في غمرة احتفالاتنا بالعيد الرابع والستون لاستقلال مملكتنا العربية الأردنية الهاشمية الحبيبة , لابد وان نستذكر الثمن الباهظ والتضحيات الجسام الذي دفعها الأجداد و الأباء في سبيل هذا الاستقلال ومن ثم المحافظة على أن يبقى هذا الوطن الغالي حرا عزيزا سيدا ينعم بالأمن والاستقرار في ظل قيادته العربية الهاشمية الحكيمة , وارثة شعارات وأفكار ومبادئ الثورة العربية الكبرى وتحمل رايتها في سبيل تحرير الإرادة العربية والاستقلال ضد الاستعمار والاستبداد والظلم والاستلاب و التتريك ....
ونستذكر كيف غدر الحلفاء بالثورة عبر اتفاقيه( سايكس بيكو 1916) بين فرنسا وبريطانيا لتقسيم المشرق العربي بينهما , وكيف أنهت فرنسا حلم عرب المشرق بإنشاء دولة عربية مستقلة في سوريا الطبيعية ضمن حصتها المخصصة لها بهذه الاتفاقية اللعينة بالاحتلال العسكري المباشر لها بعد (معركة مسلون 1920) , وكذلك فعلت بريطانيا بالأجزاء المخصصة لها , وخاصة في فلسطين تمهيدا لتهويدها تنفيذا للوعد الشهير من وزير خارجيتها آنذاك المسمى (وعد بلفور1917).
ونستذكر أيضا كيف استطاع الملك الراحل عبد الله الأول رحمه الله من خلال نضاله السياسي الصعب مع دولة الاحتلال أن يشكل (إمارة الشرق العربي ) ثم أصبحت ( إمارة شرق الأردن ) آنذاك , من المواطنين المحليين الأبطال الذين ناصروا الثورة العربية الكبرى وشاركوا بها ومن رجالات الثورة وقادتها من العرب الشرفاء أكثرهم من العرب السوريين بمفهوم ( سوريا الكبرى ) و رجالات حزب ( الاستقلال ) ,وسمى الجيش بأسم( الجيش العربي ) ولم يكن ذلك مصادفة بل قصدا , حيث أن القوات المشاركة بالثورة كانت هي النواة لهذا الجيش البطل , وتيمنا بأن يكون هذا الجيش هو من تكون على يديه الوحدة العربية مستقبلا , هذه الإمارة تكون نواة لدولة الوحدة العربية على الأقل في ( آسيا العربية )....
وكان يرحمه الله خلال حكمه أميرا يعمل جاهدا في سبيل الوحدة العربية في مشاريع وحدوية كان يطلقها مثل ( مشروع سوريا الكبرى ) و ( ومشروع الهلال الخصيب ) , كانت تجد المعارضة من المحتلين وللأسف أيضا من القوى العربية آنذاك, ثم أعلن وحدته المباركة مع ما تبقى من فلسطين بعد حرب (1948) وبرغبة من أهلها ( مؤتمر أريحا الشهير ) رغم معارضه ألا نظمه العربية آنذاك لهذه الوحدة , لخوفهم من الاطروحات الوحدوية آلتي كان رحمه الله يطلقها تماشيا مع أفكار ومبادئ الثورة العربية الكبرى , .
وبقي الأردن العظيم وقيادته العربية الهاشمية المباركة في العهود التالية مرورا بعهد المرحوم ( الملك طلال ) والملك الباني المرحوم ( الحسين بن طلال) طيب الله ثراهم جميعا , و(جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين) حفظه الله ورعاة , فخورا بإرثه العظيم بأنه وارث أفكار ومبادئ النهضة العربية وحاملا لرسالة ثورتها الكبرى , وبقي جيشه العربي البطل ومازال حاملا لهذه الأفكار والمبادئ بل شعاره دوما( نحن دعاتها وحماتها ) , وقدم في سبيل ذلك التضحيات الجسام وما زال يقدم ,فالأردنيون جميعا من شتى المنابت والأصول لم يعرف عنهم إلا انهم دوما وحدويون عروبيون كانوا وما زالوا وسيبقون .
وأما الدعوات الإقليمية والجهوية البغيضة ,و اثارة الفتنه الناتجة ربما عن أسباب شخصية ومقاصد ضيقة أو الناتجة عن قصر نظر البعض في معرفة خطورة ما يطلقونه من أفكار وشعارات , تمس الوحدة الوطنية ,هم ينساقون دون وعي في تنفيذ نظريه ( التفكيك والتفتيت ) الاستعمارية في دول الشرق الأوسط خدمه للمشروع الصهيوني التوسعي وما حصل في العراق وتفتيته خير شاهد ....فهل نتعض ...
لذلك تأتي الكلمة الملكية السامية التي ألقاها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاة في محافظة اربد أمس في هذا السياق حين تطرق جلالته إلى الوحدة الوطنية وعدم المساس بها حيث قال(.....والحمد لله، نحن نسير إلى الأمام بخطى ثابتة وبرؤية واضحة في بناء المستقبل المنشود، الذي يضمن الحياة الأفضل لجميع الأردنيين، وبالعلم والمعرفة وبالإرادة القوية، وبروح الأسرة الواحدة المتماسكة، التي تتصدى لأي جهة تحاول العبث بأمننا واستقرارنا ووحدتنا الوطنية، وهذه ثوابت لن نسمح لأحد بالمساس بها، وسوف نحميها ويحميها كل الأردنيين، على امتداد وطننا الأبي الغالي........ ).
هذه الوحدة الوطنية المقدسة التي تعتبر بين من يقطنون على هذا تراب هذا الوطن الطاهر خطا احمر...لا يجوز المساس به ....لان ذلك هو الثغرة الوحيدة التي يمكن لا عدائنا الولوج من بين ظهر أنينا بها ...وحدة وطنية متماسكة ستكون حصننا الآمن في مواجهة كل المخططات والمؤامرات التي قد تواجهننا في مستقبل الأيام, ومطلوب منا الحذر والاستعداد دائما وعدم الغفلة, والدعوة لمناقشة كل الأمور التي تهم حياتنا ومستقبل أيامنا بيننا بحكمه ورويه وهدوء ودون تشنج ولا مزاوده مع عدم إدعاء تمثيل الآخرين دون اخذ موافقتهم في قول كلمه تكون كالرصاصة التي إن خرجت لن تعود ( فرب كلمة قالت لصاحبها دعني ) .
مبروك علينا جميعا في هذا الوطن الغالي ذكرى (عيد الاستقلال) ووقاه الله سبحانه وتعالى من كل سوء و أبقاه حرا سيدا , و أدام علية أمنه وعزة واستقلاله في ظل قيادته العربية الهاشمية الكريمة وان تبقى رايته مرفوعة عاليا دائما تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله ورعاة .......آمين .....
طلب عبد الجليل الجالودي
talabj@yahoo.com