لم تسعفني نفسي من التوقف عن الضحك عند كتابة عنوان هذا المقال ، هل تدرون لماذا ؟؟ لأنني شعرت أننا في الأردن نحب أن يكون لنا في كل عرس قرص وأننا نحب تقليد غيرنا فقط من اجل التقليد ، فلقد سمعنا أن بعض الدول العربية الغنية سوف تنشئ مفاعلات نووية لأغراض تعليمية الأمر الذي اثار حفيظة وغيرة مسؤولينا بأن بادروا وتسابقوا مع هذه الدول لعمل الأتفاقيات الخاصة بانشاء هذه المفاعلات دون حساب اي شئ المهم أن يكون عندنا مفاعل ، ولقد صرح رئيس هيئة الطاقة النووية الأردنية الأستاذ الدكتور خالد طوقان أن المفاعل سوف يكون لأغراض تعليمية فقط وبكلفة ابتدائية قدرها مئة وثلاثون مليون دينار ولم يكن قد رمش عند ذكر هذا الرقم من باب انها من " طرف الجيبة " أو من باب " سلامة خيرك !!! " .
وحتى لا تسخطون على وتتهمونني بما ليس في وأنني أشكك في مسيرتنا الوطنية كما يقول المسحجون أحب أن أقول لكم أنني أعشق الأردن عشقا لا حدود له وأنني أحب أن أراه الأول في كل شئ سواء من الناحية الأقتصادية أو العلمية والتعليمية والصحية والزراعية وكل مناحي الحياة ، ولكن أن ينطبق علينا المثل " أول ما شطح نطح " فهو الذي دعاني للضحك ، فليس من المعقول أن نبني مفاعلا تعليميا بمئة وثلاثين مليون دينار ومختبرات جامعاتنا تفتقر للكثير من مواد التجارب ناهيك عن ضعف مستوى الخريجين في الكثير من التخصصات !! وليس من المعقول أن نبني مفاعلا تعليميا بمئة وثلاثين مليون دينار ووضع مدارسنا في المناطق الأقل حظا كما أسموها يندى له الجبين بالأضافة لانحدار التعليم الذكوري والوضع الأقتصادي السئ للمعلمين !! وليس من المعقول أن نبني مفاعلا تعليميا بمئة وثلاثين مليون دينار وأنا أرى غياب التنمية الحقيقية والتجاهل المقصود للأستغاثات في معان والطفيلة حيث أصبحتا كالمدن النائية البدائية التي ينقصها كل شئ ألا أنهم يملكون الرجال المخلصون لله والوطن.
وليس كذلك من المعقول أن نبني مفاعلا تعليميا بمئة وثلاثين مليون دينار ونحن نواجه أزمة مائية لا نظير لها سببها مالي وسياسي والأعاقة غير المبررة لمشروع جر مياه الديسي !! وليس من المعقول كذلك أن نبني مفاعلا تعليميا بمئة وثلاثين مليون دينار والبطالة في بلدي لا يعلم حجمها ألا الله !! وليس ايضا من المعقول أن نبني مفاعلا تعليميا بمئة وثلاثين مليون دينار وما زال الصرف الصحي مكشوفا في بعض المناطق كمخيم جرش وغيره !! وليس ... وليس ... وليس ... !!!
أما الذي يثير أستغرابي هو أن الحكومة قد عممت أنها سوف تشد الأحزمة لضبط النفقات بسبب تفاقم العجز ، فهل هذا المفاعل التعليمي أبو المية وثلاثين مليون دينار يعتبر أولوية لنا في الأردن ؟؟ أم أنه نوع من الترف غير المدروس !! وأيهما أولى بالمناسبة المفاعل النووي التعليمي أبو المية وثلاثين مليون دينار أم أستخراج النفط من الصخر الزيتي وما قد يوفره على الحكومة من تخفيض للفاتورة النفطية وانتعاش الوضع الأقتصادي للمواطنين والرقي بكافة مناحي الحياة !!!
أنا لا أشكك أبدا في قدرة وكفاءة القائمين على فكرة المفاعل التعليمي أبو المية وثلاثين مليون دينار ، ولكن في المقابل أدعوهم أن يكونوا منطقيين في طروحاتهم ومشروعاتهم التي يقدمونها للحكومة وأن تكون هذه المشروعات تصب في مصلحة أغلب فئات المواطنين وليس فئة دون الأخرى وأن يكون شعارها " على قد لحافك مد رجليك " .
ومن هنا أدعوا حكومتنا الرشيدة أن تعيد ترتيب أولوياتها بشكل جدي وحقيقي فضبط النفقات والسيطرة على العجز ومحاربة الفساد لا يكون فقط في كتب التعميم على الوزارات والمؤسسات العامة بضرورة أطفاء الأنوار أثناء النهار وعدم أستعمال سخان الماء الكهربائي وصوبة الكهرباء لقحمشة الخبز !! وأنما ضبط النفقات يتم بأعادة تقييم كل المشروعات التي تنوي الحكومة أقامتها وأعطاء المهم منها أولوية التنفيذ لما في خدمة أغلب المواطنيين وبشكل سواء ، وألى لقاء قادم مع المشروع الأكثر اهمية وأولوية بالنسبة لي وهو أستخراج النفط من سطح القمر !!!