زاد الاردن الاخباري -
بقلم الدكتور محمود علي الطهراوي:
منذ أوائل التسعينات حتى أواخرها كنت دائماً متابعاً لتشكيلة الحكومة والنواب والأعيان، لأنني كنت أعتقد أنه يجب على الإنسان أن يكون متابعاً للأحداث الداخلية وحافظاً لأسماء ومتنفذي الدولة من وزراء وأعيان ونواب المذكر منهم والمؤنث كجزء من ثقافة الفرد بشكلٍ عام والإنسان الأردني المسكين على الخصوص.
إلاً أنني بعد هذه السنوات شعرت بالملل والثَمل من هذه المتابعة وتوصلت إلى قناعة أن هذه المعرفة العلم بها لاينفع والجهل بها لايضر. ووجدتها أسماء تتكرر هنا وهناك، نائب أو نائبة ثم يصير وزيراً أو وزيره ثم يصبح أحدهم عيناً أو عينه، ثم يعود وزيراً أو رئيساً للوزراء أو رئيساً لمجلس إدارة أحدى الشركات الناجحة لإفشالها وبيعها سكراباً كما حدث ويحدث.
تشكيلة مجلس الأعيان الجديدة لم تدهشني كثيراً ولكنها استوقفتني قليلاً، لأنها تضمنت في جنباتها (42) وزيراً وأربعة رؤساء وزارات، واكتشفت من التشكيلة أن غرفةَ نومٍ واحده من قصور عمان قد أخرجت للأمة عيناً وعينه، ومن محاسن الصدف أنه قد سبق لأحد هذه الغرف أن قدمت لنا وزيراً ووزيره ( لله در الحظ ما أعدله بدأ بالأزواج عينهم ووزرهم ) بينما مدينة مثل سحاب بوابة الشرق لعمان العرب، مدينة الشموخ والكبرياء والتي تفخر على الناس بمساجدها ودرة المساجد بها، وأهلها الطيبون الذين لا يوجد في مدينتهم فقيراً واحداً ولا يظلم جليسهم أبدا.
علماً أن عدد سكانها يزيد على ثمانين ألف مواطن ( 80000) لم يكن لها نصيب من عينٍ أو عينه. مع وجود الكفاءات والقدرات المتميزة من أساتذة الجامعات والقيادات العسكرية التي كان لها شرف الانتماء للجيش العربي المصطفوي وكان لها دوراً طليعياً بارزاً في كل مواقع الشرف والبطولة.
كما أن بها من المهندسين والمهندسات والمربين الأفاضل والمربيات والفضليات الذين يفخرون بالانتماء لهذا الوطن والولاء للعرش الهاشمي المفدى، انتماءً غير منقوص أو مرتبط بمصلحة.
إلاٌ أن الذين صنعوا تشكيلة الأعيان في الحديقة الخلفية لقصورهم أو صالوناتهم السياسية أو الأدبية إذا جاز لنا أن نسميها، وهم يحتسون عصير التفاح ذهبي اللون المتلألئ أو عصير الرمان الأحمر القاني أو كأس الحليب ناصع البياض. لم يعرفوا ولم يشعروا ولم يحسوا بآخرين على مساحات الوطن لهم حقوق ولهم تاريخ وانجازات ، غير المجموعة التي تدور في فلكهم تسبح بحمدهم وتقدس لهم ، من أصهارٍ وأنساب وأصدقاء، شللاً ومحاسيب... أما نحن في سحاب ما سجل التاريخ يوماً ولن يسجل في المستقبل إلاً إخلاصاً
ووفاءً لهذا الوطن قيادةً وشعباً،،،،،،، والله من وراء القصد هو الهادي لسواء السبيل.