخلياً وخارجياً.
وتضمن الاستطلاع أسئلة عدة أبرزها: هل تعتقد أن بقاء النسور رئيساً للحكومة ممكن أم صعب وما هي الأسباب، وكيف تقوّم أداء الحكومة على المستوى السياسي والشعبي، ومن هو الاسم الذي ترشحه رئيساً للوزراء إذا حدث تغيير ولماذا؟
وعلم أن حصيلة الإجابات المتواترة حتى الآن جاءت صادمة بالنسبة إلى مطبخ القرار، إذ حمل غالبيتها ردوداً سلبية تجاه طريقة عمل الحكومة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وكان لافتاً أن الإجابات حذرت من «انفجار» الشارع مجدداً في حال واصلت الحكومة نهجها الاقتصادي الذي يعتمد أساساً على رفع الدعم والأسعار في شكل متسارع لتطاول الخدمات والسلع الأساسية التي يحتاجها الأردنيون، وغالبيتهم فقراء محدودو الدخل.
وأشارت النتائج أيضاً إلى أن وضع الحكومة غير مطمئن، حتى داخل مؤسسة البرلمان، على رغم أن غالبية أعضائه من المحسوبين على مؤسسات الحكم المختلفة.
وقال مساعدون رسميون لـ «الحياة» إن الاستطلاع المذكور أجري أيضاً في عهد حكومة سابقة، وكانت الترشيحات آنذاك تصب باتجاه واحد هو تكليف رئيس الوزراء السابق معروف البخيت بدل الرئيس الذي تمت إقالته، ما يعني أن حكومة النسور قد لا تعمر طويلاً بسبب الردود التي تضمنتها إجابات العينة المستهدفة، والتي وصفها أحد المسؤولين البارزين خلال حديثه لـ «الحياة» بأنها «سلبية جداً».
لكن قريبين من مطبخ القرار استبعدوا أثناء حديثهم لـ «الحياة» توجه الحكم إلى اتخاذ قرار «متسرع» بإقالته الحكومة، وقالوا: «صحيح أن نتائج الاستطلاع أكدت أن حكومة النسور تواجه نقداً واسعاً وغير مسبوق داخل أوساط البرلمان والشارع بسبب القرارات الاقتصادية المتسارعة، إلا أن مؤسسة الحكم ستعمل قدر الإمكان على تفادي إقالتها حتى تستكمل إجراءاتها الاقتصادية لمواجهة عجز الموازنة». وأضافوا أن الاستطلاع الأخير «هدفه الاستعداد لكل الاحتمالات وتقييم البدائل».
وقال أحد المساعدين لـ «الحياة» إن مصير النسور «غير محسوم حتى الآن، لكن من مصلحة الحكم الإبقاء عليه، حتى يتمكن من إكمال خطته الاقتصادية».
وما من شك أن تغيير الحكومة في الأردن لم يعد سهلاً كما السابق، خصوصاً بعد التعديلات الأخيرة على الدستور، والتي عقدت هذا الإجراء لاشتراطها استشارة أعضاء البرلمان في شخص الرئيس الجديد وفريقه الوزاري.
وقال النائب الثاني لرئيس البرلمان خليل عطية لـ «الحياة» إن وضع الحكومة داخل البرلمان «صعب للغاية»، مضيفاً: «هناك غالبية نيابية تسعى إلى إطاحة النسور خلال الدورة العادية المقبلة، وذلك بسبب سياساته الاقتصادية غير الشعبية». وتابع: «بدل أن تعمد الحكومة إلى رفع الأسعار لسد عجز الموازنة، كان الأولى أن لا تقدم خدماتها الإقليمية بالمجان»، في إشارة إلى استقبالها آلاف اللاجئين السوريين على أراضيها، وتقديمها خدمات أمنية وعسكرية في خصوص ما يعرف بالحرب على الإرهاب.
لكن وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة نفى لـ «الحياة» تعمد الحكومة رفع الأسعار، وقال: «طالما أننا لم نصل حتى الآن إلى حكومات برلمانية وبرلمانات مستقرة، فإننا أمام تغييرات متواصلة على الحكومة». وأضاف: «رئيس الوزراء الحالي لم يتعمد رفع الأسعار، إنما جاء لينفذ اتفاقات سابقة مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قروض كانت وقعتها حكومة سابقة (حكومة فايز الطراونة)».
واعتبر الكلالدة أن الأردن «يعاني مأزقاً اقتصادياً غير مسبوق»، لافتاً إلى أن الحل «ليس في إقالة الحكومة وإنما بإجراء حوار وطني شامل يبحث الحلول كافة ويصل إلى توافقات مع الجميع».
لكن الرجل الثاني في جماعة «الإخوان المسلمين»، كبرى جماعات المعارضة في البلاد، زكي بني ارشيد اعتبر أن الحكومة «تأخرت» في حسم إطلاق حوار وطني عام، وقال: «ليس المطلوب إعادة إنتاج حوارات سابقة، بل الدعوة إلى طاولة حوار وطني جاد».
وأوضح أن هناك «حال ارتباك ومراوحة لدى الحكومة، أقرب إلى الاسترخاء». وشدد على أن الجماعة «جاهزة لوضع تصورها على طاولة الحوار عندما يكون هناك صاحب قرار وإرادة».
وكان النسور الذي يؤدي مناسك الحج حالياً في مكة المكرمة أنهى قبل أيام عامه الأول في رئاسة الحكومة. وأُرهق الاقتصاد الأردني الذي يعاني أزمة بفيض اللاجئين الهاربين من حرب أهلية عمرها أكثر من عامين في سورية جارته الشمالية.
واتخذ النسور قرارات متلاحقة برفع الضرائب وأسعار الوقود والكهرباء والملابس والأطعمة والاتصالات الخليوية، ما أشعل اضطرابات استمرت أشهراً وأسابيع، خصوصاً في المناطق الريفية والعشائرية التي تضررت من إلغاء الدعم.
لكن صندوق النقد أشاد بالإصلاحات الاقتصادية التي أشرف عليها النسور، وقال إنه شهد علامات انتعاش اقتصادي عام 2013، إذ زادت الاحتياطات من النقد الأجنبي بمقدار 1.5 بليون دولار من أموال الخليج، وتعززت الثقة في الدينار الأردني، وزادت إيرادات الدولة.
(الحياة)