جلس الاخوة مجتمعين حول " الطبيلة " بإنتظار الطعام الذي تعده لهم أمهم وقت الغداء بعد يوم شاق من الدراسة وقطع مسافات طويلة ما بين المدرسة والمنزل وذهابهم في الصباج وجيوبهم خاوية من أية نقود كي يشتروا ما يسد جوعهم وقت الفسحة الدراسية ، ولكنهم في النهاية جلسوا أمام تلك "الطبلية " المصنوعة من خشب " السحاحير " ودقت أطرافها بماسمير الطوبار من ورشة جيرانهم .
بدأوا لعبهتم اليومية والمشوقة بسؤال أحدهم للثلاثة للبقية ماذا سنأكل اليوم ؟ أجابه الأول بندورة وخبز وكاسة شاي ، والثاني كاسة شاي وخبز وبندورة ، والثالث خبز وكاسة وبندورة ، والرابع طرح توقع غريب أمامهم اليوم سوف سنأكل " قلاية بندورة وخبز وكاسة شاي ، ورد عليه الأول اليوم سنأكل بندورة مقطعة وخبز وكاسة شاي ، والثاني قال بندورة حب " شقم " وكاسة شاي .
أحضرت الأم الطعام وألقت به على " الطبيلة " وبجملة جافة وحادة قالت " كلوا " ، صدم الاشقاء مما شاهدوه امامهم على الطبيلة وكان حبة بندورة مقطعة وصحن به بندور مقلية وحبتي بندور كما همها " صاغ "، والخبز اليوم خبز شراك وليس خبز طابون أو فرنجي ، وطعامهم لم يخرج عن البندورة والخبز والشاي وكان الحديث بينهم يتردد بأنها نفس الأكله دائما ولايوجد شيء مختلف وأمهم تؤكد لهم أثناء حديثهم أن البندور المقلية تختلف عن المقطعة وعن البندورة الحب وأن خبز الشراك يختلف عن خبز الطابون أو الخبز الإفرنجي وأن عليهم أكل ما بين أيديهم لأنه لاخيار لهم فيما يأكلون لأنهم مايزالون صغار وغير قادرين على "طبخ " طعامهم.
وهذا يذكرني بما تم في تعيين أعضاء مجلس الاعيان الأخير تمت زيادة العدد إلى خمسة وسبعون ومع ذلك بقي الخبز هو الخبز والبندور هي البندور والشاي هو الشاي سواء قدم خبز الشراك بدلا من الطابون أو الأفرنجي أو البندور مقلية بدلا من المقطعة أو الحب " الصاغ " والشاي هو نفس الشاي وإن وضع اليوم في كوب بلاستيك وليس كاسة زجاج وأن علينا أن نأكل الطبخة التي وضعها لنا مطبخ القرار السياسي لأننا ما نزال شعب "صغير" وبحاجة للوصاية ... ما سبق من " طبيخ " قبل أن ترتفع أسعار البندور وتصبح بعلب العرائس .