زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تنافس رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور مع سلفه رئيس الديوان الملكي الحالي فايز الطراونة في الهبوط على سلم ‘الشعبية’ بموجب استطلاعات علمية، يؤشر مجددا على أن نخبة من كبار قادة التنفيذ في معادلة الإدارة العليا يخفقون في تنفيذ واجب أساسي جدا يتعلق بالحلقات الوسيطة ما بين مؤسسة الحكم والشعب.
سوء حظ الثنائي الطراونة والنسور فقط قادهما بالتتابع لأقل نسبة تأييد شعبي وفقا للاستطلاع الموسمي الذي يجريه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية في تقييم الحكومات.
تجلى سوء الحظ في أن دراسة الاستطلاع نفذت فيما المزاج العام بالبلاد يستعرض بالتفصيل الممل الأخطاء غير المألوفة التي ارتكبت في تشكيل مجلس الأعيان الجديد بعد مغادرة السياسي المخضرم طاهر المصري وتشكيل تركيبة للمجلس أغضبت أكثر مما أرضت العديد من القواعد العشائرية.
الاستطلاع المعلن قبل يومين في عمان منح النسور نسبة ’48′ فقط من التقييم الإيجابي بالعينة الوطنية، فيما كان الطراونة الذي سبق النسور قد حظي بنسبة ’49 ” في منافسة واضحة تخت الضغط الاقتصادي والظرف الإقليمي الملتبس بين أكبر مسؤولين في الهرم الإداري حاليا.
بالنسبة للكاتب الصحافي محمد أبو رمان النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام تلك التي تمثلت في أن 64 ‘ من أفراد العينة الوطنية يعتقدون بأن الأمور بشكل عام في البلاد تدار بالاتجاه الخاطىء.
يعكس ذلك بطبيعة الحال حسب الناشط السياسي وعضو البرلمان الأسبق مبارك أبو يامين تطورا لافتا في مسارات التحفظ العام.كما يعكس حالة القلق عند الرأي العام بسبب غموض الأجندة الاقتصادية للحكومة مع عودة ما يسميها النشطاء الان بسياسة ‘الأمن الخشن’ المبرمجة فيما يبدو على أساس حماية سلسلة من الأخطاء الإدارية العبثية.
يمكن التقاط ما هو جوهري في الاستياء العام بعد ظهور المزيد من المفاجآت عند التدقيق في هوية الأعضاء الجدد في مجلس الأعيان حيث التشكيلة لا تخرج بالعادة عن فريق صغير يقوده كل من رئيس الحكومة ورئيس ديوان الملك مع مستشارين أقل أهمية.
الملاحظات التي وصلت بالضرورة للمؤسسات المرجعية من قنوات أمنية تتحدث عن ‘أخطاء’ لم يسبق للدولة الأردنية أن ارتكبتها عندما تركت مهمة تشكيل مجلس الأعيان لعدد صغير من المستشارين من بينها تعيين شخصيات لا تستطيع المشي والحركة أو اختيار عدة شخصيات من عائلة واحدة.
عملية التدقيق كشفت بأن إرادة الملك صدرت بالمصادقة على تنسيب عضو المجلس جانيت المفتي التي لا يسمح لها وضعها الصحي بالحركة فقدمت استقالتها فورا مما دفع أصلا للمراجعة وإجراء عملية التقييم.
نفس الكلام يقال عن عضو المجلس المناضلة السياسية إميلي نفاع التي لا تستطيع التحرك بسبب كبر السن والمرض إلا عبر ناقل حركة يدوي قبل أن يتبين أن ثلاثة مقاعد في الأعيان خصصت لتمثيل قبيلة بني حسن المهمة جدا شرقي البلاد وضعت بين يدي ثلاث شخصيات وزارية سابقة ومن فرع عائلي واحد في قبيلة تعدادها مليون نسمة.
عندما تعلق الأمر بتمثيل المسيحيين في البلقاء تم اختيار شخصيتين من نفس العائلة أيضا وتمكن أصدقاء ومجالسون لمسؤولين كبار من تعيين أقرباء أو أصدقاء لهم في عضوية مجلس الملك وعندما تعلق بتمثيل مدينة الكرك خصص مقعدان لعائلة واحدة أيضا في مفارقة إدارية لم تكن تحصل إطلاقا في الماضي.
أضيفت مقاعد في الأعيان من أجل أشخاص بعينهم ولم تشهد التشكيلة تمثيلا لعشائر الدعجة الموجودة في عمان العاصمة ولم ترض كثيرين في المستوى المناطقي والعشائري وبوصلتها تاهت فاستبدلت شخصيات عشائرية مهمة تحظى بالزعامة بأخرى هامشية في مجتمعاتها.
بسبب التركيز الإعلامي الشديد على الحدث الأبرز وهو مغادرة طاهر المصري لم تحظ هذه الاستبدالات والأخطاء التي تعتبر كبيرة في الأعراف المحلية بالضوء الكافي لكنها حظيت الان بعدما تبين أن الملف برمته ترك للمستشارين وللحكومة ولبعض المسؤولين الذين تقاسموا المقاعد بطريقة تشوه صورة مؤسسة تشريعية وتثير المزيد من التجاذب والجدل.
بالعادة يتم الاتفاق على قائمة التمثيل بإشراف رئيس ديوان الملك ورئيس الوزراء ومسؤولين اخرين في مكتب الملك والأجهزة الأمنية.
النتائج السلبية لأخطاء من هذا النوع خارج سياق تقاليد المؤسسة الأردنية تظهر بالعادة بالتتابع وتزيد من مستوى الاحتقان الشعبي وتؤدي إلى توسيع قاعدة المعارضين أو المناكفين وحتى المتعاطفين مع الحراك الشعبي، الأمر الذي يبرر اجتماعا هاما لأقطاب المعارضة بحضور 100 شخصية تحت عنوان تنشيط الحراك الشعبي سيعقد الأسبوع المقبل.
القدس العربي