تستمر معاناة الشباب الأردني والأسر الأردنية جراء سياسات التعليم العالي غير الدستورية و غير الأخلاقية التي تتفتق أدمغة أعضاء مجلس التعليم العالي في اتخاذها كل حين ، غير عابئة بحاجات الناس وحقوقهم التي كفلها الدستور في التعليم ، فما يميز وزارة التعليم العالي في بلادنا أنها تبتدع سياسات غريبة عجيبة موجهة في الغالب إلى الفقراء والمبدعين حين تحرمهم من مواصلة التعليم العالي ، وعدم فتح المجال أمامهم لخيارات أخرى بديله في الحصول على التعليم العالي .
فكلما حضر إليها وزير جديد جاء بقرارات وتوجهات تتعلق ليس بتضييق الخناق على أبناء الوطن للحد من التحاقهم بالدراسات العليا على كافة أنواعها المتعارف عليها في كل دول العالم فحسب ، بل حرمان الطلبة المتفوقين من دخول الجامعات الرسمية ! فحين تفكر الوزارة هذه الأيام بتخفيض أعداد المقبولين في الجامعات الرسمية لأسباب نجهلها، فهي ستدفع لا محالة الطلبة الأغنياء منهم إما للسفر إلى الخارج حيث احتمالات النجاح أو الفشل أو الضياع ، أو الالتحاق في الجامعات الخاصة حيث الرسوم العالية التي لا يقوى عليها إلا المقتدرين ، وأما الفقراء منهم فالقرار يعني حرمانهم من التعليم داخل الوطن وخارجه ، فمن يتحمل ذنب حرمانهم من التعليم في جامعاتهم وبين أهليهم وأصدقائهم إن كان هناك من يبالي أصلا بالذنب في المجلس !!
لقد اتخذ مجلس التعليم العالي سابقا جملة من القرارات وقمنا بإعلان تقديرنا واحترامنا لها والمتعلقة منها بوقف منح الطلبة العرب امتيازات القبول لمن هم اقل تحصيلا أسوة بالطلبة الأردنيين ، واعتبرناها خطوة جيده نحو تقوية سمعة الجامعات الأردنية الخاصة وتمكينها من أداء رسالتها على أكمل وجه بعد سلسلة تراجعات تحدث عنها الناس في هذه الجامعات ونالت من سمعتها، لكننا نفاجأ ان المجلس الحالي يرغب بتخفيض أعداد الطلبة الأردنيين في الجامعات الرسمية لهذا العام بالرغم من أن الجامعات الرسمية أصلا لا تلبي حجم الأعداد الكبيرة الراغبة بالتعليم حتى من ذوي المعدلات المرتفعة أصلا ، فكيف يصبح الحال ان تم التخفيض ! وكم سيبلغ عدد الضحايا الذين \" قتلتهم \" قرارات المجلس أن حدثت ! ثم ، ما هي ألأسباب التي يفسر لنا المجلس سبب اتخاذه هذه الخطوة ؟؟ إلا إذا كانت دعما مشبوها لتوجيه الطلبة نحو الجامعات الخاصة ! وهذا ليس بجديد في تحالفات الحكومات مع المحتكرين من كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية والتعليمية او ما يعرفوا هنا بالمستثمرين في مجال التعليم ! في ضل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة يعاني منها الغني ، فكيف بالفقير !
كان يمكن لهذه الخطوة أن تكون مقبولة ، لو أن سياسة التعليم العالي وقراراته كانت تمنح الطلبة حق الدراسة عن بعد ( الانتساب ) أو الدراسة الالكترونية التي باتت سمة الجامعات في العالم والعريقة منها خاصة ، او حتى لو أعادت العمل بالدراسة المسائية ، أو حتى لو ان الرسوم الجامعية في الجامعات الخاصة تسمح للطلبة بالدراسة فيها ، أما أن تخفض القبول في الجامعات رغم تزايد الأعداد الراغبة بالالتحاق وتحرم الآلاف من مواصلة دراساتهم بعد اثني عشر عاما من الدراسة لقطف الثمار ، فهذا يعني ان القرار جاء بمثابة طعنة غير متوقعه من وزارة التعليم العالي لأبناء المجتمع والعائلات التي انتظرت سنوات وسنوات ، فجاءت تلك الخطوة غير الأخلاقية التي ستدمع بل وتدمي قلوب الشباب الذي حرم من مواصلة دراساته بسبب تحكم طبقه متعجرفة بسياسات التعليم العالي في بلادنا لتقتل حلمها ، غير مكترثة بهموم وواقع واحتياجات الشباب الأردني الذين جعل الملك عبدا لله الثاني منهم شباب التغيير نحو الأفضل ، فالملك لم يتحدث عن الشباب الغني والقادر على تغطية نفقات دراسته ، بل تحدث عن الشباب الأردني عامة في القرى والأرياف والمخيمات ولم يستثني احد منهم ، بل قدم المنح والامتيازات للمبدعين والفقراء منهم ليستطيعوا مواصلة دراساتهم ، على عكس وزارتنا المبجلة التي حاكمت الشباب والفقراء منهم محاكمة غير عادلة وجعلت منهم الوتد الراسخ لبناء بيوت الأغنياء وقصورهم ، فهل بات التعليم حكرا على طبقة الأغنياء فقط في بلادنا ، وهل بات محرما على شبابنا عموما مواصلة التعليم بسبب تلك السياسات ! وهل بات و في عهد الوزير الحالي ومجلس تعليمه الإنسان ( الشباب ) ارخص ما يملكه الوطن !!
بإغلاق أبواب الدراسة في وجوه أبناء الوطن عموما والفقراء خصوصا ! ، فأن ذلك يصبح جريمة أخلاقية وفنية لا يجوز لأحد اقترافها دون ملاحقه قانونيه ، فلا وزير التعليم العالي يملك التحكم بمصائر الناس ولا حتى مجلسه الموقر ، فهم ما عادوا مؤتمنين على أحلام وطموح الشباب ، وعلى صاحب الأمر إبدالهم بسرعة قبل أن يرتكبوا جرائم أخرى !!! أو أن بثنيهم عن ارتكاب الجرم الذي يعدون له ، فقتل الناس بالمتفجرات أمر نعتبره إرهابا ولذلك نحاربه بكل ما أوتينا من قوة لننعم بالسلام !
فماذا نسمي قتل الأحلام والآمال وإغلاق الأبواب في وجوه الطامحين والمتعلقين بالعلم ! ماذا نسمي من يدفع أبناء البلد ويرميهم خارج الوطن للغربة والتعب والضياع ! هل نسميهم وزراء وساسة تحترمهم البلد رغم ما يرتكبوه من جرائم وجنح بحق الشباب !! وفي اعتقادي أن الحرمان جريمة ! وان القتل جريمة ، لكن الحرمان حين يوجه للناس عامة فهو إرهاب ! فيما تنحصر الجريمة بقاتل او مقتول واحد !