نعم لنقابة للمعلمين تطالب بحقوقهم وامتيازاتهم، ولا ... وألف لا... لنقابة مسيّسة تعمل ضمن أجندة مشبوهة لا تكنّ الاحترام لشرف ومهنة المعلم والمعلمين.
سبق وان تحدثت في مقالة سابقة عن وجهة نظري فيما يتعلق بواقع المعلم في بلدنا الحبيب وسبل تحسين هذا الواقع لما فيه مصلحة الوطن والمعلم معا... كان ذلك في مقالة بعنوان ( المعلم بين رد الاعتبار و \"التسييس\")
نُشرت في العديد من صحفنا الالكترونية.
لقد سبق وان عبرت عن وجهة نظري في مجمل توجهات المعلمين وتحركاتهم لنيل حقوقهم وتحسين أوضاعهم، ولكن وبكل أسف عندما عبّرت عن موقفي من وجود نقابة، اتهمني احد الأصدقاء بأنني عميل \"للحكومة\"!!!!!من منطلق \"إن لم تكن معي فأنت ضدي\".
لم ولن أتوقع يوما بان نيل المعلم لحقوقه المادية والمعنوية ورد اعتباره الاجتماعي والوظيفي \"يجب\" أن يمرّ من خلال نقابة او هيئة بقدر ما يتطلب \"تجييش\" رأي عام شعبي لمناصرة المعلم في قضيته قبل المطالبة بنقابة او هيئة او رابطة.
إن العمل على توعية وتشجيع المسئول والمواطن لدعم المعلم في قضاياه ومظالمه، هو السبيل الوحيد والأمثل للخروج من الأزمة - إن جاز تسميتها كذلك - حيث أن وجود نقابة نرتكن عليها للمطالبة بحقوق المعلم سيكون ذريعة للحكومة لعدم تلبية أي مطلب من مطالب المعلمين في حال وجود مثل تلك النقابة لا سيما وأننا نلحظ أن الكثير من الوصوليون من رموز السياسة الظلامية في هذا البلد يستغلون المعلم لتسييس قضيته والارتقاء على أكتافه مرة أخرى لمصالح آنية أنانية بحته وبذلك تكون ذريعة للحكومة لإعدام مثل هكذا نقابة وليده.
إن المطلوب منّا جميعا في هذا الوطن، أن نعي بان تمكين المعلم من حقوقه كمربي وباني جيل قادر على مواجهة التحديات هو السبيل الوحيد لنقلة نوعية في مجال التعليم في هذا البلد... يجب علينا أن نعمل جميعا لدعم المعلم ماديا بالدرجة الأولى ومن ثم اجتماعيا ومهنيا والعمل على إعادة \"العربة\" إلى خط سيرها الصحيح ليعود المعلم قياديا ورائدا تربويا سيعمل على دعم مسيرة بناء هذا الوطن بالشكل الصحيح، لان المعلم هو من تتلمذ على يديه كل أصحاب الفكر والسياسة والاقتصاد وغيرهم وهو الأولى بتوجيه هولاء اليوم وغدا ومستقبلا، لا أن يكون \"الحلقة الأضعف\" كما هو الحال اليوم.
إن الارتقاء بمستوى المعلم المادي والمهني سينعكس على مستقبلنا كوطن وشعب وأمة... سنلحظ التغيير في مسيرة التنمية والبناء في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والعلمية والخدمية... سنلحظ التغيير في السلوكيات الاجتماعية السلبية التي نراها اليوم لتعود متمسكة بروح الدين والمبادئ والأخلاق والقيم العربية الأردنية الأصيلة... سنلحظ غياب شباب طائش من شوارعنا وسنرى كم لإعادة الاعتبار للمعلم من فوائد جمّة على مجتمعنا ووطننا.
إن إصرار المعلم على وجود نقابة لا يجب أن يكون هدفا وغاية... إن المعلم لا يريد \"مقاتلة الناطور\" بقدر ما يريد تحسين أوضاعه بشكل عام، ومن هنا فإنني أطلق صرخة لكل معلم في هذا الوطن أن لا \"ينجرّ\" وراء هوامير الظلام وأفكارهم السوداوية البائدة التي لا تأخذ مصلحة الوطن في اعتباراتها وتوجهاتها...أناشد المعلم بعدم التركيز على وجود نقابة (فقط) لنيل الحقوق لان ذلك سيكون سلاحا ذو حدين، القاتل منها سامّ سيعمل على قلب شرف هذه المهنة نحو الأسوأ... إنني إذ أناشد كل معلم الإصرار في المطالبة لنيل حقوق المعلم وتحسين وضعه المادي فورا فإنني أناشده بعدم تضييع الفرصة وعدم التركيز على وجود نقابة انتظارا لمجلس نواب منتظر يوافق على إقرارها، ومن هنا ومن على هذا المنبر فإنني اذكّر بأننا نخشى أن \"لا نكون مع الرأس ولا مع الذيل\" كما يقال، وأخشى أن نفقد كل هذا الزخم والتأييد لقضية المعلم العادلة إذا ما تم الاستمرار في هذا النهج.
إنني إذ أعبر عن خشيتي من انحراف القضية عن مسارها الصحيح، فإنني وبدون تردد مع نقابة تسعى لنيل المعلم لحقوقه ومكانته ولكنني في نفس الوقت ضد أي نقابة او رابطة او اتحاد \"مسيس\" يعمل لجهات وتوجهات لا تخدم قضية المعلم بقدر ما تخدم أصحاب الأجندة الوضيعة كما تخدم الحكومة في التسويف لتمكين المعلم من حقوقه ونصبح بذلك كمن قطع لسانه بيده ودمتم.
thabetna2008@yahoo.com