جلال الخوالدة يكتب لزاد الأردن : وظائف مجلس الأعيان المنسية !

زاد الاردن الاخباري -

وظيفة مجلس الأعيان - حسب النصوص الواردة في الدستور والنظام الداخلي لمجلس الأعيان- هي التشريع والرقابة، وهذا بحد ذاته جميل، من الناحية النظرية، فلاشك أن بلدنا تحتاج إلى التشريع والرقابة، بإعتبار أن معظم قوانيننا وتشريعاتنا قد أكل عليها الدهر وشرب، وأن العالم تطور عشرات المرات وما زلنا في مكاننا نتبع قوانين كثيرة تحتاج إلى التحديث، وكذلك فإنه لدينا كل شيء وليس لدينا رقابة حقيقية على السلطة التنفيذية وعلى الموارد وعلى الفساد !

الوظيفة التشريعية (النظرية) لمجلس الأعيان تبدأ باقتراح مشاريع القوانين، حيث يجوز لعشرة أو أكثر من أعضاء أي من مجلسي الأعيان أو النواب أن يقترحوا القوانين ويحال كل اقتراح إلى اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي حولها، فإذا رأى المجلس قبول الاقتراح أحاله إلى الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها، ولا أذكر أن مجلس الأعيان الأردني قد سبق واقترح قوانين، وإذا كانت ذاكرتي ضعيفة فأرجو أن أسمع من أحد أن يصحح لي معلوماتي، أما إذا كان لك صحيحا ، فهناك خلل ما، فكيف تكون الوظيفة التشريعية الأولى للمجلس منسية، بدون تفعيل، لأنه في بلدان أخرى، تسمع يوميا عن مقترحات لقوانين وتشريعات جديدة أو عرض لتحديث مشروعات قديمة، فلماذا لا يحدث ذلك لدينا؟

إضافة إلى ذلك، ومن الوظائف التشريعية للمجلس هي مناقشة مشاريع القوانين المقدمة من قبل مجلس النواب، ولست ساخر ولكني نادرا ما أسمع عن جلسات مناقشة خاصة بمجلس الأعيان، بإستثناء ما سمعنا عنه قبل فترة عن مناقشتهم الجادة وحامية الوطيس بخصوص جوازات السفر الحمراء ( الديبلوماسية) وأي مناقشات تتعلق بإمتيازات المجلس أو مجلس النواب، فإما أن سمعنا ثقيل، أو أن مناقشاتهم تتم بصمت بالغ أو بهمس ليس مسموعا !

كذلك من وظائف المجلس إقرار مشاريع القوانين سواء بقبول مشروع القانون أو رفضه أو تعديله، والذي نعلم عنه حقا، ويظنه معظم أبناء الأردن أن مجلس الأعيان يقبل بكل القوانين، ولست أدري سبب هذه "النكتة" المنتشرة، فقد قرأت هذا العام فقط أن مجلس الأعيان الموقر قد رفض مشروع القانون المعدل لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2013، ورفض مشروع قانون يهدف إلى تشديد العقوبة على جرائم الشرف كذلك رفض مشروع قانون الكسب غير المشروع لسنة 2012 ( من أين لك هذا؟) !!

بالنسبة للوظيفة الرقابية فقد تستغربون إن قلت لكم أن مهمة مجلس الأعيان هي الرقابة على أعمال وتصرفات السلطة التنفيذية بموجب أحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس سواء الرقابة على إدارة شؤون الدولة أو مراقبة مشروعية عملها، وقد لا تصدقون، أن نطاق وظيفة رقابة مجلس الأعيان على الحكومة يبلغ، وحسب الدستور، مراقبة سياسة الحكومة الخارجية في معاملاتها وعلاقاتها مع العالم الخارجي كذلك مواقفها السياسية، وهذا نظريا. أما عمليا، فلم أسمع في حياتي كلها، وقد أكون مخطئا، أن مجلس الأعيان قام بالتدقيق في موقف واحد سياسي للحكومات الأردنية المتعاقبة، أو قام بمحاسبتها عليه، أو قام بتشديد الرقابة على أحد قراراتها السياسية (!!)

هل تعلمون أنه يحق لمجلس الأعيان توجيه الأسئلة والاستجوابات ومحاسبة الوزراء على أي تصرف في شأن من الشؤون العامة للدولة؟ فهل سمع أحد يوما ما بأن أحد أعضاء مجلس الأعيان قد قام بتوجيه استجواب للحكومة ؟ هل فعل أحدهم ذلك حقا، أرجوكم أبلغوني، فأنا في حيرة من أمري(!!)

من المثير معرفة أنه يحق لأعضاء مجلس الأعيان طرح موضوع عام للمناقشة ! وكذلك من العجيب أن نعلم أنه من مهام مجلس الأعيان الإطلاع على هموم وقضايا المواطنين الخاصة والعامة، والمفاجأة الكبرى أنه تبين أنه حيث يحق لكل أردني أن يرفع إلى مجلس الأعيان عريضة أو شكوى تتعلق بأمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة (!!)

من المؤسف أن يكون لدينا مجلس أعيان لديه كل هذه المهمات ولا يقوم بها كاملة، أو نصفها على الأقل، والأشد من ذلك، أنه يتم تعيين الأعيان ويستنزفون الدولة برواتبهم وتقاعدهم وعلاقاتهم وجوازاتهم وإمتيازاتهم، وكذلك النواب بالطبع، وفي النهاية تزداد أوضاعنا سوءا، وتتفاقم مشكلاتنا، ونبقى نراوح في مكاننا، والتحرك الوحيد الذي نقوم به أحيانا، يكون للخلف فقط (!!)