خلدون مدالله المجالي
يسفر المشهد الاقليمي والدولي حول الاوضاع الدائرة في الساحة السورية عن مزيدا من التناقض المعيب ان لم نقل المؤامرة المقصودة التي تستهدف استقرار الدولة السورية والتعايش السلمي بين اتباع الطوائف الدينية هناك تتضح اركانها في الدعم المعلن لتنظيم القاعدة في سوريا واصرار الكثير من الانظمة العربية على لعب جميع الاوراق التي تكفل ديمومة طبقة الحكام والمقامرة بمستقبل شعوبها وثرواتها في سبيل ذلك .
تحالف الثروة مع المؤسسة الدينية في البلدان العربية لطالما أدى لتخدير الشعوب وممارسة
التضليل الفكري عليهم بأسم الاسلام والطاعة العمياء لولي الأمر ونراه اليوم ينتج رتلا من الفتاوى المسيسة الداعية لاسقاط الدولة السورية بغطاء الربيع العربي والحريات وحقوق الانسان والمزيد من الادعاءات الزائفة التي لم تشفع في ستر عورة المؤامرة الموجهة ضد دولة نراها بعد 30 شهر من الاحداث تزداد تماسكا وثباتا في وجه من يتباكون على الحرية ووجه من يزعمون انهم يقودون دولا تشبه المزارع الخاصة لا تجد تعريفا سياسيا يناسبها يمنحها الأهلية للاعتراف بها كدول ذات اركان .
الازمة السورية تتخذ طابعا خارجيا وليس داخليا كباقي دول الربيع العربي ومقاتلي الوكالة الذين تجمعوا على الارض السورية من غير مواطنيها بدعم اموال النفط والفتاوى المسيسة يكفي للتدليل على خيوط المؤامرة ومصيبتنا الكبرى في مفتي السلطان في كل دولة عربية تحالفت مع المؤسسة الدينية
وانتجت اسلاما جديدا يناسب متطلبات المرحلة عبر استخدام الفتاوى كأفيون لاسكات الخصوم وقمع الآراء في تلك الدول والسكوت عن حجم الفساد المستشري وتوحيد الدعاء لولاة الأمر باعلاء صوت الاسلام المسيس لخدمة اهدافها الخارجية كلما تطلب الوضع الدولي ذلك .
الدعم الدولي لمقاتلي المعارضة ( ان صح التعبير ) في سوريا أدخل البلاد مرحلة سوداء غير معهودة ، فالاعتداء على اصحاب الطوائف المختلفة هناك باسم الاسلام وتدمير الكنائس باسم الاسلام ونهب آثار البلاد وتقطيع الرؤوس وتدمير البنى التحتية ومقدرات الشعوب باسم الاسلام ، وقتل رجال الدين من مختلف الملل والاديان وترويع الآمنين باسم الاسلام كان نتاجا متوقعا لحالة السفاح بين السلطة ذات الثراء والفتوى ذات الخفاء افرزت ابشع اشكال العنف والهمجية على الارض السورية وما تزال ، وقدمت
بالمقابل الاسلام ضعفا وهربا وخذلانا امام ما يحدث في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي كل بقعة من الارض تنتهك فيها حرمات المسلمين على مرأى ومسمع شيوخ الفتاوى في بلاد العرب اوطاني .
اتساءل كغيري من الناس ؛ هل لدى مقاتلي المعارضة في سورية دينا جديدا أنزل عليهم يضفي الشرعية على كل الفضائع والانتهاكات الممنهجة ضد البشر في سوريا بخلاف الرسالة المحمدية التي تدعو للرحمة وتحكيم العقل والكياسة وتنهى عن ترويع الآمنين وحتى قطع الاشجار مع صون اهل الديانات الاخرى ؛ وهل تبقى لدى الكثير من الانظمة العربية ماءا بالوجه حين تحارب القاعدة في داخلها وخارج الحدود وتدعمها في سوريا باسم الاسلام والحرية والسلام ، ام ان الاحداث الجارية تثبت بشكل لا يقبل الشك بان تنظيم القاعدة اعيد بناؤه فاصبح عبارة عن ( اتفاق دولي ) ليس الا يؤتي اكله حسبما
يرى اصحاب القرار المسيطرين على سلطة الفتوى ؟!! .
ونحن على اعتاب انهيار القطب الامريكي الاوحد في مواجهة الملف السوري ووضوح العجز الامريكي دبلوماسيا وعسكريا وسياسيا في الدخول في مواجهة حقيقية مع الدولة السورية جيشا وشعبا والمشاكل الكبرى التي تعانيها اميركا داخليا وما أدى للتخلي التدريجي من الدول الحاضنة لتلك الجماعات المسلحة عن دورها في دعم وتسليح ( ما تبقى ) من مقاتلي الوكالة ؛ فهل يبقى لدى ميليشيات المقاتلين هناك ادنى مبرر للقتال سوى الحصول على المزيد من الاموال واقامة دولة الخلافة على انقاض الدمار والقتل ورائحة الدم ومن ثم تلقي العلاج في مستشفيات اسرائيل بأسم الاسلام والتزييف وفتاوى الولاء والبراء المضللة فأين ما تبقى من الضمير باعتبار ان العقل في سبات الشهوة
وأفيون الاسلام الذي ارادوه .
Majali78@hotmail.com