أين دعم الشعب الاردني للأشقاء في الزعتري ؟

كان الاردن ولا يزال العون الأكبر والاساسي لكل الأشقاء العرب في مختلف ظروفهم ومحنهم على الرغم من أحواله الاقتصادية الصعبة التي تشكل تحديا قويا له على أرض الواقع .. فهذا البلد لم يتخلّ يوما عن دوره الإنساني الذي يتحمله تجاه الأشقاء تأكيدا لالتزامه بالعمل العربي المشترك ضمن الإطار العربي والاخلاقي والاجتماعي .. وقد استمر الدور الإنساني الذي قدمه الأردن على مدى العقود السابقة في احتضانها للاجئين بدءا من نزوح الفلسطينيين/ مرورا باستقبال الأشقاء العراقيين وأخيرا استقبال اللاجئين السوريين بسبب الاضطرابات التي تشهدها سورية الشقيقة .

بالأمس القريب عدت من زيارة سريعة لمخيم الزعتري وهي الزيارة الثالثة هذا العام وشاهدت عن قرب الأحوال المتردية التي يعانيها الأشقاء هناك بسبب تراجع المساعدات العربية التي أصبحت الى حد ما شبه موقوفة للمخيم .. ويقابل ذلك الدور الاردني الفاعل على مدار الساعة والذي يشكل برمته ضغطا كبيرا على موارده وامكاناته في مختلف مجالات الطاقة والصحة والتعليم والمياه والنقل وغيرها .. وجميعنا يعرف ان الاردن لم يتعاف بعد من تبعات الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم وبالمنطقة نهاية العام 2008 .

وانني أيها الأخوة أنصح كل اردني وعربي أن يزور المخيم ولو لمرة واحدة ليرى بأم عينيه معاناة السلطات الاردنية في توفير الرعاية الكاملة للاخوة السوريين من اسعاف ومأوى ومأكل وغير ذلك .. والزائر الى هناك يصطدم بالواقع المرير ويتخيل نفسه لو فرض عليه كفالة عائلة واحدة بكامل أفرادها في بيته على مدار الساعة كيف سيكون حاله ان لم يقف أحد الى جانبه ويساعده في علاجهم وتأمين معيشة أطفالهم ونسائهم وكبارهم .

والحديث ايها الأعزاء عن مساعدات عربية وأممية مبالغ فيه وهي لا تزيد حتى الآن مجرد شحنات محدودة من جاكيتات قياس واحد ومعلبات حمص وفول وكرفان ناقص التجهيزات وموتور كهرباء وشنطات مدرسية من غير قلم ولا دفتر ولا تكاليف معلم ومعلمة وجميعها لا تسمن ولا تغني من جوع والباقي تتحمله الدولة الاردنية اذ تبلغ كلفة اللاجئ السوري السنوية على الاردن ما يزيد على 2500 دينار اردني .. علما ان الكلفة الحالية لاستضافة السوريين في الاردن للعام الحالي تبلغ اكثر من مليار دينار ومعظمها تتحملها الخزينة وهي مقابل فقط خدمات أساسية تقدم في قطاعات الصحة والتعليم والمياه والطاقة بالاضافة الى كلف الدعم للمواد الأولية حيث لا يصدق المرء ان مخيم الزعتري يحتاج يوميا مع مطلع كل صباح الى مليون ونصف المليون رغيف خبز .

واظهرت الدراسات أن النمو السكاني الطارئ في المملكة تسبب ايضا بضغط على البنية التحتية والمرافق العامة بشكل يلمسه كل مواطن هذا الى جانب سلسلة إجراءات وآليات تعامل بها الأردن مع تدفق أفواج اللاجئين من سورية منذ بدء الأزمة مما ضاعفت من الكلف على خزينة الدولة .. وهذه حقائق أنقلها بمجملها من أرض الواقع حيث لا تستطيع الدولة الاردنية أن تتخلى عن واجبها القومي والانساني ازاء الأشقاء ساعة واحدة وهي لا تستطيع ايضا أن تتحمل كل ذلك بمفردها .. ويبقى المطلوب فزعة الشعب الاردني والوقوف الى جانب الدولة لدعم الأشقاء السوريين في المخيم والله المستعان .